قائمة الموقع

حقوق ضحايا غزة مرهونة بمصالح عباس

2014-09-15T17:07:11+03:00
قصف اسرائيلي على غزة
الرسالة نت- لميس الهمص

تعرقل السلطة الفلسطينية أي محاولة لمعاقبة دولة الاحتلال على جرائمها بحق المدنيين الغزيين، فدماء المئات من الشهداء والجرحى لم تدفعها لتغيير سياستها مع دولة الاحتلال، بل لجأت لاستخدام معاناتهم كمادة للمساومة السياسية وجلب المنافع لها.

وفي اليوم الثامن والعشرين للعدوان (الإسرائيلي) على غزة، وقف وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي أمام مكتب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مهددا بمحاكمة دولة الاحتلال، لكن ذلك التهديد لم يكن سوى زوبعة في فنجان.

ذلك ما أثبتته تأكيدات حقوقيون ومسؤولون فلسطينيون لـ"الرسالة نت"، إلى جانب وثيقة سربتها قناة الجزيرة تثبت أن السلطة الفلسطينية عرقلت الجهود المبذولة لبدء محاكمات فعلية لدولة الاحتلال، فهي ماتزال ترفض التوقيع على ميثاق روما.

مجرد ذرائع

وكانت كبيرة المدعين في المحكمة الجنائية الدولية قد كشفت أن السلطة الفلسطينية حالت حتى الآن دون بدء تحقيق رسمي من المحكمة في جرائم الحرب (الإسرائيلية) الأخيرة في قطاع غزة, وهو ما يثير تساؤلا عن احتمال تعرضها لضغوط خارجية.

وحصلت وحدة الصحافة الاستقصائية في الجزيرة على وثيقة سرية قالت فيها المدعية الغامبية فتو بنسودة إنها "لم تتلق تأكيدا إيجابيا" من وزير الخارجية "المالكي" بأن الحكومة الفلسطينية وافقت على طلب تقدم به وزير العدل الفلسطيني سليم السقا للمحكمة لفتح تحقيق في تلك الجرائم, ما يعني أن السلطة الفلسطينية لم تصدق على الطلب.

ويشترط نظام المحكمة الجنائية الدولية موافقة رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو وزير الخارجية على الطلب الذي يتم التقدم به إلى المحكمة لفتح تحقيق, وهو ما لم يحصل في الحالة الراهنة.

وفي هذا السياق أشار رامي عبدو مدير المرصد الاورومتوسطي لحقوق الانسان، أنه نقل خلال الحرب على غزة وفي أكثر من مرة معلومات موثقة من داخل مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية تفيد بتقاعس السلطة عن القيام بواجبها تجاه تفعيل قضية محاكمة دولة الاحتلال.

ويؤكد عبدو في سياق حديثه لـ"الرسالة نت" أن ملاحقة الاحتلال قضائيا غير مرتبط بوثائق، وإنما بحاجة لإجراءات رسمية يتعين على السلطة القيام بها، معتبرا أن المسألة لا تحتاج كل هذا الوقت حتى تقوم السلطة بمسؤولياتها.

وبين أن الواقع يؤشر إلى غياب الإرادة السياسية لدى السلطة في التوجه للمحكمة الجنائية ومحكمة الجنايات الدولية، منوها إلى أن المدعية العامة صرحت للجارديان والمحت إلى انزعاجها من عدم قيام الرئيس محمود عباس التوقيع على الاتفاقية والتوقيع على ميثاق روما كون ما يتعرض له ضحيا العدوان يجب الا يكون مادة للنفعية السياسية.

لا تحتاج لهذا الوقت

وحول الإجراءات التي تحتاجها السلطة لانضمامها لميثاق روما ومحاكمة الاحتلال قال عبدو: "الامر يحتاج ورقة واحدة من ثلاثة اسطر تعلن فيها السلطة موافقتها الانضمام لميثاق روما، إلا أنها امتنعت عن ارسال الرسالة وابطلت طلبا قدمه وزير العدل الفلسطيني خلال العدوان لمحاكمة قادة الاحتلال".

وبحسب عبدو فإن السلطة رفضت الدور الذي قام به النائب العام الفلسطيني اسماعيل جبر، ووزير العدل السقا، فيما يتعلق بالتحقيق في جرائم الاحتلال لقولها إنهما ليسا المخولين بتقديم ذلك الطلب.

وقال مدير المرصد الارومتوسطي لحقوق الانسان: "إن مؤسسات حقوق الإنسان ابطلت كل ذرائع وحجج السلطة في عدم الانضمام حتى اللحظة لميثاق روما، ما يؤكد غياب الإرادة السياسية والرغبة في المماطلة، داعيا السلطة لأن تكون واضحة مع شعبها ومؤسسات حقوق الانسان التي طالبتها تكرارا للانضمام للمعاهدات وتوقيع ميثاق روما.

ويسمح نظام محكمة الجنايات الدولية بمحاكمة أي جريمة حرب نفذت بعد موعد تأسيسها في العام2002م ، ويذكر عبدو أن السلطة لو باشرت في الإجراءات فإن قيادات الاحتلال سيكونون ملاحقين في أكثر من 130 دولة في أقل من عام .

لعبة سياسية

وقد حصلت فلسطين على اعتراف دولي عام 2012، اثر نجاحها في انتزاع تصويت من الأمم المتحدة على قبولها بصفة "دولة مراقب".

مصدر مسؤول في وزارة العدل بغزة- رفض الكشف عن أسمه- ذكر أن السلطة تعرقل فعليا الطلب الذي تقدم به الوزير السقا عن طريق شركة فرنسية لمحاكمة قادة الاحتلال، مبينا أن المطالبة كانت بمبادرة فردية دون الرجوع لقيادة السلطة الفلسطينية.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد طلب من الفصائل الفلسطينية "تفويضه" كي يوقع على ميثاق روما الممهد لعضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية.

وقد وقعت حركة المقاومة الإسلامية حماس على الورقة التي اشترط الرئيس عباس موافقة الفصائل عليها, فيما لم يتضح السبب وراء مماطلة رئيس السلطة في التوقيع على ميثاق روما.

واستخدم الرئيس عباس قضية الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية أداة للمساومة مع (إسرائيل). ولا أدل على ذلك من أن نبيل شعث، المسؤول في حركة فتح، كان قد أخبر وكالة معاً الفلسطينية للأنباء بأن عباس قد يلجأ إلى تفعيل طلب العضوية إلى المحكمة الجنائية الدولية فيما لو رفض مجلس الأمن الدولي طلباً بتحديد سقف زمني حده الأعلى ثلاثة أعوام لانسحاب (إسرائيل) إلى حدود عام ١٩٦٧.

وفي حزيران جرى تسريب تسجيل صوتي لصائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، ادعى فيه أن عباس وعد رئيس الوزراء (الإسرائيلي) نتنياهو بعدم التقدم بطلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.

لا يوجد عائق

وفي ذات السياق قال المحامي والخبير في القانون الدولي صلاح موسى، "لقد أضاع الفلسطينيون وقتا طويلا في قضية الانضمام الذي يحتاج إرادة سياسية، ولو أننا سارعنا بالانضمام لأشغلنا (إسرائيل) بحرب ذات بعد قانوني، وهي منذ الحرب بدأت بإعداد ملفات تفصيلية بما ضربته على غزة وبما ضُرب عليها، لكن بالنسبة للفلسطينيين لم يهيئوا أنفسهم لهذه المعركة بعد".

الخبير بالقانون أشار إلى أنه لا يوجد عائق قانوني أمام الفلسطينيين للانضمام لميثاق روما، ومحكمة الجنايات، ولو كان هناك قرار سياسي بالانضمام لكانت الإجراءات القانونية للانضمام هي مسألة وقت، حسب قوله.

وفي حالات سابقة, أقنع مسؤولون أميركيون القيادة الفلسطينية بعدم اللجوء إلى المحاكم الدولية لمقاضاة مسؤولين (إسرائيليين) مثلما حدث عقب صدور تقرير "غولدستون" الذي اتهم (إسرائيل) باقتراف جرائم حرب في عدوانها على قطاع غزة نهاية 2008 ومطلع 2009.

اخبار ذات صلة