تشهد حركة البيع والشراء في أسواق قطاع غزة ضعفا في الاقبال مع حلول عيد الأضحى المبارك، بسبب الوضع الاقتصادي السيء الذي يمر به القطاع.
ففي الوقت الذي تعج به الأسواق الغزية بالبضائع المحلية والمستوردة والأضاحي، إلا أن حالة من الكساد تُخيّم عليها، الأمر الذي أدى لتذمر التجار والبائعين.
اقتصاديون أكدوا في أحاديث منفصلة لـ"الرسالة نت" أن للحرب الأخيرة على غزة الأثر الأكبر في حالة الركود التي تشهدها الأسواق، وكذلك عدم تلقي موظفو غزة رواتبهم منذ أشهر.
ركود غير مسبوق
محمد الخالدي بائع في سوق الشجاعية ذكر أنه لم يمر على سوقهم حالة من الكساد والركود في موسم العيد مثل ما تشهده الأيام الحالية.
وقال الخالدي الذي قابلته "الرسالة نت" واقفًا خلف أكوام الملابس دون قدرته على تسويقها: "توقعنا أن تكون حركة السوق خفيفة بعد الحرب ولكن ليس إلى هذا الحد، فلم نشهد حالة من الركود كهذه منذ قرابة ست سنوات".
وأضاف الخالدي: "ننتظر المواسم على أحر من الجمر لنعوّض الخسائر التي نتكبدها على مدار العام، ولكن هذا العام لن نستطيع تعويض الخسائر، فعيد الفطر مرّ علينا خلال الحرب، كما أن عيد الأضحى الذي سيحل بعد يومين يأتي والمواطنون لا يزالون يعانون من آثار الحرب.
ويتفق البائع في سوق معسكر جباليا أحمد أبو حجاج مع سابقه في أن الأسواق تشهد حالة ركود غير مسبوقة منذ سنوات، مشيرًا إلى أن صاحب المحل الذي يعمل به اضطر لتسريح اثنين من البائعين والابقاء على اثنين فقط لضعف اقبال المواطنين على الشراء".
وقال أبو حجاج لـ"الرسالة": "عادة ما يعمل في محلنا 6 أشخاص في مواسم العيد، لأن الحركة تكون نشطة في مثل هذه الأيام، إلا أن العام الحالي مختلف عن الأعوام الماضية، فبدلًا من جلب بائعين، اضطر صاحب المحل لتسريح بائعين".
ورأي أبو حجاج أنه يوجد حركة معتدلة على محلات بيع ملابس الأطفال فقط، في حين تشهد باقي محلات بيع الملابس ضعفًا كبيرًا في الاقبال".
ولا تزال الحركة الشرائية محدودة والعيد على الأبواب، فالناس يتجولون في الأسواق أكثر مما يشترون، ويسألون عن أسعار الملابس دون أن يحملوا منها شيئًا.
الحرب والرواتب السبب!
في حين قال الموظف نادر عادل الذي لم يتلقَ راتبه منذ أشهر: "اعتدت على شراء ملابس العيد لأطفالي الخمسة كل عام، ولكن هذا العام يختلف فلم نتلقَ رواتبنا حتى الآن".
وأوضح نادر لـ"الرسالة نت" أن الديون أثقلت كاهله بسبب تراكمها، مشيرًا إلى أنه بحاجة لراتب 4 شهور حتى يستطيع سداد دينه".
وأضاف: "لا أعلم كيف سيقضي أطفالي العيد دون ملابس جديدة مثل أقرانهم، ألا يكفي أنهم لم يستطيعوا اللعب في العيد الماضي بسبب الحرب؟".
ويأمل نادر أن تجد حكومة التوافق حلًا لرواتبهم، ويُجرى صرفها قبل العيد الذي لم يتبقَ له سوى يومين، ليستطيع شراء الملابس لأطفاله.
أما المواطن راجي الكفارنة الذي دمّر الاحتلال منزله في مدينة بيت حانون فذكر أنهم لم يجدوا منزلًا ليقطنوا به حتى اللحظة حتى يفكروا أصلا في شراء ملابس جديدة للعيد.
وقال الكفارنة الذي يقطن في مركز إيواء بمدارس وكالة الغوث: "لا أعلم كيف سنقضي العيد في هذا المكان، نحن وأطفالنا لا نبحث عن ملابس جديدة، فقط ما نحتاجه بناء منزلنا المدمر وهذا بالنسبة لنا عيد".
الاقتصاد متدهور
وفي تقرير سابق أكد رئيس اتحاد نقابات عمال فلسطين سامي العمصي أن العدوان الأخير زاد الوضع سوءًا لعمال غزة، مضيفا: "كانت الأوضاع سيئة قبل العدوان ثلاثة حروب في ثماني سنوات من الحصار، والنتيجة الآن بالأرقام أن هذا العدوان أضاف 30 ألف عامل إلى 170 ألف عامل عاطلين عن العمل قبل العدوان".
وأوضح العمصي أن الركود بسبب تدمير الاحتلال لـــ450 مصنع وورشة بشكل كامل وتدمير500 مصنع بشكل جزئي, فضلًا عما دمره الاحتلال من أراضٍ زراعية.
وأكد وجود 200 ألف عامل عاطل عن العمل يتبعه فقدان 900 ألف فلسطيني من الدخل اليومي، مبيّنًا أن ما يقارب من نصف سكان غزة دون مصدر رزق.
الدكتور معين رجب أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر أكد بدوره؛ أن الموسم الحالي سيكون مصحوبا بالركود الكبير في أسواق القطاع, نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة, والتي نتجت عن تراكم لأحداث عديدة كان آخرها الحرب (الإسرائيلية) على غزة.
وقال رجب: " الضرر وصل لمعظم سكان القطاع, سواء باستشهاد أو جرح أحد أفراد العائلة أو هدم المنزل أو مكان العمل, كل هذه الأمور تعرض لها القطاع, وهي لا تزال تلقي بظلالها على المواطنين حتى اللحظة".
وتابع: "أصبحت الغالبية العظمي من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات, التي تسد جزء من احتياجاتهم, ولكنها لا تفي بالمستلزمات الأخرى, كالدواء والعلاج والملابس, وهذا جعل الجزء الأكبر من السكان عاجزين على شراء حاجيات العيد المختلفة".
وأوضح رجب أن الوضع الاقتصادي المتردي والحرب الأخيرة أحد الأسباب الرئيسية لضعف الحركة الشرائية في الأسواق, إضافة إلى ارتفاع أسعار السلع, وبذلك فإن طبقة التجار وأصحاب المحلات التجارية سيتأثرون بشكل كبير في هذا الموسم.
(عدسة: محمود أبو حصيرة)