لم يفُق الاحتلال "الإسرائيلي" بعد من ألم محاولة اغتيال اليهودي المتطرف يهودا غليك الأسبوع الماضي، ولم تكد تهدأ مدينة القدس، إلا وعادت الأوضاع إلى الانفجار من جديد، لكن الألم هذه المرة أشد قسوة على "إسرائيل".
الانفجار في المدينة المقدسة هذه المرة لم يكن بالقنابل بسبب الحصار الأمني المشدد عليها، وإنما جاء بطريقة إبداعية تعود للمواجهة من جديد وهي عملية "دهس المستوطنين".
ودهس ظهر اليوم الأربعاء الاستشهادي ابراهيم العكاري من حي شعفاط بالقدس المحتلة، المنتمي لحركة حماس، مجموعة من الإسرائيليين كانوا يقفون بجانب محطة للقطار، وقتل اثنين منهم وأصيب 14 آخرين، ربما تكون في أقسى عملية دهس منذ فترة طويلة.
الشهيد الثائر على أوضاع المدينة المقدسة وما وصلت إليه لم يكتف بالدهس فحسب، وإنما بعد أن توقف بسيارته نزل منها وهاجم بعضهم من خلال استخدام قضيب حديدي، في جرأة كبيرة منه وابتكار جديد على طريقته الخاصة للثأر من المحتل الإسرائيلي وممارساته ضد المقدسيين.
وفور انتهاء العملية مباشرة اندلعت مواجهات عنيفة في مختلف أحياء القدس بين المقدسيين وقوات الاحتلال، التي أطلقت الرصاص المطاطي والقنابل الغازية المسيلة والسامة، فيما اعتقلت الشرطة الإسرائيلية عددا من الشبان والمتظاهرين بتهمة إلقاء الحجارة.
وامتدت المواجهات مع الاحتلال إلى أحياء شعفاط والعيسوية والمكبر والرام وقلنديا وسلوان في القدس المحتلة، كما قطع الاحتلال الكهرباء عن بعض مناطق المواجهات.
ألم الاحتلال دفع قائد شرطته في القدس المحتلة "موشي أدري" إلى اتخاذ قرار بالشروع في وضع مكعبات إسمنتية على مداخل محطات القطارات في القدس لمنع عمليات الدهس.
المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية محمد حسين، أرجع حالة الانفجار في المدينة المقدسة إلى اقتحام اليهود المتطرفين وقوات الاحتلال للمسجد الأقصى بشكل متكرر منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، لتأدية الطقوس الدينية واستفزاز مشاعر المسلمين
وقال حسين في تصريح صحفي مساء الأربعاء، إن اقتحام الأقصى -في هذا الوقت تحديدًا-إعلان حرب دينية، وعلى "إسرائيل" تحمُّل تبعات ذلك.
وتوقع حدوث انتفاضة جديدة يكون عنوانها القدس وتنطلق شرارتها منه، كما انطلقت انتفاضة الأقصى في الألفين.
وأشار مفتي القدس إلى وجود اتصالات مكثفة مع دول عربية شقيقة لاتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها انهاء العدوان والوقوف بجانب حقوق الشعب الفلسطيني.
بدورها، باركت الفصائل الفلسطينية عملية القدس، واعتبرتها نتيجة طبيعية لما يرتكبه الاحتلال يوميا بحق المسجد الأقصى والمقدسيين.
وعقب ذلك، دعت حركة حماس في بيان وصل "الرسالة نت"، الشعب الفلسطيني إلى تصعيد المواجهة الجماهيرية مع الاحتلال ومواصلة الرباط وشد الرحال إلى الأقصى، معلنة عن تبنيها عملية القدس البطولية، مؤكدة أنها تأتي ردا على جرائم الاحتلال بحق المدينة المقدسة وسكانها.
وتشهد مدينة القدس في الآونة الأخيرة اعتداءات متكررة من المستوطنين على منازل المقدسيين، كما يشهد المسجد الأقصى اقتحامات يومية من أعضاء الكنيسيت الإسرائيلي ومحافظ القدس ومتطرفين لاستفزاز مشاعر المسلمين.
ولم يقف الأمر عند ذلك فالاحتلال يعتقل بشكل يومي فتيان وشبان مقدسيين بتهمة إلقاء الحجارة، ويعتقل المرابطين في باحات المسجد الأقصى الذين يمنعون المستوطنين من دخول الأقصى لتأدية صلواتهم التلمودية.
ويبقى الناظر إلى حال القدس من بعيد يرى أن ما يجري فيها ربما يدعو للتفكير في حدوث انتفاضة ثالثة في وجه الاحتلال، ولكن المقومات على أرض الواقع لا تشجع ذلك، ويبقى الأمل الوحيد في ثورة الكل الفلسطيني (القدس والداخل المحتل والضفة وغزة) في وجه الاحتلال الإسرائيلي لوقف انتهاكاته بحق المسجد الأقصى والقدس والمقدسيين.