قالت صحيفة "جلوبال بوست" الأمريكية الالكترونية إن جميع الحضور في مؤتمر إعادة إعمار غزة، اعتبروا الحدث نجاحاً كبيراً عندما أعلن وزير الخارجية النرويجي "بورج برنده" أن دول العالم قد خصصت 5.4 مليار دولار، لإعادة إعمار القطاع بعد الهجوم (الإسرائيلي) المدمر في شهري يوليو وأغسطس الماضيين.
وأضافت الصحيفة: "لكن الأرقام الرئيسية خداعة، فهذا المؤتمر، كغيره كان إلى حد كبير تمثيلية، دعونا نلقي نظرة فاحصة على الأرقام التي من الواضح أن بعض الحسابات الإبداعية تعطي الانطباع عن العمل الذي تم بصورة جيدة".
وأوضحت الصحيفة الصادرة من ولاية بوسطن الأمريكية أن معظم الـ5.4 مليار دولار لم تخصص في الواقع لإعادة إعمار غزة، فالعديد من أموال البلدان المساهمة، كانت قد خصصت بالفعل لفلسطين، بما فيها الضفة المحتلة، منذ بداية السنة ضمن برامج المعونة العادية.
وبعبارة أخرى، إن الحصة الأكبر من أموال إعادة الاعمار، هي في الواقع ليست أموالاً جديدة مخصصة لغزة فقط، والمؤتمر كان عبارة عن إعادة إعلان للأموال الممنوحة منذ البداية، ومن الـ5.4 مليار دولار، فإنه ما بين 2.4-2.7 مليار دولار ستخصص لإعادة إعمار القطاع، ويبقى من غير الواضح كم هو مقدار الأموال الجديدة وكم مقدار التي أنفقت بالفعل، حسبما كشفت الصحيفة.
وضربت الصحيفة الولايات المتحدة كمثال، حينما أعلنت الأخيرة عن مبلغ 414 مليون دولار كمساعدات للفلسطينيين، ولكن تم صرف ما لا يقل عن 118 مليون دولار منذ الحرب، وخصص فقط 75 مليون دولار كمساعدات جديدة لإعادة إعمار غزة.
وتقول الجلوبال بوست إن هذه هي الممارسة المعتادة للمؤتمرات من هذا النوع، حيث يتم تجزئة العديد من التعهدات مسبقاً، حتى عندما يتم التوقيع على الشيكات، فإن الحصول على الأموال الموعودة يعتبر محنة في حد ذاتها.
وتذكر الصحيفة أنه وبعد ستة أشهر من الزلزال الذي دمر هايتي في العام 2010، تم صرف 2% فقط من الـ5.3 مليار دولار التي خصصت كمساعدات.
ونشأت حالة مماثلة بعد مؤتمر للمانحين لسوريا في عام 2013، فبعد أربعة أشهر من تعهدها بدفع 100 مليون دولار، منحت قطر فقط 2.7 مليون، وفي نفس الفترة الزمنية، منحت المملكة العربية السعودية مبلغ 21.6 مليون دولار من أصل 78 مليون تعهدت بدفعها، وبحلول يناير من هذا العام، تم تسليم ما مجموعه 70% من المليار ونصف المليار التي خصصت لسوريا.
واستطردت الصحيفة: "لكن هناك مشاكل فريدة من نوعها في قطاع غزة والتي تشكل تحديات جدية لإعادة الاعمار بغض النظر عن الأموال الموعودة، ففي أعقاب مؤتمر مماثل عام 2009 بعيد عملية "الرصاص المصبوب" (الإسرائيلية)، وافقت حكومة الاحتلال على السماح بدخول مواد مشاريع إعادة الإعمار على مدى عامين، مما تسبب في حالة من الركود"
وقد ترك العدوان (الإسرائيلي) الأخير أكثر من 65 ألف فلسطيني يواجهون شتاءً بلا مأوى، وواحد من أصل خمسة يحصلون على المياه مرة واحدة أسبوعياً، وهناك أربعة مليارات طن من الأنقاض المتراصة على مساحة لا تتجاوز 360 كم مربع.
والآن أصبحت الحاجة للمساعدة في إعادة بناء غزة واضحة، وقليل يمكن أن يشك أنه حتى نصف المبلغ سيكون متواجداً نهاية هذا الأسبوع، ولكن من المستفيد حقاً من هذه "الجعجعة "المحيطة بهذه المؤتمرات؟" تتساءل الصحيفة.
بطبيعة الحال، لا أحد يرغب في إظهار مؤتمر إعادة الإعمار كفشل، ولا أحد يرغب في أن يظهر بخيلاً وعديم الإحساس، خاصة بعدما أزعجت العالم صور أطفال غزة الجرحى وآبائهم المكلومين. تضيف الصحيفة.
وبينت الصحيفة أن الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر من أن ينظر إليها كمهتم بإعادة بناء ما تم تدميره، فهي توفر (لإسرائيل) ما مقداره 3 مليارات دولار سنوياً في شكل مساعدات عسكرية، تستخدم لشراء الأسلحة والمعدات الأمنية الأخرى، ولقد زودت الولايات المتحدة (إسرائيل) أيضا، بقذائف المورتر والقنابل التي استخدمت خلال الحرب.
وختمت الصحيفة التقرير أن أحد أكثر البلدان المستفيدة من المؤتمر، هو البلد المضيف مصر، فرغم مساهمتها الفعالة في توسيع الهجوم على غزة، بدا زعيم البلاد ملكياً وشهماً، مما دفع أمثال جون كيري وبان كي الإشادة بمساهمة مصر الدائمة في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، لكن دعونا لا ننسى دور مصر في فرض الحصار على غزة، ناهيك عن سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان.