قائد الطوفان قائد الطوفان

استمرت شهراً ونصف

بماذا خلُصت التحقيقات في قضية "الحسيني"..؟

غزة-فايز أيوب الشيخ-الرسالة نت

لم يتسن حتى اللحظة الاطلاع على تفاصيل نتائج لجنة التحقيق في فضيحة الفساد المالي والأخلاقي التي ظهر فيها الحسيني في أوضاع مخلة في فيلم فيديو بثته القناة العاشرة كما أظهرته يهاجم الرئيس السابق ياسر عرفات ورئيس سلطة فتح الحالي محمود عباس وبعض المسؤولين الفلسطينيين.

هذا الفيديو الذي كشف عنه الضابط فهمي شبانة، فجر أزمة في الرأي العام الفلسطيني ووضع ما يدور حول قضايا الفساد في السلطة تحت المجهر.

وكان عباس قرر منتصف فبراير/ شباط الماضي تشكيل لجنة للتحقيق في الاتهامات التي وجهها الضابط والمسؤول في المخابرات الفلسطينية فهمي شبانة لرئيس ديوان الرئاسة رفيق الحسيني بالفساد المالي والأخلاقي في فبراير/ شباط الماضي.

 لكن قرارًا آخر صدر عن عباس اقتضى تعديل تشكيلة اللجنة التي رأسها بداية أمين سر مركزية فتح أبو ماهر غنيم وبعضوية عضو المركزية عزام الأحمد، بعد أن اتهمت هذه اللجنة بأنها ذات صبغة حركية والمطلوب لجنة محايدة.

بانتظار القرار النهائي

و حاولت "الرسالة نت" الحديث مع أعضاء اللجنة للوقوف على نتائج التحقيقات، ولا سيما رئيس اللجنة صالح رأفت وعضوها رفيق النتشة إلا أنها كانا في كل مرة يتهربان من مجرد التوضيح.

واكتفى عضو اللجنة و الممثل الشخصي لعباس بالتصريح لـ"الرسالة نت"، بأن اللجنة الذي استمر عملها أكثر من شهر ونصف، قد أنهت أعمالها وتحقيقاتها بالكامل وسلمت تقريرها وتوصياتها لعباس الذي أكد التزامه بتنفيذ توصيات اللجنة، رافضاً الكشف عن أي تفاصيل في محتوى التحقيق تاركاً القرار النهائي بيد عباس .

غير أن مصدرا مقربا من مكتب النتشة، أكد أن اللقاء الذي جرى بين عباس وأعضاء اللجنة الذين سلموه التقرير المتعلق بنتائج التحقيق "لم يكن يحمل دلالات توحي بأهمية الموضوع"، حيث كان اللقاء على هامش اجتماع جرى مع قيادات في السلطة في اليوم التالي لعودة عباس إلى رام الله.

تحقيقات بشكل ودي

وبين المصدر لـ"الرسالة نت" أن التحقيقات لم تكن تجري في مكتب النتشة باعتباره رئيساً لهيئة الكسب غير المشروع، مرجحاً أن تكون معظم التحقيقات جرت وديا، متسائلاً باستهجان:"وإلا لماذا يجير لقاء أطراف التحقيق في بيوتهم كما حصل مع الحسيني الطرف الرئيسي في القضية..!؟".

وكان عضو اللجنة نقيب المحامين الفلسطينيين علي مهنا قال لـ"الشرق الأوسط"، "بروتوكوليا لا يمكن الكشف عن تفاصيل تم تسليمها لعباس قبل أن يتخذ هو الإجراءات اللازمة"، موضحاً  أن اللجنة حققت في قضية شريط الحسيني وما يتصل بها، وليس في الاتهامات التي كالها المحامي فهمي شبانة، مضيفاً :"اتهامات شبانة موضوع آخر ولم نحقق فيه".

تجارب السلطة سابقة

أما النائب المستقل د.حسن خريشة، عبر عن اعتقاده بأن "سلطة فتح" لن تنفذ توصيات لجنة التحقيق في قضية الحسيني، عازياً ذلك إلى التجارب السابقة للسطة في العمل الرقابي والإداري.

وقال لـ"الرسالة نت": "كلما تحدثوا عن فاسد يكافأ برفع درجته إلى الأمام ولا يُحاسب ، فمبدأ المحاسبة بالأساس للسطة على مدار تجربتها السابقة غير موجود، وهذا الكلام مُعاد في أكثر من تجربة ومناسبة".

واعتبر خريشة أنه كان من المفترض تشكيل لجنة تحقيق وطنية بإشراف قضائي وبمشاركة برلمانيين فلسطينيين للتحقيق في قضايا الفساد المتعلقة بالشأن العام، وخاصة المال العام وسوء الإدارة والاختلاسات .

وشدد خريشة، على أهمية  الإعلان فوراً عن تشكيل هيئة "الكسب غير المشروع" ، مشيراً أنه لا يكفي فقط وضع رئيس للهيئة بدون أعضاء ممثلين فيها، كما فعل عباس. وأكد على  ضرورة أن يتم عرض "هيئة الكسب غير المشروع" على المجلس التشريعي لإقرارها،  قائلاً:"بغياب التشريعي وضع عباس رئيس للهيئة بدون هيئة أصلاً"، حسب تعبيره.

الفلسفة الأمنية

خريشة الذي قال أن" الغاية لا تبرر الوسيلة"، اعتبر أن الحسيني قد أخطأ حين قام بما هو منسوب إليه من فساد تم الكشف عن جزء منه، لكنه اعتبر أنه ليس دور الأجهزة الأمنية تصوير المواطنين بهذه الطريقة السافرة التي ظهر بها الحسني في الشريط .

وأكد أن هذا يتناقض مع الفلسفة الأمنية التي يجب أن يتمتع بها المواطن، معللاً بأن الأمن وجد لحماية الوطن والمواطن وليس بانتهاج الرقابة وتصوير المسئولين الفلسطينيين وابتزازهم.

وكان شبانة قد اتهم مسؤوله السابق في جهاز المخابرات، توفيق الطيراوي بأنه هو الذي أصدر التعليمات إليه بتصوير الحسيني، واتهم الطيراوي شبانة بالجاسوسية لـ"إسرائيل". وهناك من يربط بين إقالة الطيراوي من عمله مسئولاً للمخابرات قبل نحو سنة ونصف وبين قضية الحسيني، إذ كان شبانة قد أطلع عباس في ذلك الوقت على تفاصيل شرائط الحسيني، وقام بتوزيعها قبل شهرين فقط.

سرقة المال العام

ومن جانب آخر أكد خريشة أنه ليس مسموحا لأي مسئول فلسطيني أن يسقط في هذا الدرك الأخلاقي الذي سقط فيه الحسيني، معتبراً أن ذلك ليس هذا بيت القصيد، ولكن المهم أن يكون هناك بحث وتحقيق جدي في الموضوعات الأخرى المتعلقة بالشأن العام، ولاسيما المال العام وسوء إدارته ومحاسبة كل من استغل وضعه الوظيفي وموقعه القيادي والسياسي في سرقة المال الذي يخص الشعب الفلسطيني.

 واستدرك خريشة:" إلى أن نصل إلى هذه المرحلة نحتاج إلى وقت طويل للحصول على قرار سياسي بتنفيذ ذلك.. ولكن يبدو أن البعض معني بغير ذلك"، حسب رأيه.

وقال أن قضية الحسيني لا تتوقف عند ما كشف عنه شبانة،  فهذا الملف قديم يتجدد بين فترة وأخرى،  وما تجديده إلا لدوافع مختلفة"، مضيفاً:" لكن أياً كانت الدوافع فالمطلوب إجراء تحقيق نزيه يجب أن يضم شخصيات عامة ومستقلة ومن البرلمان والقضاة".

وتابع:"قضية الحسيني ليست قضية مهمة كثيراً، غير أن الجانب المهم فيها أن الأمن استخدم لرقابة المواطنين في خصوصياتهم ولاسيما دخول بيوتهم.. والأهم من ذلك أن المسئولين استخدموا بيوتهم و غيرها للسقوط الأخلاقي".

من الجدير ذكره أن "الرسالة نت" حاولت الاتصال بالضابط فهمي شبانة، الذي لم تستجوبه لجنة التحقيق، حيث  أبلغها بأنه لا يستطيع الحضور بسبب الإقامة الجبرية التي فرضتها عليه السلطات الإسرائيلية، وهدد بمواصلة الكشف عن ملفات يحتفظ بها، متهما عباس نفسه بالتستر على فاسدين.

 

 

البث المباشر