على مشارف انتهاء عام 2014م، الذي حمل في طياته الكثير من الأحداث والمواقف في فلسطين بشكل عام ومدينة القدس والمسجد الأقصى بشكل خاص، تغيب أفق تحسن الأوضاع خلال العام المقبل لاسيما إذا ما أخذ بالاعتبار حجم التغول (الإسرائيلي) على المدينة المقدسة.
ويعتبر هذا العام هو الأسوأ على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية، خصوصا وأن الاعتداءات وأعمال القمع وتدنيس الأقصى التي مارستها سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنين لا تشبه غيرها من الاعتداءات في الأعوام السابقة.
"الرسالة نت" سلطت الضوء على واقع المعاناة والمأساة التي عاشتها المدينة المقدسة، واستطلعت آراء المختصين حول ما يمكن أن تؤول إليه الأحوال في القدس خلال العام القادم 2015.
العام الأسوأ
رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، أكد أن عام 2014م على الأقصى شهد أحداثًا كثيرة ساخنة ومتسارعة، بعد ممارسة سلطات الاحتلال أبشع أنواع القمع بحقه، وبحق أهل بيت المقدس.
وقال صبري في حديث لـ "الرسالة نت"، "إن كثرة الأحداث في الأقصى أدت إلى انفجار الشعب نتيجة الضغط، وتنفيذ عدة عمليات في القدس"، مشيرًا إلى أنه عام شهد تزايدًا ملحوظًا في الاقتحامات واعتقالات الشبان ومضايقة المقدسيين.
فيما وافقه الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية بالداخل المحتل، قائلًا "عام 2014 تميز بزيادة تشديد الاحتلال الخناق على القدس، وتطبيق مشاريعه السوداء".
وأضاف الخطيب لـ "الرسالة نت" أن هذا العام شهد حدثًا غير مسبوق وهو منع المصلين من أداء صلاة الجمعة خلال شهر رمضان المبارك، مشيرًا إلى أن عدد المصلين وصل في تلك الفترة إلى 30ألف في حين أنه في الأعوام السابقة وصل إلى ربع مليون مُصلي.
ووصف تلك الأيام التي مرت بها القدس بـ "السوداء"، متابعًا "أن القدس عاشت في حالة من اليتم والانقطاع عن الدول المحيطة بها".
المختص في شئون القدس جمال عمر، أكد بدوره أن عام 2014 كان مرًا وثقيلًا على الأقصى، قائلا "المدينة المقدسة أصبحت الهدف الاستراتيجي لحكومة نتنياهو، خصوصا بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة".
وبيّن أن الاحتلال حاول الاستفراد في الأقصى وتحقيق أهدافه في القدس بعد فشله بتحقيقها في غزة، وأراد ان يحقق استباقًا للحكومة وإبراز نفسه المنتصر أمام شعبه، حتى يعيد لها الثقة.
وكشف أن موضوع الأقصى برمته تحول إلى لجنة مختصة في الكنيست (الإسرائيلي)، من أجل البحث في مصير الأقصى.
غزة الشرارة
وتحدث صبري عن مدى ارتباط قطاع غزة، بمدينة القدس والمسجد الأقصى، قائلًا " في هذا العام اعتدى الاحتلال على غزة، الأمر الذي أثار غضب المقدسيين فثأروا لها"، معتبرا واعتبر أن الأحداث التي جرت في غزة هي بمثابة الشرارة التي انطلقت منها انتفاضة الأقصى.
وفي السياق نفسه، قال صبري "إن صمود غزة أجبر الاحتلال على حل الكنيست (الإسرائيلي) وإجراء انتخابات مبكرة".
بدوره، أكد الخطيب أن صمود غزة وانتصارها المعنوي في معركة العصف المأكول أدى لالتفات الاحتلال نحو مدينة القدس، وقال "إن انتصار غزة كان الشرارة لاندلاع انتفاضة القدس والهبة المقدسية والتي زادت حدتها خلال الشهرين الماضيين"، مضيفا "لم ينته 2014 حتى اثبتت القدس صمودها ورفضها الركوع وتنفيذ مشاريع الاحتلال السوداء".
لا يوجد انفراج في 2015
وعن توقعاته لعام 2015 كيف سيأتي على المدينة المقدسة، استبعد صبري أن يطرأ أي انفراج في الأحداث الجارية بالمدينة المقدسة والمسجد الأقصى، مرجعًا سبب ذلك إلى الخلافات والصراعات الدموية المستمرة في البلاد العربية.
وقال "إن الاحتلال يستغل الوضع السائد للعالم من أجل الانقضاض على القدس والمسجد الأقصى والاستفراد به".
فيما ربط الخطيب بين ما يجري في المنطقة و الأوضاع في المسجد الأقصى، قائلا "نتوقع أن تطرأ بعض التغيرات الايجابية في الوطن العربي، والتي قد تؤثر على المدينة المقدسة.. يجب أن تستمد القدس أنفاسها من محيطها العربي".
واعتبر أن صمود القدس ودفاع المقدسيين عنها "بشارة خير ودليل على امكانية حدوث تغيرات خلال الفترة المقبلة".