"خزاعة" تئن وتنتظر إنعاش قلبها بالحياة !

بلدة خزاعة بعد الحرب
بلدة خزاعة بعد الحرب

الرسالة نت – معاذ مقداد

"أجسادٌ تنفُث البرد من داخلها، وأخرى يعتليها المرض دون مداوٍ، وبيوتٌ تجمّدت فيها ومن حولها الحياة"، يُغرّد الأحياء في ذاك المكان المقصود "لا زلنا هُنا ننتظر رحمة رب السماء،.. ثم (الإعمار)".

لسان حال المواطنين في بلدة خزاعة _المدمرة في الحرب الأخيرة على غزة- شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة، ما زالنا نتنفس الهواء في "بلدة بلا حياة"، فرُغم مضيّ أكثر من شهرين على وقف إطلاق النار وانتهاء مؤتمر الإعمار إلا أن معالم الدمار كما هي!.

البلدة دُمرَت خلال الحرب الأخيرة بشكل كبير، فقد أنهت حرب "إٍسرائيل" مظاهر الحياة فيها، ودمرت أكثر من 1065 منزلٍ، وأتت على البنية التحتية للبلدة فلم يعُد هناك كهرباء أو مياه، ولا حتى أسواقٌ أو إسعاف وعيادة طبية تداوي جراح المكلومين.

أهالي البلدة بُحّت أصواتهم مناشدات مستمرة علّ أحدًا يُحرك ساكنًا، لكنّ الوضع العام يدفع الكثيرين للقول "ليس باليد حيلة!"، فالحصار ازدادت حدّته وأُغلقت السُبل كافة أمام أمل الإعمار، الذي وقع رهينة المماطلات "الإسرائيلية".

وكان رئيس بلدية خزاعة شحدة أبو روك، طالب المؤسسات الدولية والمعنية بضرورة النظر للبلدة أنها منكوبة بسبب الدمار "الإسرائيلي".

ودعا أبو روك إلى ضرورة توفير عيادة "متواضعة" لإنقاذ حياة الناس الذين يتعرضون للأمراض بشكل يومي، منوّهًا أنها بحاجة لإصلاح الطرق وخطوط الكهرباء والاتصالات، فيما دُمرت في البلدة أكثر من 100 بئر لامتصاص مياه الصرف الصحي.

ما ضاع حقُ مُطالب

مواطنو "خزاعة" قرّروا أن حقهم لن يعود لهم بينما يجلسون بجوار ركام منازلهم بانتظار المساعدات، فانطلقت فعاليات غير منتهية منذ أكثر من شهر، بعد انطلاق "الحراك الشعبي في خزاعة" والذي يُمثل منكوبي البلدة.

الناطق باسم الحراك محمد النجار قال لـ "الرسالة نت"، إن "استجابة الجهات المعنية لمطالبنا لم تكن كما المتوقع ولم تلبِ آمال المواطنين"، معتبرًا أنها تحركٌ طبيعي واجبٌ من قبل وزارة الأشغال و"الأونروا".

"وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" لم تزِد أولوية البلدة من موظفيها لحصر الأضرار إلّا بعد وقفة احتجاجية نفذها المتضررين أمام مقرها بخانيونس، إلّا أنها عادت وقلّصت الأعداد كما كانت" كما يضيف النجار.

وعبّر العشرات من سكان البلدة عن غضبهم لتباطؤ "الأونروا" في وضع حدٍ لمعاناتهم رغم بدء فصل الشتاء، وعدم تعويض الكثيرين من المتضررين بفعل الدمار الذي خلّفته الحرب بممتلكاتهم ومنازلهم، في وقفة احتجاجية الاثنين الماضي، أمام مقرها بالمدينة.

السواتر رملية كالمواقع

وفي مشهدٍ آخر، فإن "السواتر الرملية" التي أحاطت بحيّ "الكرفانات" المتنقلة في البلدة أشبه بمعسكر تدريبٍ عسكري، كما وصفها ناشطون عبر "فيسبوك"، فيما ظهرت تلك السواتر بجانب البيوت المتنقلة وبجوارها أطفالٌ مع "إشارة النصر".

وبحسب النجار فقد وفّرت وزارة الاشغال العامة الرمال، فيما أنجزَت أطقم البلدية وشبان البلدة تلك الحماية الممكنة لمنع وصول الأمطار للكرفانات في أيّ منخفض قادم.

ويرى المواطنون أن حياتهم أصبحت جحيمًا "واللا حياة أصبحت (خزاعة)"، فيما اتهم النجار وزارة الاشغال العامة في حكومة التوافق الوطني بتقصيرها اتجاه البلدة، إذ أن "البلدية دُمرت معداتها ولا يجوز مساواتها ببقية البلديات المتمكّنة".

ألوان باهتة!

ووسط ذلك المشهد اليومي المتكرر من معاناة المواطنين بين ركام منازلهم، فإن أحضان الأمهات والآباء التي اعتاد عليها أبنائهم لتكون مصدرًا للدفء في فصل الشتاء، لم تكُن سِوى أجساد امتلأت بالبرد، فقد انشغل الرجال في حماية عائلاتهم من المياه "وترقيع المأوى بالنايلون".

أم محمد، دُمِر منزلهم كما غيرهم المئات من البلدة تركوا البيت المدمر جزئيًا كونه خطرٌ ولا يمكن لهم العيش في أجزائه.

تقول أم محمد إنها انتقلت مع زوجها وأبنائها الخمسة للعيش في بضعة أمتار قليلة بـ "فرن الطابون"، "لكنْ مع أول شتاء غمرتهم المياه، فحُصروا للإيواء ببضعة أمتار قليلة فتحت أمامهم المجال ليعيشوا كما الأسرى في الزنازين.

"إن تعرض شخص لوعكة صحية فلا مستشفى أو إسعاف في البلدة لينقل أيّ الحالات إلى العيادات الصحية"، حتى إن أم محمد تقول إنها تضطر للذهاب عدة كيلومترات نحو السوق المركزي بخانيونس لشراء ما يمكن اقتناءه للاستمرار في الحياة، بعد أن دُمر السوق العام والمحال التجارية بالبلدة.

إذن فإن ألوان "خزاعة" أصبحت باهتةً، بعد أن كانت يومًا تمتاز بخُضرتها وسمائها الزرقاء، يشتاق المواطنين إلى أرضهم ومزارعهم، إلى جلسة عائلية هادئة!، في مساحاتٍ من المزروعات والأشجار الجميلة التي حرقتها آلة "إسرائيل" العسكرية، لتعود الحياة كما كانت.

البث المباشر