قائمة الموقع

دقائق من المطر تكفي لإغراق مخيمات غزة

2014-11-06T15:00:23+02:00
خلال غرق أحد الشوارع في غزة بمياة الامطار
غزة- حمزة أبو الطرابيش

حين تمطر.. أمهلها فقط دقائق لا تتعدى أصابع يدك، لتغرق طرق وشوارع ومنازل مخيمات غزة، اسألوا مخيم جباليا وأخيه الشاطئ فهما خير مجيب.

كيف لا يغرقان؟ والبنية التحتية الموجودة هناك شُوّهت معالمها بعد ما سقطت عليها المئات من قنابل الاحتلال الإسرائيلية خلال الحرب الثالثة على غزة. كيف لا يغرقان؟  وبجانب تلك البنية المتهالكة نقص حاد في الوقود اللازم لتشغيل مضخات شفط المياه.

هذا الفاكهاني أبو محمد حماد الذي يتوسط محله مخيم جباليا، يراقب بغضب كيف تقتحم مياه السماء التي اختلطت مع المياه العادمة محله، ملوثًة بضاعته بالكامل، فقط الناجي الوحيد قطف الموز المعلق في سقف المحل.

"خمس دقائق فقط وجدت المياه في كل مكان (..)، الله يكون بعونا". ثم يكمل حديثه لنا ونحن نراقب المياه تقتحم محله ومحلات جيرانه والمنازل ذات السطح المنخفض. "كنت طوال اليوم أشق مجرى داخل المحل لأعبر سيل المطر".

تحسبن الفاكهاني المعيل لثمانية أفراد، ثم تابع: "بعد حرب الفرقان وضعنا صعب في فصل الشتاء (..) بيتي ومحلي لازم يغرقوا في كل مرة  راح تمطر".

وكما يُعرف، فإن أكثر البيوت بتلك المخيمات عبارة عن جدران مهترئة تغطيها ألواح من "الإسبست" لا يحمي مَن تحته من برد الشتاء، وبجانب كل هذا وذاك تغرق بدقائق حين تمطر.

ويبدو أنه ستطفو على السطح كوارث إنسانية بالجملة في تلك المخيمات في حال الاستمرارية لهذه المنخفضات الجوية. فجهاز الدفاع المدني كان قد أصدر مؤخرًا بيانًا يوضح فيه عدم امتلاكه الوقود الكافي لتشغيل آلات الشفط وغيرها، مخصصًا مناشدة في بيانه إلى حكومة التوافق بأن تنظر إلى غزة كمنطقة منكوبة.

مريم: يلا يا سارة أمسكي بيدي، تبكي الأخيرة فيما تصطك أسنانها لا نعلم نتيجة الخوف أم البرد  والخيار الأرجح أن الاثنين اجتمعا على الطفلة.

ذاك المشهد أوقف حديثي مع الفاكهاني. طفلتان كانتا ترتديان الزي المدرسي تحاصرهن المياه  وهن في طريق عودتهم إلى منزلهن.

حين وصلت مياه الأمطار المختلطة بالمياه العادمة إلى منتصف أقدام الطفلتين، سارع أحد رجال المرور هناك وساعدهن بالخروج.

ويشهد قطاع غزة ثاني منخفض جوي بعد الحرب الثالثة عليه، مصحوبًا بالعواصف الرعدية والأمطار، ما أدى إلى تعطيل حركة بعض الشوارع بسبب تجمع مياه الأمطار دون تصريف، وأغرق منازل المواطنين في المخيمات والمناطق الشرقية.

تركنا مخيم جباليا ذاهبين لأخيه الشاطئ، لنلتقي بعائلة الحلاق التي تقطن في منزل تغطيه ألواح الإسبست.

كانوا جميع أفراد العائلة المكونة من 8 أفراد يشكلون سلسلة بشرية وكل واحد فيهم يمسك بوعاء يحاولون إخراج المياه التي اقتحمت منزلهم.

يصرخ أحدهم حين وجهنا عين كاميرتنا: "هذا ابتلاء من ربنا(..) كل ما بدها تنقط كم نُقطة لازم نغرق". حاولنا الاقتراب أكثر من عائلة الحلاق إلى الشارع الذي يطل عليهم امتلئ ببرك المياه التي أعاقت تقدمنا.

ويبدو أن غزة ومخيماتها بالتحديد تحب الغرق، لا نعلم لربما تكون هواية خاصة بها!.. فقبل عدة أشهر غرقت في شلال دمها، واليوم تغرق في مياه السماء وغدًا لا نعلم أين ستغرق؟!.

اخبار ذات صلة