أطاحت الحرب الأخيرة التي شنّتها (إسرائيل) على قطاع غزة التي استمرت لـ 51 يومًا، بقيمة الشيقل مقابل العملات الصعبة وأهمها الدولار الأمريكي، حيث سجل سعر صرف الشيكل مقابل دولار أدنى مستوى له منذ عام كامل.
ونتيجة للتدهور في مستويات الشيكل، أعلن بنك (إسرائيل) المركزي في 29 يوليو/ تموز الماضي، خفض سعر الفائدة على القروض الرئيسية التي يمنحها للبنوك بعملة الشيكل بنسبة 0.25%، من0.75٪ إلى 0.5%.
وكان البنك المركزي قد تدخّل في السابع من أغسطس/آب الماضي في سوق العملات الأجنبية لشراء كمية كبيرة من الدولارات ناهزت 400 مليون دولار، وذلك بغرض إضعاف العملة الأميركية التي صعدت مقابل الشيكل في الفترة الأخيرة.
الحرب السبب
ومن جهته، فإن الخبير المالي الدولي الحسن بكر قال إن سعر صرف الدولار مقابل الشيكل شهد تحولات قوية في الاتجاه خلال شهر أغسطس/آب في ظل ما شكّله العدوان (الإسرائيلي) على غزة من تحدٍ جديدٍ للاقتصاد (الإسرائيلي)، إضافة إلى قوة الدولار عالميا، الأمر الذي دفع بـ(الدولار/ شيكل) للوصول إلى أعلى مستوياته منذ نحو عام.
وأضاف بكر في حديث لـ"الرسالة": "وصل الدولار/ الشيكل إلى مستويات 3.5780 وهي مستويات لم يصل إليها منذ سبتمبر 2013".
وبيّن أن خسائر الشيكل تركزت مع بدايات شهر أغسطس الماضي، وبشكل خاص مع بدء العدوان البري ووضوح حجم الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال، تزامنًا مع التحول العام في اتجاه الدولار عالميا وانخفاض اليورو الذي يرتبط بالشيكل كثيرًا.
وأكد بكر أن العدوان (الإسرائيلي) على غزة أضر كثيرًا بالاقتصاد (الإسرائيلي)، معدًا إياه سببا رئيسيا في تراجع أدائه لفترة من المتوقع أن تكون طويلة نوعًا ما.
وعلى سبيل المثال لا الحصر استشهد بكر بالقطاع السياحي (الإسرائيلي) والذي يشكّل 7% من الناتج الاجمالي المحلي للاحتلال، فقد شهد تراجعا بنسبة 26% خلال شهر يوليو مقارنة بنفس الفترة من عام 2013 ، في حين شهد شهر أغسطس تراجعًا أكبر بالسياحة.
ويعاني الاقتصاد (الإسرائيلي)، وفقا لبيانات مكتب الإحصاء المركزي (الإسرائيلي)، تراجعًا في أدائه، بسبب انخفاض حجم وقيمة صادرات الاحتلال إلى الخارج، مقارنة مع ارتفاع في الواردات للشهور الستة الأولى من العام الجاري.
تخفيض الفائدة سيضُر
أما الخبير والمستشار المالي عدنان أبو الحمص، فأرجع انخفاض قيمة الشيكل إلى ثلاثة عوامل: أولها النتائج الاقتصادية (الإسرائيلية) السلبية التي أعلنت عنها كل من وزارة المالية، ومكتب الإحصاء (الإسرائيلي) المركزي مؤخرا، بالإضافة إلى قرار (البنك المركزي (الإسرائيلي) بتخفيض أسعار الفائدة.
وبيّن أبو الحمص في تصريح صحفي أن نتائج الاقتصاد (الإسرائيلي) خلال الربع الثاني، كانت دون توقعات الحكومة والشارع (الإسرائيلي)، وأن هذه الأرقام كانت صادمة للجميع، عدا عن مفاجأة بنك (إسرائيل) المتمثلة في تخفيض أسعار الفائدة إلى 0.5٪.
ورأى أبو الحمص أن العامل الثاني المؤدى لانخفاض قيمة الشيكل هو التراجع الكبير في حجم الصادرات (الإسرائيلية) إلى الخارج، والتي انخفضت بنسبة 14٪ خلال الشهور الخمسة الأولى من العام، مقارنة مع النصف الأول من العام الماضي، -وفقا لأرقام مكتب الإحصاء المركزي (الإسرائيلي)-.
ويتفق أبو الحمص مع سابقه في العامل الثالث المتمثل بتأثيرات الحرب (الإسرائيلية) على قطاع غزة، والتي بدأت في السابع من يوليو/ تموز الماضي.
وبسبب التدهور الجاري في عملة الشكل انتقلت السوق الفلسطينية، في الوقت الحاضر من شراء الدولار الأمريكي، والدينار الأردني، إلى شراء الشيكل بسبب تراجع قيمته أمام سلة العملات الرئيسية (الدولار والدينار واليورو) وهو ما يضعفه أكثر.
أرقام عكس التوقعات
ومما تجدر الإشارة إليه أن أرقام النمو جاءت عكس التوقعات التي خرج بها وزير المالية يائير لابيد مطلع شهر يونيو الماضي، حينما قدر النمو في الربع الثاني من (أبريل/ نيسان - يونيو/ حزيران)، بنحو 3.3٪، خلال حديث مع الإذاعة (الإسرائيلية) العامة.
وكشف تقرير اقتصادي (إسرائيلي) حجم الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي منيت بها (إسرائيل) بسبب صواريخ المقاومة التي وصلت إلى جميع المدن المحتلة، مشيرةً إلى أن الخسائر الاقتصادية دون العسكرية بلغت 10 مليارات شيكل على أقل تقدير.
ويأتي هذا التقرير بخلاف التقديرات (الإسرائيلية) السابقة بأن الخسائر بلغت 3 مليارات شيكل خلال فترة الحرب.
ولفتت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن هذه الخسائر ستتكبدها الدولة لأن (إسرائيل) ستضطر لتعويض خسائرها بفرض مزيد من الضرائب على سكانها ما سيؤدي إلى ضعفها اقتصاديًا.
ومن جهة أخرى كشفت الصحيفة ذاتها أن الخسائر التي لحقت بالمؤسسة الأمنية (الإسرائيلية) بلغت 9 مليارات شيكل، مشيرًة إلى أن الجيش بحاجة إلى تعويض تلك الخسائر بـ10 مليارات شيكل، إلى جانب ميزانية أخرى بـ 12 مليار شيكل لتعويض خسائر استدعاء الاحتياط، ما يعني أن ذلك سيزيد من العجز العام للموازنة (الإسرائيلية) لعام (2014-2015).
واعترف بنك (إسرائيل) أن السبب الرئيسي لتراجع النمو الاقتصادي، الذي دفعهم لخفض معدلات الفائدة، هو الحرب على قطاع غزة وما سببته صواريخ المقاومة الفلسطينية سلبًا على الاقتصاد (الإسرائيلي)، يتبعه تباطؤ في الاقتصاد العالمي.