بين غيث وجفاف.. الفلسطينيون ضحية تقلبات الطقس والسياسة

شاطئ بحر غزة
شاطئ بحر غزة

غزة-شيماء مرزوق

 

تقذفهم الرياح العاتية نحو الشقيقة الكبرى مرغمين، أملا في أن تنتهي تلك الخلافات المتجزئة وتثمر غيثاً يروي الفلسطينيين العطشى للاستقرار، وهم المتخبطون بين تقلبات الطقس والسياسة.

وما بين مطر وجفاف وقع الغزيون ضحية للمناخ السياسي الإقليمي والعربي الذي أسقط قضيتهم الفلسطينية عن رأس الأولويات وهوى بها إلى ذيل الاهتمام العربي، وذلك بعدما جابت رياح التغيير البلاد العربية عام 2011 لتنهي جمودا واستبدادا دام لعقود طويلة.

رياح التغيير سرعان ما تحولت لعواصف وبدلاً من أن تحمل المحيط العربي ومعه الفلسطينيين إلى واحة الديمقراطية أدخلتهم في دوامة من الحروب والحصار.

المتغيرات في المنطقة تجاوزت سرعتها تقلبات المناخ، فمن القطيعة والعداء إلى الهدنة تسير علاقة مصر بحماس التي فاجأت الجميع بالسماح للأخيرة بزيارتها والخروج من أراضيها إلى الدوحة للقاء قيادة الحركة والتشاور بشأن عدد من الملفات.

ويبدو أن مصر التي كانت تجاهر بعدائها لحماس وغزة شهدت تقلبات في المناخ السياسي اقتضت معها المصلحة أن تعيد جسر الهوة مع حماس، لعدة اعتبارات أهمها محاولة قطع الطريق على تركيا التي تخوض مفاوضات مع (إسرائيل) لتطبيع العلاقات بشرط رفع الحصار عن غزة وإنشاء ميناء ما يعني سحب ورقة معبر رفح من يد مصر.

إلى جانب الضغوط التي تمارسها السعودية على مصر لتحسين علاقاتها بحماس وذلك ضمن التحالف السني في المنطقة الذي يحاول التصدي لإعصار النفوذ الايراني.

ويتقلب المناخ السياسي وفقاً لما تقتضيه المصالح وتفرضه المتغيرات المحيطة بالبيئة السياسية الفلسطينية، لكن يبدو أن الحر والجفاف ما زالا المسيطر على العلاقات بين حركتي فتح وحماس، واللتين خاضتا عدة جولات من الحوارات في القاهرة والدوحة لم تنجح حتى الآن في تلطيف الأجواء بين الطرفين، رغم إدراك الجميع انه لا يمكن لأي من الحركتين أن تتجاهل الأخرى أو تتقدم في مشروعها دون توافق فلسطيني.

ولم تكد تنتهي موجة البرد التي ضربت قطاع غزة حتى بدأت الأجواء الخمسينية الحارة تلفه، كحال الغزيين الحالمين باستقرار يمثل لهم استراحة محارب بعد سنوات من الحصار والحروب والدمار.

وفي حين يعزو خبراء المناخ تقلبات الطقس إلى الاحتباس الحراري الذي ولد ظواهر غير طبيعية، تخشى الأطراف الإقليمية أن يفضي الضغط السياسي والاقتصادي على قطاع غزة لظواهر غير محسوبة العواقب وأن ينفجر هذا القطاع الصغير في وجه الجميع.

الفلسطينيون دائما ضحية تقلبات السياسة خاصة أنهم ليسوا أحد العناصر المؤثرة بقوة فيها، وعلى العكس يتأثر الفلسطينيون بالأجواء المتوترة والمضطربة السائدة حالياً في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً بحالة الاصطفاف الإقليمي ولعبة المحاور، ففي حين تنجر السلطة الفلسطينية وحركة فتح للاصطفاف في محور معين، تحاول حماس النأي بنفسها عنها.

ورغم أن حماس انتهجت سياسة الانتظار حتى مرور العاصفة واستقرار المنطقة، إلا أن الأوضاع المتأزمة تدفعها للبحث عن خيارات أكثر مرونة في محاولة للخروج بأقل الخسائر من المحيط العربي الملتهب. وربما تشهد المنطقة صيفا أقل سخونة من سابقه خاصة في ظل الحديث عن رغبة دولية بإنهاء بعض الملفات الملتهبة في المنطقة مثل سوريا، وما يشاع عن إمكانية وجود صفقة سياسية دولية تحاك خلف الكواليس التي ستصل ارتداداتها الى الأراضي الفلسطينية.

ووسط المخاوف من تسونامي قد يجتاح شواطئ غزة، يأمل الفلسطينيون بتسونامي سياسي عله يجرف تداعيات المرحلة السابقة ويقلب الموازين لينهي حالة الجمود السياسي.

البث المباشر