ما إن اتجـهت عقارب الساعة ببطء نحو العاشرة من صباح الأحد حتى بدأت الحاجة أم رائد سالم بحزم أمتعتها وتحتضن صور الشهداء القادة من حركة حماس، وتتجه صوب منصة الاحتفال بالانطلاقة السابعة والعشرين للحركة بمدينة غـزة.
ورغم الأجواء الماطرة تصر "أم رائد" الذهاب لإحياء الانطلاقة. تقف عند المنصة صلبة، عندما تنظر إليها تنبهر وينتابك إحساس أنك أمام التاريخ بأكمله، وتحمل الراية الخضراء وبجانبها أحفادها.
مراسل "الرسالة نت" اقترب من الحاجة السبعينية التي يعلو وجهها تجاعيد وتضاريس تحمل بين كل طيّة فيها حكاية غريبة أو جميلة تحدث معها. "حماس صمدت سنوات طويلة أمام الاحتلال (الإسرائيلي)، ومازال نهجها مقاومته حتى تحرير كل فلسطين " هكذا بدأت الحاجة أم رائد سالم حديثها لـ"الرسالة نت."
السبعينية التي ما زالت تحتفظ بمفتاح منزلها في إحدى قرى هربيا، تعلقه في رقبتها ولا تنزعه أبدًا، على أمل العودة يوما ما.
الجموع تتوافد في منتصف مدينة غزة، الهتافات تتعالى، البهجة تنطلق، أما هي فتتقدم بثبات، تقترب من منصة الانطلاقة، الجموع تنظر إليها بترقب متسائلة ماذا عساها أن تفعل ..؟ وتطلق الزغاريد والمهاهاة؛ بهجة بانطلاقة الحركة.
وتحيي حركة "حماس"، اليوم الأحد ذكرى انطلاقتها السابعة والعشرين، بعد انتصار "العصف المأكول" ومفاجِئة الاحتلال بقوتها العسكرية والاستخباراتية الفذّة، وقد خاضت في آخر ست سنوات ثلاثة حروب مع الاحتلال (الإسرائيلي).
وتقول الحاجة أم رائد: "هؤلاء هم أبناء حماس من غزة الذين يؤكدون أنهم مع المقاومة ومع القسام حتى تحرير أرض فلسطين كاملة". وتضيف "النصر سيتعاظم ما عظم الحصار وعظم التآمر، والدليل هو هذه الحشود حول حماس وخيارها المقاومة".
وكان اللافت توجه الحاجة إلى إحدى حاملات الصواريخ، وأبّت إلّا أن تطبع قبلة عليها، وتذرف لأجلها دمعات من العيون.
وعندما سألها مراسل الرسالة نت عن تلك المشاعر، أجابت بالقول " يا ولدي هدول رجالنا وأبطالنا ورافعين الراس، بنحبهم وراح نظل نحبهم ونحميهم بعيونا".
وتمنت السبعينية أن يلتفت العالم أجمع حول غزة لفك الحصار وتحرير الأسرى لأنه لا بديل لأهل غزة عن مشروع المقاومة حتى تحرير فلسطين.
أما الحاجة مريم دهمان في السبعينيات من العمر، فقد اختصرت معالم الفرحة وجهها بالتكبير والزغاريد، وبدأت تهتف لرجال المقاومة منذ وطئت قدماها شارع الجلاء.
وبمجرد أن طل موكب رجال القسام، بدأت الحاجة تشيح بعصاها يمينًا وشمالًا ابتهاجًا بهذه المواكب التي بدأت تهل في شارع الجلاء، وتحمل في جعبتها صواريخ المقاومة.
بمثل هذه المشاعر اختصرت عجائز فلسطين خارطة الوطن السليب، وعرّفت عن أصل شعب يحتضن المقاومة برغم الصعاب وما زال لهذه اللحظة عاضًا على الجمر، متشبثا بالحقوق.
وليس بمعزل عن هذه النماذج، برز نموذج لطفلة صغيرة في مقدمة شارع الجلاء حيث كانت لافتة للنظر ببكائها المنهمر، والحاحها الشديد لرجال القسام بأن يحملوها على إحدى مراكب العرض.
هذه الفتاة هي ابنة الشهيد قاسم قاسم الذي ارتقى خلال العدوان الأخير على القطاع، وعندما حانت اللحظة لسؤالها عن مشاعرها تجاه هذا اليوم، أجابت " احنا كلنا مقاومة وبدي القسام ينتقم لبابا إلى قتلوه اليهود".