مصطفى الصواف
مقتل الجنديين الإسرائيليين الجمعة الماضية لم يكن مخطط له من قبل كتائب الشهيد عز الدين القسام والمقاومة الفلسطينية؛ ولكن الاشتباك أعطى إشارات متعددة إلى العدو الإسرائيلي والى المتربصين بالمقاومة، مفادها أن المقاومة الفلسطينية ليست نائمة، أو أنها غافلة عن كونها تعيش مرحلة تحرر، وهي بحاجة إلى استعداد وتجهيز لمواجهة أي احتمالات يفكر بها العدو، وهي احتمالات قائمة لم يتخل عنها، لذلك يجب على المقاومة أن تكون على جاهزية عالية واستعداد للمواجهة القادمة.
ليس كتائب القسام من يستعد، فسرايا القدس أيضا هي في حالة استعداد، وكذلك بقية المؤمنين بالمقاومة الحقة للمحتل، بدليل أن هناك نشاطا كان لمجموعة من السرايا على الخط الفاصل بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة؛ لان هناك توقعات دائمة بعمل عدواني من قبل العدو، لأننا في حالة صراع لازالت قائمة، وصراع الأدمغة قائم، وأن المقاومة لم تعد عشوائية، بدليل أن العدو الإسرائيلي حاول أول أمس السبت نصب كمين للمقاومة في نفس المكان عبر توغل عدد من الجنود لمسافة محدودة جدا في محاولة لاستدراج المقاومة ومن ثم الانتقام من عناصرها عبر قصفهم بطائرات الاستطلاع التي لم تغادر أجواء القطاع.
رجال المقاومة على اختلاف فصائلهم أدركوا هدف العدو، ولما لم يجد استجابة لكمينه سرعان من انسحب جنوده من المكان؛ لان رجال المقاومة فهموا ما يفكر به العدو، وباتوا على دراية بتكتيكاته فقطعوا عليه الطريق، وافشلوا ما يخطط له، وهذا فيه ما يدلل على قدرة المقاومة على فهم العدو، والتعامل مع ما يخطط بتخطيط يخدم المقاومة ويفشل ما يخطط له.
العدو تلقى درسا قاسيا من قبل المقاومة الفلسطينية مفاده أن التوغل لن يكون نزهة ، وان المقاومة على جهوزية تامة لأي احتمال وبما لديها من إمكانيات، وأن الهدوء ليس هدوءا عبثيا، أو خوفا على سلطة، كما يتوهم العدو وأعداء المقاومة، بل هو هدوء مدروس كان درس شرق خانيونس فيه الإجابة الكافية، والتي ربما أشرنا إلى جزء منها في مقالنا السابق، فها هو الواقع أكد ما خلصنا إليه بعد سويعات قلائل.
ومن هنا نعود ونؤكد أن المقاومة ليست شكلا واحدا، أو فعلا على الأرض، ودونه يعني أن المقاومة شطبت من قاموس الغزيين، أو من قاموس حركة حماس التي يكفيها فخرا هذا التصدي للعدو خلال العدوان الأخير على القطاع، فأي أداة من أدوات المقاومة ليست هدفا في ذاتها؛ ولكنها وسيلة لتحقيق هدف، كذلك الاستعداد والتدريب والتجهيز هو عين المقاومة، وعندما تستكمل الصورة تكون المقاومة أنجع وأكثر إيلاما للعدو.
المعادلة في قطاع غزة مختلفة عنها في الضفة الغربية، فالقطاع محرم على العدو الإسرائيلي وجنوده، عكس الضفة المستباحة، وعندما يضبط جندي أو مستوطن داخل الضفة تتعامل معه أجهزة أمن دايتون باحترام، وتقوم بتوفير الأمن له، وإعادته إلى قوات الاحتلال، ولو أتيحت له فرصة لارتكاب جريمة فلن يتردد بارتكابها؛ لكن في قطاع غزة المعادلة مختلفة، فأي جندي أو مستوطن يحاول دخول القطاع سيواجه بالنار والبارود لأنها اللغة الوحيدة التي يجب أن يتم التفاهم فيها مع المعتدين والقتلة.