رؤية أمريكية جديدة: حكم ذاتي موُسع للسلطة بديلا عن "حل الدولتين"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الرسالة نت-محمد عطا الله

يوماً بعد يوم، تتأكد محاباة الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، لـ(إسرائيل) في جهودها لحل الصراع المزمن في الشرق الأوسط، وذلك على حساب حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني، منتهزة حالة الضعف والهوان العربي. 

رؤية أمريكية جديدة قائمة على إقامة حكم ذاتي "موسع" للسلطة الفلسطينية بديلا "لحل الدولتين" بدأ الترويج لها ومتوقع أن يطرحها ترامب على رئيس السلطة محمود عباس ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال لقائه بهما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المزمع عقدها منتصف هذا الشهر في نيويورك.

وتعكس تلك الرؤية حالة التراجع وعدم الإنصاف لدى الإدارة الأمريكية الجديدة التي بدأت تلعب على عامل الوقت كغيرها من الإدارات السابقة، في محاولة للتسويف دون الوصول إلى تسوية الصراع في الشرق الأوسط.

ورقة جديدة

وكانت مصادر مطلعة قد كشفت لصحيفة "القدس" المحلية أن إدارة ترمب تتجه نحو تبني وجهة نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومواقفه بالكامل، وهو ما يتضح من الأفكار والمقترحات التي تتضمنها الورقة، حيث أن "أقصى" ما تقترحه الولايات المتحدة على الجانب الفلسطيني في المرحلة الحالية، هو "حكم ذاتي كامل، وليس حلّ الدولتين".

وينص "حل الدولتين" على انسحاب (إسرائيل) إلى حدود العام 1967 مع تبادل الأراضي، واعتبار شرقي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المقترحة، وهي المواقف التي يتبناها المجتمع الدولي منذ عقود.

ولفتت المصادر إلى أن خيار "حل الدولتين" لم يعد مقبولًا لدى الإدارة الأميركية الحالية -الموالية لـ(إسرائيل)- التي لا تريد مواجهة نتنياهو بأي حال من الأحوال وستطلب من الطرف الفلسطيني إظهار الليونة بحجة أن ظروفهم الداخلية والأوضاع الإقليمية لا تسمح بتنازلات.

وأفادت المصادر ذاتها-المقربة من البيت الأبيض-أن الورقة الأميركية تتوقع من (إسرائيل) تقديم بعض "التنازلات" من ضمنها تسليم أجزاء من مناطق "ج" و "ب" إلى الجانب الفلسطيني، ومنحهم تسهيلات اقتصادية ملموسة لصرفهم عن السياسة.

بالإضافة إلى اعتبار مناطق محيط القدس، مثل أبو ديس، بديلا عن إنهاء احتلال شرقي القدس بكاملها، بما فيها البلدة القديمة، والأحياء الفلسطينية حولها، التي ستبقى -بحسب الأفكار الأميركية-تحت سيادة الاحتلال، كما يصر نتنياهو، رغم أن ذلك يتنافى مع كل المواقف العربية والعالمية وقرارات الشرعية الدولية.

موقف إسرائيلي بحت

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن أن هذه الرؤية الأمريكية الجديدة تمثل انعكاسا للمطالب الإسرائيلية بامتياز وتبنيا لها، مؤكدا أنه ليس طرحا جديدا في ظل إدارة ترامب الذي صرّح من البداية بمواقف تتماهى مع الاحتلال ومطالبه الرافضة لإقامة دولة فلسطينية.

وأوضح محيسن في حديثه لـ"الرسالة" أن هذا الطرح يأتي في ظل غياب الموقف العربي الموحد والرؤية الفلسطينية المتماسكة، مشيرا إلى أن الاحتلال بدأ يسقط رؤيته على الدولة وخاصة الإدارة الامريكية التي لا ترى أي موقف عربي مناهض لـ(إسرائيل).

ولفت إلى أن هذا الحُكم الجديد لم يرد في أي أنظمة سياسية بالعالم، وهو شكل جديد من أشكال الحكم فهو أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتي، مستبعداً أن تجد هذه الرؤية لها طريقا أو يكتب لها النجاح، كون أنه ليس بإمكان السلطة أن تُسقط خيار حل الدولتين؛ "لأن ذلك سيتسبب في سقوطها"، وفق قوله.

غير مقبول

ويرى المحلل السياسي أحمد عوض، أن خيار "حل الدولتين" لم يعد مقبولاً لدى حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية، مشيراً إلى أن الأخيرة لم تستطع إلزام (إسرائيل) بأي من القرارات الدولية التي تنص على حق الفلسطينيين إقامة دولة خالية من الاستيطان.

وقال عوض في تصريحات إعلامية: إن "أمريكا ستطالب السلطة بتقديم المزيد من المرونة وإبداء حسن نية من خلال عدم المطالبة بأي شروط مسبقة مثل وقف الاستيطان أو الاشتراط بالتفاوض على إقامة دولة معروفة الحدود مسبقاً، وهذا ما عززته الأنباء الأخيرة التي تحدثت عن طلب الإدارة الأمريكية من الرئيس عباس عدم الحديث عن وقف الاستيطان".

وفي نهاية المطاف يمكن القول إن هذه الرؤية والمحاباة الأمريكية تعكس حالة الهبوط والضعف في اللهاث خلف سراب تسوية سياسية تنزع من الفلسطينيين حقوقهم، الأمر الذي يتطلب من السلطة تبديل الأوراق وانتهاج خيارات أكثر قوة كخيار المقاومة المسلحة.

البث المباشر