بعد معركة حجارة السجيل وانتصار المقاومة الواضح في عام 2012 حازت فلسطين على مقعد دولة غير عضو في الأمم المتحدة، وكان هذا التقدم الدبلوماسي رديفا لما حققته المقاومة الفلسطينية في غزة من صبر وتطور آن ذاك برز بضرب (تل أبيب) بالصواريخ لأول مرة، وكان لحماس عشرات الملاحظات على الخطوة الدبلوماسية إلا أنها آثرت الوحدة ودعم الرئيس عباس لتقوية موقفه مما كان له الأثر الإيجابي على إنجاحها.
واليوم بعد العصف المأكول تتهافت الدول الأوربية على الاعتراف بدولة فلسطين وذلك بعد ما شهدته الحرب الأخيرة من التفاف شعبي دولي مع المقاومة ومظلومية غزة، وما حازته القضية من إحياء جديد تمثل بتحرك الشارع الإنساني في أوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية حتى وصل الحراك الجماهيري والإعلامي والشعبي لقلب مدن الولايات المتحدة نفسها، بالإضافة لموجة تقدير وإعجاب بصبر وصمود وإبداع ومفاجآت مقاومة شعبنا بعد ما قدمته من بسالة وحنكة وقدرة على صد العدوان وتعطيل تقدم الاحتلال وإفشال أهدافه.
الدبلوماسية الفلسطينية ما كان لها ان تنجح بصورتها الجزئية لولا نموذج غزة الذي أدهش العالم وأعاد حساباتها وغير نمطية تفكير الدول تجاه قضيتنا، وهذا الحراك الأوروبي بعقد المجالس التشريعية وتأييد حق شعبنا في دولة على حدود 67 يعتبر خطوة إيجابية تُكمل طموح ثورتنا المتواصلة نحو تحقيق الحرية والاستقلال، ورغم رمزية خطوة اعتراف الدول الأوروبية إلا أنها تحمل في طياتها أبعادا إيجابية وتوضح ضجر القوى الدولية من الاحتلال الاسرائيلي، كما انه دليل واضح على ضعف الكيان الصهيوني وعجزه على حسم الصراع وتعزيز رؤيته الإحلالية.
لا شك أن نجاح المقاومة المسلحة في غزة عزز احترام الشعوب والدول لمنطقنا ولرؤيتنا وتطلعاتنا العادلة، فالعالم لا يفهم لغة المهزوم الضعيف المتوسل المتذلل، وذلك بعكس الاعتقاد السائد والذي يحاول البعض تسويقه أن المقاومة تعيق تقدمنا السياسي والدبلوماسي وتجر علينا الويلات.
لو فقه الرئيس عباس هذه المعادلة وتخلص من الشوائب النفسية في تعامله مع قطاع غزة وحركة حماس، وعمل على منح الشرعية الدولية لمقاومة شعبنا بإخلاص وتنسيق، لعظم من الناتج الدولي واختصر المسافات والأوقات، ولكان أكثر إقناعا وحصدا للثمار، لكنه للأسف بدد الفرصة التي كان يمكن أن يكون فيها رئيسا استثنائيا، فحاول الاستقواء بأطراف خارجية مهزوزة وفاشلة مما أثر سلبا على مشروعه الدولي بأخذ اعتراف من الامم المتحدة والاتحاد الدولي بشكل عملي وبناء.
لن يتم استثمار الحراك الأوروبي الإيجابي ما دامت حكومة الوفاق تعمل كحكومة انقسام وتمارس سياسة ألا مسؤولية، وما دام الرئيس بهذه النفسية المتوترة والسلوك القاصر، فأمام شعبنا اليوم فرصة لنظهر للعالم بوحدة وتنسيق وشراكة وبرنامج مرحلي متفق عليه وقوة عسكرية تستطيع حماية شعبنا والدافع عنه مع قوة دبلوماسية تحركها الأبعاد الوطنية والاستراتيجية، فهل تتدارك المقاطعة ذلك قبل فوات الأوان؟!