ما إن رنّ الهاتف حتى التقط "علي" سماعته ليُفجع بسماعه "أخوك سمير استشهد"، أفلت الهاتف وهرَع مُسرعًا نحو غرفة شقيقه "سمير إنت حيّ.. الحمد لله!"، تلك الفاجعة استمرت للحظات قبل رؤيته أخيه حيُ يُرزق.
عليّ انتفض قلبه حين سمع تلك المكالمة وجاب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ليرى صورة شقيقه واسمه ينتقل من صفحة لأخرى، مُسارعًا لنفيّ الخبر لما سيحصل من ارتباكٍ بعد تلك الشائعة الكبيرة.
وبينما كان يغُط الشاب سمير شرّاب في نومه الهنيّ، استهدف طيران الاحتلال أراضا زراعية بخانيونس جنوب قطاع غزة، لكنه لم يعلم أنه استشهد في عُرفِ مروجي الشائعات، حتى استيقظ صباحًا ليجد نفسه "شهيدٌ حيّ".
"الشهيد الحيّ" سمير شراب الذي نُشرت إشاعة استشهاده أمس، يقول لـ "الرسالة نت": الناس من حولي في منطقتنا نادوا صباح اليوم (هيّ الشهيد هيّ الشهيد)، ليفاجأ بأن الخبر انتشر بشكل واسع النطاق.
الإشاعة التي وصل صداها أرجاء القطاع وحتى خارجه، استدعت من أقارب سمير الاتصال بذويه على مدار اليوم للاطمئنان عليهم، لينفوا الخبر تمامًا فسمير نائمٌ في غرفته.
"كل الناس سألوني مش انت ميت بالقصف؟" تلك الجملة استنفرت ضحكات سمير، وحمد ربه أنه على قيد الحياة، فهو لم يخرج من منزله في ساعة متأخرة، ليرُد على الجيران "كنت نائمًا، مش ميت!".
"أن تستيقظ من النوم لتجد نفسك شهيدًا فهذه المعجزة لا تحدث إلّا إذا كان مروّجي الشائعات أحياء"، يضيف سمير "انزعجت من الخبر لأن الناس جميعهم والكثير من الاحباب تخوّفوا من كون الخبر صحيح".
ولعل الكثير من القضايا لا يمكن للزمن أن يُنسيها للمواطنين، لكن الجريمة الأكبر حين تنشر شائعات تزعزع الاستقرار الاجتماعي وتُقلق مواطنين لهدف "السبق الصحفي".
وبالعودة لأجواء القلق في منزل عائلة شراب يقول شقيقه عليّ لـ "الرسالة نت"، "فزعّت من نومي على الخبر، ولم اعلم مصدره"، مُتسائلًا "ماذا ينفع السبق الكاذب؟" ومطالبًا بالتأكّد من صحة تلك المعلومات.
وخلقت تلك الحادثة سخطًا من ذوي الشاب الذين عبروا عن امتعاضهم من تلك الأخبار التي تداولتها بعضا من وسائل الاعلام، ووقعت فريسة "سبق صحفي كاذب".
وعبر صفحته على "فيسبوك" نشر عليّ صورًا ساخرة رافقت تعليقه عليها "سمير أخويا نايم ولا صحة للأخبار بأنه استشهد وحسبي الله ونعم الوكيل" معبرًا عن سخطه من نشر تلك الشائعة دون تأكدٍ من صفحات كُبرى عبر تلك المواقع.
وأُطلِقت إشاعات عديدة أثناء الحرب الاخيرة على غزة، حتى بلغ الأمر باختراع قصص كاذبة وتناقل أخبار عارية عن الصحة في اتهام مواطنين بالتخابر مع الاحتلال، ذلك الأمر الخطير الذي يهدد الاستقرار المجتمعي.
وزارة الداخلية والأمن الوطني قالت في بيان لها بعد الاستهداف إن على الصحفيين توخي الحذر والدقة في نقل الاخبار لما فيها من زعزعة للأمن والاستقرار، محملةً من ينقل أي معلومات خاطئة المسئولية القانونية عن ذلك.
إذن تُشكل تلك الشائعات خطرًا أكبر على المجتمع الفلسطيني من الجيوش العسكرية، لما تخلقه من اضطراب وقلق لكثير من العائلات الغزيّة، التي قُتل أبناءها على تلك المواقع وهم أحياء.