كنت قررت الكتابة عن عكاشيات محمود عباس التي يتفرد بها أمام الإعلام المصري، حتى بات واحدا من أبواق التحريض على شعبه، ووصفهم بالدواعش وبغيرها من الألفاظ التي تحرض على قطاع غزة وسكانه، ويعمل على تشويه صورة من يعلمهم عباس جيدا أنهم مواطنون فلسطينيون اقحاح شرفاء وطنيون، ولكنه رجل "جكر" و"يجاكر" حتى لو كان ضد المصلحة الوطنية وضد وحدة الشعب الفلسطيني، حتى وصل -مع الأسف- إلى درجة أنه بات شبيها بأرجوزات الإعلام المصري عكاشة وأحمد موسى والإبراشي والحديدي وعماد أديب وغيرهم، ممن لا شغل لهم إلا التحريض على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني، وخاصة قطاع غزة، وفي كل مرة يذهب فيها عباس إلى القاهرة بات لزاما أن يخرج على واحدة من الفضائيات كي يمارس العكاشية على شعبه وأهل بلده، ويصفهم بما لا يليق مِن مَن يدعي أنه رئيس للشعب الفلسطيني ويتحول إلى ناطق إعلامي أو مذيع عكاشي في الإعلام المصري في محاولة لإرضاء السيسي أو المخابرات المصرية التي تدير الحملة على قطاع غزة حتى تكف عن حديثها حول دحلان وعودته لحركة فتح.
ولكن صراخ وكيل وزارة الصحة في قطاع غزة، وأركان الوزارة من كارثة صحية يمكن أن تضرب قطاع الصحة في أي وقت نتيجة إهمال حكومة الوفاق الوطني لكل قطاعات الخدمات الوزارية في قطاع غزة، وعلى رأسها وزارة الصحة والداخلية والتعليم، ولكن قطاع الصحة قد يكون الأخطر من بين كل القطاعات المهملة؛ لأن حياة الناس مسألة لا يجوز التلاعب فيها أو إهمالها لأنه يترتب عليها مخاطر كبيرة وجرائم قد تصل إلى حد القتل المباشر دون أن تطلق نارا أو تعلق حبل المشنقة ويصبح من يتسبب بهذا القتل مجرما قاتلا يجب القصاص منه.
وزارة الصحة أو قطاع الصحة في غزة وجه النداءات الكثيرة والتحذيرات المشفوعة بالقسم، كما يقول الحقوقيون أو مؤسسات حقوق الإنسان، وهذه التحذيرات حتى الآن لم تجد آذانا صاغية ومن الجهة المفترض أن تكون مسئولة وهي حكومة الحمد الله، التي تدير الظهر لكل ما يتعلق بقطاع غزة سوى توفيرها خمسة آلاف شيكل مصروفات للوزراء المتواجدين في غزة كمصاريف مكتب الوزير وفي نفس الوقت تجني أكثر من 90% من الضرائب عن قطاع غزة دون أن تصرف فلسا واحدا إلا على المستنكفين أو الموظفين الجالسين في بيوتهم نهارا نياما أو في أعمال أخرى وفي الليل تجدهم منتشرين في غالبهم على الشيش في المقاهي والمشايش.
بات الجميع يعلم تقصير الحكومة بحق جزء كبير من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وغيابها وعدم تحملها المسئولية، وأصيبت بالبلادة ولم تعد تستجيب لا لنداء ولا لصراخ ولا استغاثة، وحالها هذا لا يخفى على أحد؛ ولكن الصحة تصرخ وصراخها يعلو ولا مجيب من هذه الحكومة، فأين دور القوى والفصائل الفلسطينية؟ أليس غزة مشكلة من أبنائهم وأهلهم وأحبتهم؟ لماذا لا يتحركون أو يمارسون ضغطا على هذه الحكومة ورئيسها ومسئولها الأول عباس؟، هل ينتظرون الكارثة؟، هل ينتظرون انتشار الأوبئة واستفحالها؟ هل ينتظرون موتا جماعيا؟، هل ينتظرون انهيار المنظومة الصحية بالكامل؟ أم أن هذه القوى والفصائل لديها مستشفياتها الخاصة والتي تقوم بالواجب وهم ليسوا بحاجة إلى خدمات وزارة الصحة، ولو لم تتوفر لهم الخدمة من سهل عليهم الحصول على تحويلة للخارج مدفوعة التكاليف والمصروفات، وبات الشعب المغلوب على أمره والذي لا يجد قوت يومه إلا بمشقة وتعب ووقوف على مؤسسات الإغاثة يواجه مصيره بمفرده ولا يعني أحدا أو يجد اهتماما من أحد.
ليست حكومة الحمد الله المقصرة عن عمد هي ومحمود عباس، بل باتت كل القوى والفصائل مقصرة في هذا المجال، وعليه الكارثة إذا وقعت لن ترحم أحدا والأوبئة إذا انتشرت فلن تفرق بين مواطن غلبان وقائد تنظيم أو حركة؛ بل سيصبح الجميع تحت سوط الوباء والمرض.
التحرك مطلوب من الجميع والضغط على حكومة الحمد الله وسلطة رام الله بات واجبا؛ لأن المسألة غاية في الخطورة فهل يجد صراخ المسئولين عن الصحة في غزة آذانا صاغية من كل الأطراف أو تواجه حكومة الوفاق بضغط فعلي وحقيقي كي تقوم بواجبها، أو يقوم كل من جانبه بالعمل على تجنيب القطاع الصحي كارثة حقيقية بأي طريقة أو وسيلة ممكنة له للحفاظ على صحة المواطنين وأرواحهم؟.