من جديد تجتمع حركتا فتح وحماس في القاهرة نهاية الشهر الجاري لمناقشة القضايا العالقة في ملفات المصالحة، والتي لم تتقدم أي خطوات للأمام رغم مرور أكثر من ستة شهور على اتفاق الشاطئ الأخير بين الحركتين.
اللقاء يأتي بعد سلسلة من اللقاءات، آخرها عُقد نهاية الشهر الماضي نتج عنه زيارة حكومة الحمدالله لقطاع غزة وسط أجواء تفاؤل، إلا أنها فعليا لم تحقق شيئًا على الأرض حتى على صعيد الرواتب التي أعلن الحمد لله انها ستصرف دفعة مالية قبل نهاية أكتوبر.
الواضح أن هناك سُنة جديدة تفرض على الساحة الفلسطينية، فأبسط التفاصيل والقضايا بحاجة إلى اجتماع واتفاق على بنود وخطوات، والاجتماع الشهري قد يصبح دوريا وكل القضايا العالقة تبقى معلقة بما ينتج عنه، ما يعني أننا أمام خطوات متثاقلة وتحركات بطيئة في ظل وضع كارثي ومستجدات متسارعة لا تنتظر قرارات الاجتماعات.
غير مجدية
جدول أعمال اللقاء كما كشف عنه أمين مقبول، أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح"، التركيز بشكل أساسي في معالجة ملفات المصالحة، وإزالة أي عقبات تعترض طريق الوحدة الوطنية، إلى جانب تمكين حكومة التوافق.
وكان فيصل أبو شهلا، القيادي في حركة "فتح" كشف في تصريح سابق لـ "الرسالة"، عن تقدُّم في الاتصالات التي تجري بين "فتح وحماس" حول ملفات المصالحة الداخلية، مؤكدا أن القطيعة بين الحركتين انتهت تماما.
المحلل السياسي د. تيسير محيسن، أكد أن المعطيات والتطورات في آليات تطبيق المصالحة تعاني تباطؤا غير معقول أو منطقي في الإجراءات العملية بالمصالحة خاصة فيما يتعلق بالحكومة والقيام بواجباتها واستلام زمام الامور.
وبيّن أن الاجتماعات المتتالية بشأن دفع آليات المصالحة باتت غير مجدية أمام الشارع الفلسطيني، حيث أن الجزئيات البسيطة التي من المفترض أن تكون إجراءً طبيعيًا من الحكومة لتنفيذها تحتاج إلى لقاء فصائلي والاتفاق على تنفيذها "وهذا مؤشر لا يبعث على التفاؤل".
ولفت محيسن إلى أن الاجتماع المقبل سيناقش تفصيلات كان يجب أن تكون منتهية منذ زمن بمعنى أن حل قضية رواتب غزة بات شاغلا لكل الأطراف وكان الأَولى أن تُبذل هذه الجهود في قضايا أساسية واستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بوضع القطاع وحل أزماته الخانقة.
عالقة منذ سنوات
القضايا العالقة التي تناقشها اجتماعات الحركتين في كل مرة هي على حالها منذ سنوات، خاصة في ملفات المصالحة التي تُطرح باستمرار للنقاش وتتخذ بشأنها قرارات تضل طريق التنفيذ.
ما يدركه الجميع أن هناك قرارًا سياسيًا من الرئيس محمود عباس يمنع التقدم بخطوات عملية فيما يتعلق بهذه الملفات، خاصة منظمة التحرير والمجلس التشريعي والحريات في الضفة الغربية, ومؤخرا شمل القرار قطاع غزة فيما يتعلق بتعطيل الرواتب وإبقاء وضع المعابر والإعمار على حاله.
المحلل السياسي محيسن أوضح أن عباس لديه موقف سياسي يرتكز على أن استعادة السلطة لسيادتها على القطاع ومفاصل الحياة وإدارة الشأن العام، وهذا بحسب وجه نظره، يتطلب ألا تكون هناك قوة نافذة على الأرض، وما دامت حماس تتمتع بهذه القوة فإن الرئيس يرفض التقدم اتجاه غزة بالسرعة المطوبة، وهذا ما يفسّر التباطؤ المتعمد منه في تغيير الوضع الكارثي في القطاع.
وقال: "عباس سيضغط لإبقاء وضع غزة على حاله الى حين حدوث متغير أو موقف ما قد يكون اقليميا او من المجتمع الدولي أو حلفاء السلطة في المنطقة خاصة عندما نستمع الى بعض التصريحات التي تقول إنه طالما حماس قوية فلا أمن للمنطقة، بمعنى أن المطلوب إضعافها أو ضبط سلاحها".
أبو مازن لا يريد أن يتقدم في غزة بل يرغب أن يكون مسؤولا عندما تتراجع حماس إلى الخلف مع الدفع باتجاه اتفاق سياسي مع (إسرائيل) كما تريد الأطراف الدولية والإقليمية وهذا الاتفاق يسمح بتكميم فوهة بندقية المقاومة أو إعادة سلاحها إلى المخازن وعدم استخدامه، "ولذلك هو يصر على أن السلطة تملك قرار السلم والحرب"، بحسب محيسن.
وشدد محيسن على أن الهدف من كل العقبات الحصول على قرار من حماس يعطي أبو مازن الحق والشرعية ليفرض برنامجه على الكل الفلسطيني ويتحدث باسمهم، وإن لم يحصل عليه فإن هذا سينعكس سلبا على خطوات المصالحة بكل جزئياتها.
الملاحظ أن حركة حماس ذهبت أبعد من المتوقع في خطوات المصالحة وقدمت بعد اتفاق الشاطئ مؤشرات وخطوات ايجابية على الأرض، لكن فتح كانت تقابل هذه الخطوات بالترحيب فقط دون خطوات حقيقية على الأرض, ما جعل حركة حماس تقف عند هذا الحد، خاصة بعد التسهيلات التي قدمتها أثناء زيارة الحكومة في انتظار خطوات مقابلة.
الحلول السياسية مطلوبة من الطرفين إلا أن حماس لديها قابلية لتقديم المزيد إذا وجدت أي خطوات إيجابية من فتح، كما يرى محيسن.
وهنا يعتقد محيسن أن السلطة لو تقدمت خطوات للأمام فيما يتعلق بالرواتب، فستجد من حماس خطوات مقابلة لها، "ولو أشركت الحركة في آليات الإعمار -رغم أنها أعلنت مرارا أنها لا تريد أن تكون مشرفة على الإعمار-فإنها ستساهم في خلق شراكة بين الطرفين".