حذر رئيس سلطة المياه في قطاع غزة المهندس ياسر الشنطي من خطورة الوضع المائي في قطاع غزة، مشيراً إلى أرقام صادمة حول واقع المياه كماً ونوعاً في القطاع، مؤكدًا استنزاف 100 مليون كوب سنويًا من الخزان الجوفي للقطاع الساحلي.
وقال الشنطي في حديث خاص بـ"الرسالة نت": إنّ القطاع يعاني من نقص 100 مليون كوب سنويًا في المياه"، مشيرا إلى أن مجمل ما يحتاجه القطاع 200 مليون كوب سنويًا، وأن 85% من آبار غزة غير صالحة للشرب أو حتى الاستهلاك الآدمي، ويقتصر استخدامها على الجانب الخدماتي فقط.
وأوضح أن آبار غزة لا تنطبق عليها شروط منظمة الصحة العالمية، والتي تنص أن يكون الحد الأدنى لعنصر الكلورايد 250 مليجرام في اللتر بينما تصل في آبار غزة أحيانا لـ4 آلاف أي ما يعادل نسبة ملوحة البحر تقريبًا، مبيناً أن عدد الآبار المدمرة في غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير وصل لـ778 بئر، فيما تم تصليح حوالي 162 بئرا فقط، أي أن حوالي 80% من آبار غزة لا تزال مدمرة.
80% من آبار غزة غير صالحة للاستخدام البشري
وبيّن الشنطي أن معدل استهلاك الفرد للمياه في غزة 90 لتر في اليوم تقريبًا، وهي أقل من معدل الحد الأدنى لمعايير منظمة الصحة العالمية، التي تقدرها ما بين 100-150 لترا في اليوم تقريبًا.
وأفاد أن مياه الأمطار تعوض 50 مليون كوب فقط من مجمل ما يحتاجه القطاع، و50 مليون أخرى يتم تعويضها داخل الخزان الجوفي عن طريق مياه الري وغيرها، وتابع: "مجمل ما يتم الاستفادة منه بشأن مياه الأمطار لا يتعدى 40% من الكميات التي تهطل على القطاع بفعل التوسع العمراني وقلة الأراضي الزراعية في غزة، حيث يذهب 60% من مياه الامطار إلى البحر".
ونبه الشنطي إلى تدني كفاءة شبكة توزيع المياه في غزة، مشيراً إلى أن نسبة الفاقد من المياه يصل لـ40% تقريبًا بسبب رداءة الشبكة.
80% من آبار غزة لا تزال مدمرة بعد عدوان 2014م
استنزاف المياه
ونوه رئيس سلطة المياه في قطاع غزة إلى خطورة استنزاف مياه الآبار بغزة، لما ينجم عنها من ارتفاع منسوب مياه البحر داخل الآبار، مشيرا إلى أن منسوب المياه الجوفية أقل من مياه البحر بنسبة 15 مترا تقريبًا، الأمر الذي أدّى لارتفاع نسبة الملوحة في مياه الآبار. وعزا ذلك لكثرة ضخ المياه من الابار، سواء كان لأغراض منزلية أو خدماتية أو حتى تلك الزراعية والسياحية وغيرها من الآبار التي يتم حفرها لاستخدامات مختلفة.
وأشار إلى وجود 2700 بئر مرخصة، إضافة لـحوالي 6- 7 آلاف بئر غير مرخصة في قطاع غزة ، لافتًا إلى وجود إجراءات صارمة بدأت تتخذها السلطة تجاه من يتعدى على المياه بحفر آبار غير مرخصة "لأن ذلك اعتداء على المال العام"، وفق قوله.
وأضاف أن هناك فرق تفتيشية تعمل على مدار الساعة للكشف عن هذه الابار، وإحالة أصحابها إلى النيابة لاتخاذ إجراءات بحقهم، حال أصروا على عدم تسوية أوضاعهم القانونية عبر سلطة المياه.
40% من المياه تفقد بسبب رداءة شبكة توزيع المياه في غزة
وتابع الشنطي "يمنع حفر أي بئر إلا بموافقة مبدئية ودون ذلك ستتخذ إجراءات صارمة ضده"، مشيرا إلى وجود 30 مقاول مرخصين لدى الوزارة للعمل في حفر الابار، عدا عن حوالي مئة آخرين غير مرخصين ويتم متابعتهم لتسوية أوضاعهم.
ونوه إلى أن سلطة المياه بغزة تسمح بحفر الابار ضمن الاحتياجات، على عكس الضفة المحتلة الذي يحظر فيها حفر أي بئر إلا بموافقة الحاكم العسكري الإسرائيلي وفق ما قيدته اتفاقات أوسلو.
وبشأن شكاوى المواطنين من عدم تزويدهم بالمياه عدة أيام، أوضح الشنطي أن هذه المسؤولية ملقاة على عاتق البلديات، التي تعاني من نقص حاد في الإمكانيات وتمر بظروف صعبة جراء الأوضاع الراهنة، وفق قوله.
6- 7 آلاف بئر غير مرخص في قطاع غزة
وحث على ضرورة توقف ضخ آبار المياه في المنطقة الغربية لقطاع غزة، نظرًا لتقدم مياه البحر عليها وإفسادها.
حلول مقترحة
وفيما يتعلق بالحلول المقترحة للحد من أزمة المياه، بيّن الشنطي وجود 157 محطة تحلية للمياه في قطاع غزة مرخصة، موزعة على النحو التالي ( 79 محطة للقطاع الخاص، و23 تابعة للبلديات، وثمانية للجامعات، إضافة لـ12 محطة تابعة للمدارس"، مشيرا إلى أنها جميعا تخضع للفحص الدوري في الوزارة.
وقال: "هناك مباحثات تجري بين البلديات وسلطة الأراضي لتملك أرضي (الوحيدي والحساينة) في مدينة غزة، والتي تم تخصيصهما لتجميع مياه الامطار، وسيجري العمل على إيجاد مشاريع لحقن تلك المياه في التربة والاستفادة منها".
وأضاف أن هناك أراض أخرى خصصت لحقن مياه الامطار في المناطق الوسطى والمنطقة الغربية لمدينة خانيونس. وأشار إلى وجود مشروع لتحلية المياه في منطقة النورس يعمل على تحلية حوالي 12 ألف كوب يوميًا.
معدل استهلاك الفرد للمياه في غزة 90 لترا في اليوم تقريبًا
وتطرق رئيس سلطة المياه في قطاع غزة إلى مشروع المحطة المركزية لتحلية مياه البحر في قطاع غزة تقدر كلفته بحوالي نصف مليار دولار، بدعم من البنك الإسلامي في جدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وقال: "إن العمل جار لدى اللجنة الاستشارية لتصميم الخط الناقل للمياه لمستوى القطاع"، متوقعًا أن يتم انجاز المحطة بالكامل خلال خمس سنوات، مشيرا إلى أنها ستغطي حوالي 70% من احتياجات سكان القطاع من المياه.
وأوضح الشنطي أن البدء الفعلي للمشروع سيتم بعد عامين، فور الانتهاء من إجراءات الدراسة لكافة مراحل المشروع، منوهاً إلى أن بلدية غزة تشتري سنويًا حوالي 5 ملايين كوب ماء من شركة المياه (الإسرائيلية) وضخها في آبار المناطق الشرقية للقطاع، والتي تعاني من شح كبير في المياه نظرًا لوجودها في أعماق كبيرة أسفل الأرض.
الخندق المائي المصري يهدد بكارثة على قطاع غزة برمته على المستوى البعيد
واقترح استيراد كميات أكبر من المياه عن طريق شركة المياه الإسرائيلية أو من الجانب المصري كحل لضخها في المناطق النائية كي يضمن وصول المياه اليها.
وفيما يتعلق بمدى تأثير الخندق المائي الذي تقيمه السلطات المصرية على الحدود المتاخمة لقطاع غزة، حذر الشنطي من خطورته على قطاع غزة برمته في المستقبل البعيد، خاصة في وجود انهيارات خطيرة تعرضت لها التربة في المنطقة الحدودية أثرت بشكل سلبي على الزراعة وخزان المياه الجوفي، وتهدد المناطق العمرانية في الحدود.
وقال الشنطي ان هناك ارتفاعًا في ملوحة المياه بفعل هذه القناة الممدودة من البحر، وهو ما يؤثر سلبا على الابار الحدودية ويزيد من ملوحة المياه.