حالة تشديد الخناق التي فرضتها السلطة الفلسطينية والاحتلال (الإسرائيلي) على حركة حماس جعلتها في صدارة الفصائل الوطنية على المستوى الشعبي في قطاع غزة والضفة الغربية، خاصة بعد الحروب التي خاضتها بشراسة، ورفعت أسهمها الشعبية بشكل ملحوظ، خاصة بعدما حققته من انجازات على صعيد المقاومة خلال الحرب الاخيرة والتي زادت من حاضنتها الشعبية.
تبعاً للتغيرات يشهد مؤشر شعبية حماس من حين لآخر اختلافا لما تمر به من ظروف قاسية تفرض عليها، فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز القدس للإعلام والاتصال أن الحرب على قطاع غزة أدت إلى ارتفاع في شعبية الحركة 16.8% في نيسان 2014 -أي قبل الحرب- إلى 25.7% في تشرين الأول 2014 بعد الحرب ، مقابل تراجع الثقة في حركة فتح من 41.7% إلى 35.1% بعد الحرب.
مختصون في الشأن السياسي أكدوا لـ"الرسالة نت" أن الظروف القاسية التي تمر بها حركة حماس ولا سيما خلال الحروب ترفع أسهم شعبيتها، مشيرين إلى أن تراجع شعبيتها في الفترة الاخيرة لا ينقص وزنها الشعبي فهي لاتزال تحافظ على الصدارة.
الوضع الأمني والسياسي
ثماني سنوات من الحصار المفروض على قطاع غزة تخللته ثلاثة حروب كل ذلك أحدث ارباكا في شعبيتها، في ظل اغلاق المعابر وعدم ادخال مواد الاعمار، ومنع الموظفين الذين تم اعتمادهم خلال حكمها من رواتبهم قبل أن تتولى حكومة الوفاق مهامها.
ورغم ما سبق إلا أن حماس لاتزال تحتفظ بشعبيتها على الساحة الفلسطينية، فتزيد وتنقص حسب الظروف السياسية والأمنية، وفق قول هاني البسوس أستاذ السياسية في الجامعة الاسلامية.
وأوضح البسوس أنه خلال الحرب الأخيرة زادت شعبية حماس بعدما أثبتت أن مفاوضات السلطة مع الاحتلال فاشلة، لكن في الوقت الراهن بدأت تتراجع قليلا لعدم استقرار الوضع الامني والسياسي.
وقال: "رغم حالة الحصار الذي يؤثر على الشعب في قطاع غزة إلا أن شعبيتها تبقى ما بين الأول والثاني، لوجود اشخاص داعمين لها يريدون بقاءها بشكل دائم (..) ففي أسوأ حالات تصل نسبة تأييدها إلى ما يقارب الـ 40%"، متابعا: ما تخرجه حماس من عتاد عسكري خلال المواجهة مع الاحتلال يرفع اسهم شعبيتها أمام مؤيديها.
ويتفق عدنان أبو تبانه المحلل السياسي مع سابقه، ويضيف: "شعبية حماس تزايدت في الداخل والخارج كونها أعطت نموذج العزة والكرامة المفقودة. فشعبيتها من دماء قادتها وابنائها التي قدمت في ثلاث ملاحم أسطورية وليس عبر أحلام وسراب المفاوضات التي لم تجلب للشعب الفلسطيني غير الانقسام والخذلان وفقدان البوصلة والأرض".
المتابع للظروف المحيطة بحركة حماس يدرك جيدا الدور الذي يلعبه الاحتلال والسلطة وأطراف دولية للضغط عليها لتقليص شعبيتها، لكن غالبا ما ينقلب السحر على الساحر.
في الآونة الأخيرة مرت حركة حماس بظروف قاسية وأزمة سياسية عصفت بها خاصة بعد المتغيرات الاقليمية في المنطقة وسقوط الاخوان المسلمين في مصر، فبات الجميع يحاول الضغط عليها من خلال تشديد الخناق على الغزيين.
وحول تأثير أزمة حماس السياسية على شعبيتها، ذكر المحلل السياسي أبو تبانة: "تأثيرات الأزمة ليست على الشعبية بمقدار اثرها على واقع المواطن الذي يرى أن أزمته ليست في حماس، بل في إجراءات ظالمة وتحالفات إقليمية تهدف لافشال التجربة وعدم تعميمها في المنطقة".
سلاح المقاومة
وقد تختلف شعبية حماس في الضفة عن قطاع غزة وفق قول متابعين لهذا الشأن ، فأهالي الضفة يعانون بطش الاحتلال وقمع السلطة على حد سواء ، بينما يدفع الغزيون ثمن وجود حركة حماس في غزة حيث العدوان والحصار.
وعن مقياس شعبية حماس في غزة والضفة المحتلة، ذكر البسوس أن شعبيتها في الصدارة لكن تبقى الاوضاع السياسية والامنية هي الحكم، موضحا أن شعبيتها قد تكون أعلى في الضفة لما تمارسه السلطة وأجهزتها الامنية بحقهم، بينما في غزة فقدت حماس جزءا قليلا من شعبيتها نظرا للتضييق عليها من قبل مصر وعدم تولي حكومة الوفاق مسئولياتها تجاه غزة .
ويقول أبو تبانة: "شعبيتها في الضفة لا تحتاج إلى دليل فقد نالت الحركة في الانتخابات الماضية نسبا أعلى من غزة".
وكانت وكالة الأنباء العالمية "رويترز" نشرت استطلاعا للرأي يظهر تقدماً كبيراً في شعبية حركة حماس في أعقاب الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وأظهر الاستطلاع بأنه في حال جرت انتخابات فلسطينية محلية في الضفة الغربية وقطاع غزة فإن حركة حماس ستحقق فوزاً ساحقاً على منافسيها من الحركات الفلسطينية الأخرى، ووفقاً لنتائج الاستطلاع الذي أجري على أكثر من ألف فلسطيني في مناطق مختلفة في الضفة والقطاع فإن 53% من الفلسطينيين يرون بأن سلاح المقاومة الفلسطينية هو الطريق الأفضل لإقامة الدولة، مقابل 20% فقط يؤيدون المفاوضات من أجل إقامة دولة فلسطينية.
ويعقب البسوس بالقول: "الحظ سيكون حليف حماس، لكن في أسوأ الاحوال ستكون نسبتها متقاربة مع حركة فتح في ظل محاولة الاخيرة أخذ مكانتها على الساحة الفلسطينية".
أما أبو تبانة فيؤكد بأن الدماء المبذولة والتضحيات الجسام التي قدمت اضافة لقمع السلطة وفشل برنامجها السياسي سيكون دافعا للجماهير لإعادة تجديد الثقة في حركة حماس، لافتا إلى أن الضفة وغزة بحاجة لبرنامج مشترك يتفق عليه الجميع اكثر من حاجتها لانتخابات في ظل انقسام يجعل نزاهة الانتخابات محل شك.