بقدمه أزاح أبو محمود النبيه حجارة صغيرة كانت قد تناثرت بعدما دمرت طائرة حربية إسرائيلية مسجد على ابن أبي طالب في حي الزيتون، ثم وضع مصليته على الأرض واخذ بابنه في حضنه وجلس بين المصلين يكبر منتظرًا ليقيم صلاة عيد الأضحى المبارك.
صلاة العيد وسط الركام، عنوان مشهد رسمه أبو محمود وغيره من مئات المواطنين، الذين أبو إلا أن يقيموا صلاة عيدهم في تلك الساحة الصغيرة من المسجد المليئة بالركام والتي لم تبرح رائحة البارود من أجوائها حتى صياغة هذا النص.
يبدو أن هؤلاء الأهالي حاملين رسالة موحدة وعنوانها العريض: " منبع الصبر والصمود نحن".
يقول أبو محمود الذي يعمل مدرسًا في أحد مدارس المدينة بعدما توقف عن التكبير:" جئنا اليوم لنقيم صلاة عيدنا(..) لن يمنعنا عنها إلا ربنا لا صواريخ إسرائيلية ولا غيرها ".
عاد إلى تكبير. توقف ثم أكمل: " اجتمعنا مع أهالي الحي وقررنا انه نصلي في الساحة".
وقبل صباح العيد بأيام، حاول عشرات الشبان من المكان تنظيف ساحة المسجد من الركام وما خلفته تلك الصواريخ الإسرائيلية، ليتمكنوا من تأدية صلاة عيدهم وسط الدمار. وفق الأربعيني
قاطع حديثنا الحاج أبو نضال حين قال:"كل صلاتي راح تكون في هذه الساحة". تحسبن ثم صمت
وخلال العدوان الإسرائيلي الثالث على غزة، لم ترحم إسرائيل لا حجر ولا شجر، دمرت المساجد والمستشفيات قتلت الأطفال النساء أحرقت الأشجار، أحرقت كل طعم للحياة هناك، ولكنها يبدو أنها لم تحرك ساكنًا من عزيمة أهالي غزة.
عشرات المساجد في مختلف مناطق القطاع دمرت بشكل كامل، بعدما أسقطت عليها الاحتلال مئات الأطنان من المتفجرات.
تجولت " الرسالة نت" بين أحياء غزة، فكان أمام بعض المساجد المدمرة مواطنين يجلسون بقربه يكبرون مستعدين لإقامة صلاتهم.
في غرب غزة وبالتحديد بالقرب من منطقة التوام، كان عشرات المواطنين يجهزون عريشًا في أمام مسجدهم المدمر كليًا، ليقيموا الصلاة هناك.
الشاب سعيد عبد الله الذي كان العرق يتصبب من جبينه نتيجة تنظيفه لساحة المسجد منذ الفجر، يقول: " النا من الفجر بنظف، بدنا نصلي هان وسط الدمار".
يتابع الذي بدأ في عقده الثاني، بعد ما مسح جبينه: " لقينا صعوبة في رفع الركام، بس الحمد الله ربنا سهلها".
هكذا هي غزة، تتفنن بمشاهد الصبر والصمود، لتبرهن أمام العالم أجمع أنها صعبة المراس، وستبقى شوكة في حلق كل متعجرف ظالم، كإسرائيل.