تراجعت أسعار الذهب إلى أدنى مستوياتها في ثمانية أشهر متأثرة بتكهنات بأن يرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (المصرف المركزي الأميركي) أسعار الفائدة العام المقبل، وبتحركات مؤشر الدولار الذي اتجه لتسجيل أطول موجة صعود له منذ عام 1997.
وسجل المعدن النفيس أكبر خسائره الأسبوعية منذ أواخر مايو/ آيار الماضي، بهبوطه 3.1%، الذي أثّر على معادن نفيسة أخرى، إذ بلغ البلاتين أدنى مستوى منذ بداية السنة.
وصعد مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات الرئيسية، مع اقتراب برنامج التيسير الكمي الذي يتبناه مجلس الاحتياطي من نهايته المتوقعة في أكتوبر المقبل، حيث ضخ المصرف المركزي قرابة 4 تريليونات دولار في الاقتصاد بموجب هذا البرنامج.
الدولار أقوى
ومن جهته رأي الخبير المالي الدولي الحسن بكر أن انخفاض الذهب يأتي نتيجة التحول في اتجاه الاقتصاد الأمريكي نحو القوة في الفترة الأخيرة وبالتالي تقليص برامج التيسير الكمي وهو ما أثر على السيولة المتاحة لاقبال البنوك والمحافظ الاستثمارية على شراء الذهب.
وقال بكر في حديث لـ"الرسالة نت" إن البنك الفدرالي الأمريكي بدأ بمواجهة الأزمة المالية وتقليصها مع بداية العام، متوقعًا الانتهاء منها في شهر أكتوبر المقبل.
وبيّن أن التحسن في الاقتصاد الأمريكي دفع الدولار للقوة عالميا وهو ما كان له أثر نتيجة العلاقة العكسية ما بين الذهب والدولار، فكلما ارتفعت العملة الخضراء انخفض سعر المعدن الأصفر والعكس كون الذهب مسعر عالميًا بالدولار.
وعلى الصعيد المحلي أكد بكر أن انخفاض سعر الذهب سيخفّف العبء عن الشباب المقبلين على الزواج، بالإضافة إلى تحسين الطلب على الذهب لدى الصاغة.
واستدرك قائلًا: "الطلب لن يزيد بشكل كبير نتيجة ما مر به الاقتصاد الفلسطيني من أزمة نتيجة العدوان الاسرائيلي على غزة وانعكاساته الاقتصادية التي تسببت في شلل الاقتصاد وهو ما دفع العديد من المواطنين اللجوء إلى مدخراتهم التي كثيرا ما تكون عبارة عن ذهب".
ونزل سعر الذهب في المعاملات الفورية إلى أدنى مستوى منذ العاشر من يناير/ كانون الثاني عند 1227 دولارا للأوقية، وسجل المعدن انخفاضا نسبته 1% ليصل إلى 1228 دولارا للأوقية.
ومن بين المعادن النفيسة الأخرى تراجعت الفضة 0.4% إلى 18.56 دولارا للأوقية، بعدما سجلت في وقت سابق من التعاملات أدنى مستوى لها في 14 شهرا وتكبدت الخسارة الأسبوعية الثامنة في 9 أسابيع، فيما نزل البلاتين 0.2% إلى 1362 دولارا للأوقية.
السبب: رفع الفائدة
أسامة امسيح المختص في بيع الصاغة قال بدوره إن أسعار المعدن الأصفر انخفضت في الأسواق العالمية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، متوقعا استقرار أسعار الذهب عند حدود 1260 دولارا للأونصة.
وأوضح امسيح في تصريح صحفي أن انخفاض الذهب جاء نتيجة تصريحات البنك الفدرالي الأمريكي بقرب تخفيض سعر الفائدة بالإضافة الى الهدوء النسبي في أوكرانيا وانتهاء حرب غزة، مشيرا إلى أن السبب الرئيس في انخفاض الذهب هو ارتفاع الدولار الذي سجل أعلى سعر له في 10 أشهر.
وأدى تراجع أسعار الذهب لأدنى مستوياته إلى تعويض الدولار خسائره التي مني بها بعد تقرير الوظائف الأميركية الذي جاء مخيبا للآمال وهو ما هدّأ المخاوف من زيادة مبكرة لأسعار الفائدة.
وينظر إلى سوق الوظائف على أنها مؤشر مهم على اتجاه سياسة أسعار الفائدة الأميركية في الأشهر المقبلة بعد الانتهاء المتوقع لمشتريات البنك المركزي من السندات في أكتوبر المقبل.
واستفاد الذهب من انخفاض أسعار الفائدة في السنوات التي أعقبت الأزمة الائتمانية مع إقبال المستثمرين على ضخ أموالهم في الأصول التي لا تنطوي على فائدة.
وتعمد أسعار الذهب للارتفاع عند تراجع الثقة بالنظام الاقتصادي العالمي، في حين تميل للانخفاض عندما ترتفع الثقة بالأسواق، حيث ظل الذهب على الدوام ينظر إليه باعتباره التحوط الأفضل إزاء التضخم.
ويحاول المعدن الأصفر جاهدا للوقوف في وجه تقدم الدولار الأمريكي المستمر إلا أن ضغط الأخير أقوى ليجبره على التراجع أدنى مستويات 1250 دولار، ونجح في الثبات دون ذلك واقترب من أعتاب الدعم الهام 1240 دولار مما سيزيد من الضغط على الذهب لاختبار مستويات أدنى من ذلك.
نقاط تحول الذهب
وتكمن إيجابية الذهب في العودة أعلى مستويات 1258 دولارا للأونصة والثبات فوقها سيجعله يتجاوز مستويات المقاومة 1266.5 دولار، وحينها سيؤهل الذهب من الوصول لمستويات المقاومة 1279 دولارا للأونصة.
ولا شك أن اختراق القيمة الأخيرة سيفتح له المجال لزيارة المقاومة المهمة عند 1300 دولار والتى تعتبر حاجزا نفسيا لاختراقها، وإذا نجح في ذلك سيشهد ارتفاعات عند 1319.23 دولار ومن ثم عند 1345.12 دولارا للأونصة.
ونوّد التنويه إلى أن استمرار سلبية التداول أسفل مستويات المقاومة الهامة 1250 - 1266 دولارًا للأونصة، أجبر الذهب على الوصول لمستويات 1240 دولارا للأونصة ومن ثم عند مستويات الدعم 1231.22 وأخيرا عند 1221.13 دولارا للأونصة، حيث أن كسر نقطة الدعم 1245 دولار والثبات أسفل تلك النقطة دعم استمرار الميل الهابط المقترح.
ويعاني الذهب جراء تزايد التوقعات بأن "المركزي الأميركي" سيرفع أسعار الفائدة في 2015، وهي خطوة ستعزز الدولار المقوم به المعدن الأصفر، بينما تزيد تكلفة حيازة الذهب الذي لا يدر فائدة.
ومما تجدر الإشارة إليه أن سعر أوقية الذهب ليوم أمس الأحد بلغ 1228.55 دولارًا.