قائمة الموقع

عباس يقايض سلاح المقاومة بمفاوضات جديدة

2014-09-11T13:16:31+03:00
رئيس السلطة محمود عباس
الرسالة نت- شيماء مرزوق

"أقل من شهرين" مدة استطاع خلالها رئيس السلطة محمود عباس أن يحوز على لقب رجل الانقلابات الصعبة بامتياز في الساحة الفلسطينية, فقد أطلق عدة مواقف أصابت الكثيرين بالصدمة والذهول وشكلت انقلابا على كل التوقعات والتنبؤات خلال هذه المدة التي شنت (إسرائيل) فيها حربها على غزة ردت عليها المقاومة بإطلاق صواريخ جديدة وتنفيذ عمليات نوعية.

لم يجد الرئيس وصف لها انسب من "تجارة حروب", مما أثار ضده الرأي العام الفلسطيني, لكنه عاد وانقلب على هذه التصريحات بموقف مغاير تماماً في محاولة منه لركوب الموجة خاصة بعدما القى خطابا خلال الحرب جاء في خاتمته آية قرآنية تحث على الجهاد لأول مرة في تاريخه.

الخطاب الذي صدم الجميع وساهم في دعم صمود الشارع الفلسطيني الذي عاش لحظات وحدة والتحام غير مسبوقة انتهت تأثيراته في اليوم الاخير للحرب التي كانت على ما يبدو تربط لسان عباس, وما ان بدأ غبار المعركة والدمار بالزوال حتى شن حملة ممنهجة وشرسة ضد المقاومة وحركة حماس, فيما يشكل انقلاب واضح على اتفاق وقف اطلاق النار ومحاولة لعرقلة تنفيذ بنوده بل وتملص من المصالحة ايضاً التي هدد بإنهائها إذا لم تستجب حماس لشروطه وعلى رأسها سلاح المقاومة.

عقوبة الصمود

لم يجد الرئيس الفلسطيني شيئا يستحق الحديث عنه بعد خمسين يوماً من الحرب الطاحنة في غزة في اجتماع الجامعة العربية سوى ما يصفه بانقلاب حماس قبل ثماني سنوات, متجاهلاً كل الدمار والمعاناة والجراح التي تئن منها غزة, ما دفع برئيس الجلسة الى اسكاته وجعلها جلسة مغلقة, نظراً للإحراج الذي تسببه تصريحاته بعد حرب ضروس خاضها شعبه.

الهجوم الغريب وغير المبرر الذي يشنه الرئيس يؤكد أن امام ضحايا غزة من جرحى ونازحين واهالي شهداء ايام صعبة قد يجدوا خلالها من يحاول معاقبتهم على صمودهم, خاصة ان عباس يؤكد انه لا وجود لحكومته في غزة والتي عليها مسئولية تطبيق الاتفاق، وبالتالي فإن نوايا عرقلة الاتفاق واطالة أمد المعاناة تبدو ماثلة للجميع, في محاولة للمساومة على  سلاح المقاومة.

الانقلاب الذي احدثه عباس في الوحدة الميدانية العسكرية والسياسية في الساحة الفلسطينية له علاقة بما يجري في أروقة الأمم المتحدة لاستصدار قرار نزع سلاح المقاومة, ومن جانب آخر إحباط المفاوضات غير المباشرة وإفشالها بحسب اتفاق المبادرة المصرية كما يرى المحلل السياسي محمد خليل مصلح.

ويشير مصلح في مقال له ان الدول الحاضنة للمشروع الصهيوني تسعى لانتزاع قرار أممي بشأن سلاح المقاومة وهدم الأنفاق في غزة, ويبدو أن هذا المسعى مرتبط بآفاق سياسية يفصح عنها الرئيس في مسعى منه إلى طمأنة رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو للقبول بما صرح به أنه وافق على دولة فلسطينية على حدود 1967 ولم يبقَ إلا ترسيم الحدود, رغم نفي الناطق باسم نتانياهو.

هروب إلى الأمام

صحيفة اردنية كانت قد كشفت عن لقاء سري عقد في الاردن بين نتانياهو وعباس خلال الحرب على غزة, ما يؤكد وجود تفاهمات او رؤية للتعامل مع سلاح غزة.

وفي هذا السياق يرى مصلح أن القرار الأممي ومشروع "أبو مازن" وعودة نتنياهو إلى مطالبه بإنهاء الوحدة الفلسطينية وفسخ العلاقة مع حماس وتخيير "أبو مازن" بين حماس و(إسرائيل) والمفاوضات ؛ يؤكد أنه كانت هناك لقاءات تجري بين الرئيس وتلك الأطراف بعيدا عن ساحة القتال في غزة.

ويقول "الصورة تكتمل وتفسر بعضها: تصريحات عباس الانقلابية على صورة الوحدة الميدانية والسياسية ؛ وفتح المعركة على حماس ؛ ظناً منه أن بإمكانه تلبية رغبة ليفني بالسيطرة على قطاع غزة واستبعاد المقاومة ومصادرة القرار بالحرب والسلم من المقاومة".

ويضيف مصلح "عباس ينقلب على عقبيه بقتل الفرص القائمة والممكنة والقفز على إنجازات المقاومة للعودة إلى وحل أوسلو؛ في خطوة تكتيكية لإعادة إحيائها بعد أن قبرتها حرب غزة تحت أنقاضها, فمشروع الرئيس هروب إلى الأمام من الالتزامات الوطنية والتفاف على إنجازات المقاومة والحرب على غزة".

حماس من جهتها تدرك هذه اللعبة جيداً وهو ما يفسر صمتها ورفضها الرد على الهجوم العنيف عليها في محاولة لتفويت الفرصة على عباس ورغبة منها في الحفاظ على حالة الالتحام والوحدة في الساحة الفلسطينية, لكنها في المقابل أعطت ردودا مبكرة غير مباشرة عندما صرح أبرز قادتها أن سلاح المقاومة مقدس.

ورغم الوتيرة المرتفعة للهجوم الا ان الحركة تضغط باتجاه استئناف الحوارات مع فتح تمهيداً لمباحثات القاهرة, حيث تحدثت انباء عن وجود تدخلات لتهدئة الاجواء بين الحركتين ومحاولة عقد لقاء في اقرب وقت ممكن.

اخبار ذات صلة