قائد الطوفان قائد الطوفان

على ضوء التحشيد والتصادمات الأخيرة

هل وصل صراع عباس ودحلان مرحلة "كسر العظم"؟

عباس ودحلان (الأرشيف)
عباس ودحلان (الأرشيف)

الرسالة نت- فايز أيوب الشيخ

وصل الصراع الدائر بين رئيس حركة فتح محمود عباس والقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، مرحلة "كسر العظم".

وما يفسر هذا هو خروج المؤيدين لدحلان في شوارع غزة قبل أيام، في تحدٍ صارخ وحقيقي لعباس وتياره، الأمر الذي ألقى بظلاله الثقيلة على المشهد الفتحاوي، وينذر بتأجج الصراع المحتدم أصلاً.

وشهدت الأيام التي تلت خروج أنصار دحلان في غزة، تجييشاً كبيراً من قبل التيارين المتصارعين، وحرب كلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، علاوة على بيانات الولاء والتبرئة من كوادر فتح التي تهرول لتقديم الطاعة لأحد الطرفين.

بدأت منذ سنوات

الكاتبان والمحللان السياسيان فايز أبو شمالة ومحمود العجرمي، اعتبرا في حديثهما لـ"الرسالة نت" أن مرحلة كسر العظم بين عباس ودحلان بدأت منذ سنوات.

ويرى أبو شمالة أن مرحلة كسر العظم بين عباس ودحلان بدأت منذ طاردت قوى الأمن التابعة لعباس دحلان في الضفة الغربية بهدف اعتقاله، كما تطورت منذ اللحظة التي شطب فيها عباس بقلمه دحلان وأنصاره من قائمة فتح ومواقعهم ومراكزهم حتى محاولة شطبهم من المجلس التشريعي.

وتوقع أبو شمالة أن تبقى الصراعات مستعرة بين عباس ودحلان بمنطق "إما أنت أو أنا"، حيث تبدو الأمور ظاهرة على السطح من خلال محاولة كل طرف إثبات نفسه.

وكمن سبقه، عبر العجرمي عن اعتقاده بأن الصراع بين دحلان وعباس وصل منذ زمن بعيد إلى حدود كسر العظم، مستدلاً بأن الإجراءات التي اتخذها عباس بحق دحلان وكذلك الحملات التي يشنها كل طرف ضد الآخر وكشف المستور بينهما ليس له حدود تذكر.

وذكر العجرمي أن كلا الرجلين يحرضان على المستوى الاقليمي ضد الآخر ووصلا إلى ما أبعد من حافة الهاوية إلى حد سقطت فيه كل آفاق أي إلتقاء بينهما إلى الحضيض، مبيناً أن مصر والامارات باتت في مواجهة عباس في كثير من الشئون وبالمقابل عباس لديه أيضاً دول داعمة له في مواجهة دحلان، على حد تعبيره.

من يسحب البساط؟

ويرى أبو شمالة أن دحلان يمكن أن يكون قادراً على سحب البساط من تحت أقدام عباس إذا غلبَ المصلحة الوطنية على التنظيمية، أما إذا ظل أسيراً لمصلحة فتح ورجالها فلن يستطيع أن ينهض بفتح ولا بغيرها.

وأضاف "إذا نجح دحلان في تحقيق التوافق الوطني والترابط مع باقي الفصائل، فإنه سيتميز عن عباس في هذه النقطة ويستطيع أن يسحقه في الميدان الفتحاوي سواء في الضفة أو غزة، وإنما إن ظل أسيراً لحزبه سيفشل في النهاية ولن يكون رافعة لفتح ولا للقضية الفلسطينية".

ورغم أن أبو شمالة لم ينكر أن المال والمصالح الشخصية لهما دور كبير في تحديد التوجه والموالاة لطرف معين، ولكنه اعتبر أنه لظروف معينة في اللحظات الفارقة من تاريخ الشعوب والأمم فإنها تدوس المال وتقفز عن القضايا الصغيرة وتلتحق بالوطن.

خدمة أمريكا و(إسرائيل)

ويعتبر العجرمي أنه ليس من الصواب الحديث عن اسناد جماهيري لأي طرف من أطراف الصراع الفتحاوي لأن كل طرف لديه ما يبيع ويشتري به ضعاف النفوس، معتبراً أن المناصرين لهذا الطرف أو ذاك لا يُعتبرون عمقاً جماهيرياً بأي حال من الأحوال، خاصة وأن الذي يجمعهما ويتنافسان عليه هو خدمة "السيد الأمريكي والإسرائيلي".

وعبر العجرمي عن عدم ارتياحه لترك الساحة لجماعة دحلان لتعبر عن نفسها بالطريقة التي جرت في قطاع غزة مؤخراً، معتبراً أن الأصوب وقف أي نشاط لأي طرف.

وكان مراقبون اعتبروا نزول أنصار دحلان إلى شوارع غزة في ظل وجود حركة حماس "ضربة معلم" وقلباً للطاولة في وجه عباس الذي يصر على مواصلة مؤامراته بحق غزة ومقاومتها وعلى رأسها حركة حماس.

يذكر أن حركة حماس أكدت على لسان النائب إسماعيل الأشقر، أن حركته لا علاقة لها بإعطاء تصريح بإقامة فعاليات في قطاع غزة لأنصار دحلان لا من قريب ولا من بعيد، مشدداً على أن حماس ليس لها علاقة بخلافات فتح الداخلية.

الطرفان مدعومان

ورغم أن الكاتب والمحلل السياسي عبد الستار قاسم، عبر عن عدم اهتمامه في متابعة الأمور المتعلقة بفصيل اعتاد على الخلافات والصراعات الداخلية، إلا أن اتفق مع من سبقوه باعتبار أن مرحلة كسر العظم بين طرفي الصراع الفتحاوي يُفترض أنها قائمة منذ زمن وتتفاقم فيها الصراعات بشكل تدريجي ينذر بما هو أخطر.

ويرى قاسم بأنه ليس لدى طرفي الصراع الفتحاوي المقدرة على كسر عظم الآخر لأن لدى كليهما -عباس ودحلان- الدعم الذي يستندان إليه، مبيناً أن لدحلان دعم من دول الخليج ، في حين أن عباس يتلقى دعماً مباشراً من أمريكا و(إسرائيل).

وأوضح قاسم أن لدى دحلان دعم مالي جيد يستطيع من خلاله أن يستقطب أتباعا له، معرباً عن أسفه لأن يكون هناك من الفصائل الفلسطينية من يباع ويشترى بالمال في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ القضية الفلسطينية.

في حين اعتبر قاسم أنه من الصعوبة بمكان أن يستطيع دحلان سحب البساط من تحت أرجل عباس لأن الأخير أيضاً مدعوم وليس لدى الأمريكيين والاسرائيليين نية للتخلي عنه في هذه المرحلة بالذات.

وتوقع قاسم أن يتطور الصراع بين عباس ودحلان، مستنداً في ذلك إلى أن حركة فتح اعتادت على الانشقاق والاقتتال إلى حد التصادم بالأسلحة النارية، حيث التجربة حافلة لهذا الفصيل في البقاع اللبناني على سبيل المثال.

مازال على أرضية فتح

أما الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، فقد خالف سابقيه معتبرا أن الصراع لم يصل حتى اللحظة مرحلة كسر العظم وأن كل "التحرك" ما يزال يأخذ طابع الافتراق على أرضية فتح.

وفسر عوكل وجهة نظره بأن دحلان وانصاره سواء في غزة أو الضفة مازالوا يُصارعون من داخل فتح ولم ينشقوا عنها، معرباً عن اعتقاده بأن دحلان ليس مستعداً لمغادرة فتح، وبالتالي فإن الصراع القائم مازال داخل "مبنى فتح" ولم يخرج منها إلى حد الانشقاق.

وعبر عوكل عن اعتقاده بأن دحلان أو غيره لن يستطيع أن يسحب البساط من تحت أرجل قيادة فتح والمنظمة والسلطة وعباس، مؤكداً أن الأمور في فتح اندفعت بحكم الأمر الواقع إلى التأزم ومع ذلك فإن مصيرها مرتبط بالأيام والتطورات.

وبرز خلال التراشق الاعلامي بين التيارين نشر كل طرف لفضائح الطرف الآخر، وارتباطاته مع العدو الصهيوني بالصور والوثائق.

البث المباشر