استل رئيس السلطة وأمين عام حركة فتح محمود عباس سيفه ليطعن به الضحية التي ذبحت على مدار 51 يومًا من جيش الاحتلال، بتشويه المقاومة، ضاربًا عرض الحائط كل الاخلاقيات والاعتبارات الوطنية.
عباس ترك العنان لجوقته في تشويه مواقف المقاومة، بزعم أنها فرضت إقامة جبرية على أبناء فتح في غزة، متجاهلا في غمرة المعركة الأسطورية في غزة دور شرفاء بفتح خلعوا عنهم عباءة قادة التنظيم السياسية، وارتدوا بزة الحرب مدافعين عن أبناء شعبهم.
ولعل عباس الذي تجاهل المقاومة خلال أيام العدوان المتواصلة، قد غاب عنه أن ثمة عمليات نوعية سجلها مقاومون ينتمون لحركته التي تبرأت رسميًا من جناحها العسكري، واقصتهم عن المشهد التنظيمي خلال مؤتمراتها الحركية، ليفندوا اكاذيبه وأكدوا أنه لم تفرض عليهم اقامات جبرية.
"الرسالة نت" التقت بمتحدثين باسم ألوية عسكرية لكتائب شهداء الأقصى "الابن الشرعي" لحركة فتح, كما يشددون على أنه لا يملك أحد اقصاءهم من الحركة حتى ولو كان عباس.
واعتبروا أن اجنحتهم العسكرية هي امتداد ثوري لمبادئ الثورة الفلسطينية، ويؤكدون أن عباس حرف بوصلة سلفه الشهيد ياسر عرفات التي صوبها تجاه المحتل، وبات الأول يمثل عبئا حقيقيا على القضية، معتقدين أن تصريحاته تأتي ضمن سياق مشروع يستهدف المقاومة في غزة.
وطبقًا للنظام الداخلي لحركة فتح حسب المادة 12، فهي تقول إنها أنشئت لتحرير كافة التراب الفلسطيني، وأن الكفاح المسلح هو الطريق لذلك، وهو ما غيرته الحركة ضمن ابجديات تجربتها السياسية التي اعتمد قادتها على العملية السياسية وقد تنازلت بموجبها عن حق العودة وما يزيد عن 78% من فلسطين في اتفاق أوسلو وما تبعها خلال عملية التسوية.
ارتدادات لفشل التسوية
أبو محمد المتحدث باسم لواء الشهيد نضال العامودي كتائب شهداء الأقصى، يقول إنهم امتداد طبيعي لقوات العاصفة التي مرغت انف الاحتلال في ساحات النضال والمواجهة في الخارج، وهي تؤمن بشكل مطلق بالكفاح المسلح كخيار استراتيجي لاسترداد الحقوق بعد فشل عملية السلام خلال العقدين الماضيين.
وأكدّ أبو محمد لـ"الرسالة نت" أن الفلسطينيين خلال العقدين الماضيين من التسوية، كانوا بغنى عن هذه الفترة التي دمرت مؤسسات السلطة بالكامل، وكذلك كانوا قادرين على توجيه ضربة مؤلمة لـ(إسرائيل) خلالها.
وعبّر عن رفضه لكل السياسات الظالمة ضد غزة والمقاومة تحديدًا، مستنكرًا في الوقت نفسه، ما تتعرض له المقاومة من ظلم في الضفة المحتلة ودعا الأجهزة الأمنية فيها إلى نفض الغبار عن سلاحهم وتصويبها نحو صدر المحتل.
ويوافقه الرأي رامي أبو كرش المتحدث الرسمي باسم كتائب الشهيد عبد القادر الحسيني أحد أفرع كتائب شهداء الأقصى، الذي قال إن احصائيات الشهداء والمعتقلين خلال عملية التسوية هو أضعاف من فقدهم الشعب في الحرب الأخيرة للقطاع.
وقال أبو كرش لـ"الرسالة نت" إن السلطة تعلم جيدًا أن (إسرائيل) لم تكن جادة في عملية التسوية، ولم تعط الشهيد عرفات أي شيء برغم الفرصة التي اعطتها المقاومة له.
العسكر والتنظيم
وبدا أن عباس أخرس كل الالسنة في المجلس الثوري التي تطالب بإعادة الاعتبار لنهج المقاومة، وقد فرض حظرًا على أي محاولة تقدم لهم في اللجنة المركزية للحركة، كما فعل بشخصيات كثيرة من بينهم حسام خضر القيادي البارز في الحركة بجنين.
أبو محمد يؤكد أن عباس مارس هذه السياسة، وأقصى أعضاء مجلس ثوري وتشريعي بدعوى محاربة التجنح، معربًا عن رفضه لكل هذه الإجراءات لأنها لم تتم عبر محاكم ثورية بل عبر شخص ورأي رئيس الحركة فقط.
ويضيف "اعتقدنا أن عباس عاد الى وعيه في خطابه بداية العدوان، ولكنها كانت عبارة عن لعبة سياسية"، داعيًا إياه لحل السلطة وتشكيل جيش شعبي لمقاومة الاحتلال، معتبرًا ان ما يتحدث به عباس ضد المقاومة يمثله كرئيس ولا يمثل التنظيم.
سلاح الشرعية
وفي ظل الحديث عن الشرعيات، اعتبر أبو محمد أن البندقية هي التي تحدد الشرعية، وأن (إسرائيل) ومن يتوافق معها إلى زوال.
أما أبو كرش فمن جهته، وجه تساؤلا لمن يشكك بشرعية المقاومة، "من الذي جاء بالسلطة إلى الأراضي المحتلة أليست المقاومة؟!"، رافضًا في الوقت نفسه منطق تحميل المقاومة المسئولية عما جرى في العدوان الأخير على غزة، وتبرأة الاحتلال من هذه الجريمة.
وقال أبو كرش إن هذه الحرب فرضت على غزة، ضمن مؤامرة إقليمية ودولية لنزع سلاح المقاومة الذي يشكل عثرة في مشروع التسوية بالمنطقة، وافراغ حالة الالتفاف الشعبي على المقاومة.
وأضاف "هي مؤامرة حقيقية بدـأت تطل برأسها مصاحبة بخط اعلامي غير محترم، الغرض منه تشويه الصورة الناصعة التي مثلتها المقاومة".
وأكدّ أبو كرش أن أي عملية سياسية تقوم على تهميش المقاومة واقصائها، يعني فشلها، وإن لم تكن المقاومة جزءا منها فلن يكتب لها النجاح.
وحدة المقاومة
وبرغم محاولات الوقيعة بين فصائل المقاومة، خاصة بين مقاتلي كتائب شهداء الأقصى وكتائب الشهيد عز الدين القسام، والزعم بأن حماس منعت مقاومي فتح من المقاومة في القطاع، أكدّ أبو محمد أن المقاومة شكلت لحمة واحدة في الحرب الأخيرة على غزة.
وقال أبو محمد إننا خرجنا من مهرجان الانتصار يدنا واحدة، وشرف لنا أن تكون علاقتنا متميزة مع كتائب القسام وكل فصائل المقاومة.
أمّا أبو كرش فأكد أن علاقتهم بكتائب القسام وكل فصائل المقاومة على افضل ما يرام، وأنهم متمسكين بضرورة افشال الأهداف المعلنة للاحتلال والقاضية بإعادة الشعب الفلسطيني الى الانقسام مرة أخرى.
وقد أعلنت هذه الاجنحة العسكرية التابعة لحركة فتح عن عمليات نوعية خلال تصديها للعدوان على غزة، في الوقت الذي هاجمها فيه رئيس التنظيم محمود عباس.
وقالت مصادر لـ"الرسالة نت"، إن كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، قد مدت معظم الاجنحة العسكرية ما تحتاجه من أسلحة نوعية وضرورية اثناء مراحل الاعداد وخلال العدوان (الإسرائيلي) على غزة.
وقد وفرت الأجهزة الأمنية المعنية بالكتائب حماية لكل المقاومين في الميدان، وقد ادارت غرف عمليات مشتركة انضم لها قيادات بأذرع عسكرية لفتح.
وقد ثمّن قيادي بكتائب القسام، الجهود التي بذلت من كتائب شهداء الأقصى، مؤكدًا وحدة الدم والمصير بين كل أبناء شعبنا، وان هذا الواجب الذي قامت به المقاومة سيبقى خالدًا مسجلًا في ذاكرة الشعب الفلسطيني، ويعبر عن اصالة مواقف هؤلاء الرجال.