قائمة الموقع

كيف أثّرت الحرب النفسية بمعركة العصف المأكول؟

2014-11-08T13:28:44+02:00
جانب من الندوة التي نظمتها الجامعة الإسلامية
الرسالة نت- محمد الشيخ

ما زالت غزة تعيش آثار ونتائج الحرب عليها حتى يومنا هذا، فالحصار ما زال مستمرا، والإعمار يسير ببطء شديد، والمعابر يزداد إغلاقها بحجج واهية، والشعب ما زال صامدا بسبب تماسك جبهته الداخلية وتوحده على خيار المقاومة (الذي لا خلاف عليه عند كل وطني).

وأجمع إعلاميون ومختصون في الشأن الإسرائيلي، أن الحرب النفسية في معركة "العصف المأكول"، كان لها أثرٌ كبير على الجبهة الداخلية الفلسطينية وفي المقابل الإسرائيلية.

ورأى المختصون خلال ندوة صحفية نظمها النادي الصحفي وقسم الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة السبت، بعنوان "الحرب النفسية في معركة العصف المأكول" ، أن المقاومة الفلسطينية نجحت بشكل كبير وبدرجة أقل الإعلام الفلسطيني المحلي في حربهم النفسية على الاحتلال.

وقال الدكتور عدنان أبو عامر المختص في الشأن الإسرائيلي، إن الحرب النفسية أخذت مجالا كبيرا في إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على غزة.

ونوه أبو عامر خلال مداخلته إلى أنه يوجد في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الرئيسية الثلاث دائرة مستقلة اسمها "الحرب النفسية" سواء للرأي العام الداخلي أو الخارجي، مبينا أن كل ما كان يخرج من وسائل الإعلام لم يكن عشوائيا وإنما كله مدروس ويخرج بدقة تامة من الاحتلال.

ونلاحظ من خلال إطلاق الأسماء على العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد غزة مدى تركيز الاحتلال على حربه النفسية، وحسب أبو عامر فإن مصطلح الجرف الصامد أُعد له قبل ثلاثة أشهر من بدء الحرب وكان نتاج ورشة عمل مطولة بين أقسام "الحرب النفسية" في أجهزة الأمن الإسرائيلية.

"واستخدام الاحتلال لهذا المصطلح تحديدا يدل للعالم الخارجي على أنه مظلوم ويدافع عن نفسه، وأنه صامد اتجاه ما يواجهه، وطوال أيام الحرب حاول الإعلام الإسرائيلي أن يظهر نفسه في حالة دفاع عن النفس"، يضيف أبو عامر.

وأمر آخر استخدمه الاحتلال خلال الحرب النفسية، هو محاولة تبرئة الجيش من أي علميات ضد المدنيين الفلسطينيين، مبررا استهدافه للأماكن المدنية باختباء مقاومين خلفها أو تحتها.

وحاول الإعلام الإسرائيلي تصيد الأخطاء للفلسطينيين خلال الحرب متمثلا ذلك في: اعدام العملاء وتناوله عبر وسائل الاعلام الأمر الذي استغله الاحتلال في إظهار المقاومة التي تعدم العملاء على أنها تمثل تنظيم داعش.

رقابة شاملة

وفيما يتعلق بالرقابة العسكرية الإسرائيلية على الإعلام، يرى أبو عامر أن إعلام الاحتلال الداخلي كان يظهر أنه حرٌ وفيه جانب من النقد والمعاتبة على القيادة، أما إعلامه الموجه خارجيا فكان يبدو أنه لا يرتقي ليكون في دولة نامية من دول العالم الثالث.

وكما يلاحظ أبو عامر فإن الإعلام الإسرائيلي في معظمه كان موجها إلى غزة شعبا ومقاومة، واعتمد على سياسة تبرير الاغتيالات ضد القادة الفلسطينيين واستخدموا أساليب مختلفة في حملتهم هذه من خلال وسائل الاعلام الجديد بالصور والفيديو والكاريكاتير وغيرها.

أمر آخر جاء في إطار الحرب النفسية خلال معركة العصف المأكول، هو التعامل مع الشهداء كأرقام فقط من جانب الإعلام الفلسطيني بينما إعلام الاحتلال كان يتعامل مع كل حالة في صفوفه من جانب إنساني عاطفي ليبين للعالم أنه مظلوم يدافع عن نفسه، اعتبرها أبو عامر ملاحظة تؤخذ على الاعلام الفلسطيني.

ولو نظرنا إلى الحرب النفسية من زاوية المقاومة والشعب الفلسطيني، نرى كيف استفادت المقاومة من استخدام سلاح الحرب النفسية واعتبرته أساسيا وليس تكميليا أو هامشيا ما جعلها مؤثرة جدا في الجبهة الداخلية والخارجية الإسرائيلية كما يقول الإعلامي وسام عفيفة المدير العام لمؤسسة الرسالة للإعلام.

ونوه عفيفة في مداخلته خلال الندوة، إلى أن إسرائيل قامت في جزء من قوتها على "دعاية" وهي تربة خصبة تستند إليها في كل خطاباتها الإعلامية منذ أن وجدت على أرض فلسطين.

وفي مظاهر نجاح المقاومة بالحرب النفسية استشهد عفيفة، يوم خروج أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام خلال الحرب على غزة وإعلانه قصف تل أبيب عند الساعة التاسعة مساء، يومها جنّد الإعلام الإسرائيلي والعالمي دون مقابل لرؤية ما سيفعله القسام، وكان لهذا الموقف الأثر الكبير على الجبهة الداخلية الإسرائيلية وضعضعتها، التي أصبحت تصدق المقاومة وتكذب إعلامها وقادتها.

وبالمقارنة بين ما تملكه المقاومة من سلاح مقابل ما يمتلكه الاحتلال نجد الفارق الشاسع الذي لا يكاد يذكر بين الطرفين، ولكن -وفق عفيفة- فإن المقاومة استطاعت أن تطوّع سلاحها البسيط الذي تمتلكه ليخدم الحرب النفسية ضد الاحتلال وليس العكس.

وحاولت المقاومة المتمثلة بكتائب القسام أن تصل إلى الجمهور الإسرائيلي بكل السبل لإيصال رسائلها ونجحت في ذلك، من خلال اختراق المواقع الالكترونية وإرسال رسائل التهديد بالإضافة إلى التشويش على الإعلام الإسرائيلي واختراقه وبث رسائل للمقاومة منه أرعبت الإسرائيليين.

وكما يرى عفيفة فإن المصداقية تعد من أهم عوامل نجاح المقاومة في الحرب النفسية على إسرائيل، فرسائلها كانت موجهة بعناية وصادقة في مضمونها ما جعل المقاومة مصدرا للمعلومة بدلا من المتحدثين الرسميين والإعلام الإسرائيلي المحلي.

معركة الصورة

المعركة على الصورة وكان لها عظيم الأثر على الاحتلال وظهر ذلك جليا في عملية "ناحل عوز" التي عرضتها المقاومة "صوت وصورة" للعالم أجمع، بالإضافة إلى تصوير عمليات القنص واستهداف الجنود والمدرعات الإسرائيلية على الحدود، ما جعل المقاومة هي مصدر المعلومة حتى للجمهور الإسرائيلي.

وتجلت قمة نجاح الحرب النفسية في التكامل بين الإعلام المقاوم والإعلام الفلسطيني المحلي فأصبح هناك وعي أكثر مقارنة بالحروب السابقة في الخطاب الموجه إلى العالم. وفق عفيفة

وتفوقت المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب بالعنصر الاخلاقي الإنساني فكانت كل خطاباتها موجهة إلى الجيش الإسرائيلي والمعتدين على غزة، متجنبة الحديث عن استهداف مدنيين بل وحذرتهم في كثير من الخطابات من التواجد في أماكن قصف المقاومة لغلاف غزة.

وأوصى عفيفة بضرورة دراسة "الحرب النفسية" بشكل أكثر عمقا وتمعنا لتجب أي أخطاء قد تحدث خلال أي مواجهات لاحقة، بالإضافة إلى دراسة بيئة العدو جيدا ومعرفة تفاصيل تعامله مع القضايا المختلفة، كما دعا إلى ضبط وتنظيم وسائل الإعلام الفلسطينية حتى لا تبقى الأمور في دائرة العمل العشوائي.

دور الإعلام التقليدي في الحرب النفسية كان واضحا، ولكن ماذا عن "الإعلام الجديد" ودورها في هذه الحرب على غزة؟

الناشط الإعلامي والشبابي إسماعيل أبو سعدة، قال "إن الإعلام الفلسطيني عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم يكن تحت رقابة عسكرية كما في الجانب الإسرائيلي وإنما كلها أعمال فردية دون تنظيم، مبينا أن ذلك كان له أثره الإيجابي والسلبي في آن واحد.

وحول دور الإعلام الجديد في معركة العصف المأكول، اعتبره أبو سعدة الأساس في هذه الحرب لما لمواقع التواصل الاجتماعي من أهمية في حياة كل مواطن مقارنة بحروب عامي 2008 و 2012.

وبين أن الخطاب الإسرائيلي تجاوز كونه موجها للجمهور الفلسطيني بوجه عام وأصبح خاصا بفئات مستهدفة للتأثير في المعنويات.

ووفق متابعة أبو سعدة، فإن الاحتلال وظف ناشطين متخصصين في هذا المجال لإبراز الدعاية الإسرائيلية ونشرها حسب ما يريد الاحتلال بهدف التأثير على المعنويات الفلسطينية وإضعاف الجبهة الداخلية.

وأوصى الناشط الإعلامي، بضرورة التعاون بين الناشطين الفلسطينيين سواء في الحروب أو غيرها لما لذلك من دور كبير في إيصال الرسالة إلى الجمهور والفئات المستهدفة.

ويحاول الاحتلال هز المعنويات الفلسطينية -بسبب فشله في حربه العسكرية الأخيرة- بممارسة حرب نفسية جديدة على غزة، فهل ينجح في ذلك؟

 

اخبار ذات صلة