قائمة الموقع

"شوارع الموت" مصيدة لأرواح المواطنين بالضفة

2014-10-28T15:26:23+02:00
الطفلة ايناس دار خليل
نابلس- الرسالة نت

بسرعة جنونية ونية مبيتة لوأد أحلام طفلة وقفت على قارعة الطريق تنتظر خلو الشارع من السيارات لتصل أخيرا لحضن أمها التي تنتظرها على الجانب الآخر، اختطفت عجلات مركبة مستوطن حاقد بريق عيون إيناس التي لم يتجاوز عمرها خمس سنوات.

بلحظات كانت أسرع من دقات قلبها المتلهفة لعناق والدتها، والتي فصلت بين نزول "إيناس" من باص الروضة ووصولها لأمها، انقض المستوطن بسيارته المسرعة بعد أن حرف مسارها عمدا نحو جسدها الغض، لتفارق الحياة بعد ساعتين من الإصابة، في حين أصيبت صديقتها تولين بجراح خطرة أدخلتها بغيبوبة ووضع صحي خطر.

مشهد قتل الطفلة ايناس دار خليل الذي وقعت تفاصيله على الطريق المحاذي لقرية سنجل شمال رام الله وأمام نظر أمها، ليس الأول  ولن يكون الأخير في الشوارع الخارجية بالضفة، أو "شوارع الموت" التي اصطلح على تسميتها في الضفة المحتلة كونها أصبحت مصيدة لإزهاق أرواح المواطنين تحت عجلات المركبات (الإسرائيلية).

وفي الوقت الذي ادعت فيه الشرطة الإسرائيلية بأن حادثة دهس الطفلتين إيناس وتولين، لا يتعدى كونه حادث سير غير مقصود، أكد شهود عيان ووالدة الطفلة الشهيدة أن المستوطن حرف اتجاه مركبته نحو الطفلتين عمدا، ولاذ بالهرب غير مكترث بجسدي ضحيته  وتركهما دون تقديم المساعدة لهما.

كما أشارت الشرطة (الإسرائيلية) إلى أن المستوطن الجاني هو من مستوطني "يتسهار"، تلك المستوطنة التي تنغص حياة الفلسطينيين بالضفة المحتلة، بتطرف ساكنيها وعدائهم اللامحدود للعرب والفلسطينيين، واعتداءاتهم التي لا تتوقف على البشر والحجر وكل ما له علاقة بالفلسطينيين.

محمد عبد المنعم (30 عاما) سائق على مركبة عمومية يجبره عمله على سلوك الطرق الخارجية في الضفة المحتلة يوميا  ويرى بعينيه مدى استهتار المستوطنين بحياة الفلسطينيين على تلك الطرق  ويقول لـ "الرسالة نت" :"خلال مروري في الطرق المشتركة بيننا وبين المستوطنين وقوات الاحتلال، ألاحظ الجنون الذي يقود به المستوطنون على تلك الطرق، خاصة في الطرق الضيقة والقريبة من القرى والتجمعات السكنية الفلسطينية، والتي يقطعها المشاة عادة".

ويضيف:"هم لا يأبهون بأي تبعات لتسببهم لحوادث السير التي يرتكبوها بشكل متعمد، وهذا شيء طبيعي لأنه لا أحد يلاحقهم قانونيا، والجهات الرسمية الفلسطينية لا تهتم بهذه الجرائم".

تكريس الاستيطان

مسئول ملف الاستيطان بالضفة المحتلة غسان دغلس أشار إلى أن المستوطنين يهدفون من وراء حوادث الدهس المتعمدة في شوارع الموت بالضفة، إلى تفريغ السكان الفلسطينيين من تلك المناطق.

وأضاف دغلس لـ"الرسالة نت":"الإسرائيليون يحاولون عمل طرق بديلة للفلسطينيين، لتكريس الاستيطان ولتتحول مدن الضفة لكنتونات".

وتابع :"المستوطن عندما يتعمد دهس الفلسطينيين حتى لو كانوا أطفالا كما حصل مع  الشهيدة الطفلة إيناس، فهو يعلم أنه لا يوجد أي رقابة عليه ولن يتعرض لمساءلة قانونية.

ولفت دغلس إلى أن أكثر المناطق التي تشهد حوادث مشابهة، بالطريق الواصل بين نابلس ورام الله، وفي قلقيلية وبيت لحم، حيث استشهد العديد من المواطنين على تلك الطرق بالسنوات الأخيرة.

وتطرق مسئول ملف الاستيطان لحادثة استشهاد الشاب قسام الضميدي (18 عاما) أحد ضحايا شوارع الموت، الذي استشهد العام الماضي في بلدة حوارة جنوب نابلس ، بعد معاناة عشر سنوات في المستشفى جراء إصابته بحادث دهس بسيارة مستوطن بالبلدة، حيث لفت دغلس إلى أنه ورغم طول المدة التي عانى فيها الضميدي داخل المستشفى، لم يتم تحريك القضية قضائيا ولم يتم ملاحقة الجاني.

من ناحيته، طالب الباحث والصحفي خالد معالي الجهات الحقوقية والإنسانية الفلسطينية والدولية، العمل على وضع حد لما وصفه باستهتار المستوطنين بأرواح الأطفال الفلسطينيين،

وقال معالي في بيان تلقت "الرسالة نت" نسخة عنه:"إن "الطرق الالتفافية التي يسلكها المستوطنون باتت منطقة صيد سهلة لحصد أرواح المواطنين الفلسطينيين من قبل المستوطنين المتطرفين  الذين يستهترون بالمواطنين".

وأشار معالي أن "المستوطنين يستغلون عملية قتل المواطنين الفلسطينيين تحت مسمى حادث سير؛ وهو ما لا يحصل  بنفس النسبة داخل طرق وشوارع المستوطنات؛ وهو ما يشير إلى تعمد المستوطنين دهس وقتل الفلسطينيين، كما حصل  مع الطفلة الشهيدة إيناس قبل أيام".

ونوه معالي إلى أن الشوارع الالتفافية لا تحصد فقط أرواح الفلسطينيين، بل تصادر الأراضي لصالح المستوطنات بحجة توسعتها، أو شق الجديد منها، وحولت الضفة إلى كانتونات.

وطالب معالي المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والدولية، بأخذ دورها في رصد ما يقوم به المستوطنون عبر الشوارع الالتفافية من انتهاكات لحقوق المواطن الفلسطيني، والعمل على إغلاق هذه الشوارع، أو على الأقل مراقبتها للحد من عمليات الدهس التي يتعرض لها الفلسطينيون، حسب قوله.

اخبار ذات صلة