قائمة الموقع

مقال: أمريكا تطعن حلفاءها العرب

2015-01-02T08:19:14+02:00
الكاتب سمير الحجاوي
سمير الحجاوي

التحالف الأمريكي العربي من أغرب وأعجب التحالفات في العالم، بل ربما في التاريخ كله، فالولايات المتحدة الأمريكية تأخذ من الأنظمة العربية الحليفة كل شيء، ولا تعطيهم أي شيء.

التصرفات الأمريكية حيال حلفائها العرب، تتسم بعدم اللياقة واللباقة والاحترام، فواشنطن لا تقدم لهم أي شيء لتستخدمه هذه الأنظمة أمام شعوبها، ولو على الأقل كورقة توت تستر بعض العورات، أو تموه بستر العورات في الحد الأدنى.

وآخر مثال على قلة الاحترام، بل الازدراء الأمريكي لحلفائها من الأنظمة العربية، وهو التصويت بلا في مجلس الأمن ضد مشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لبعض الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو مشروع مبني على ما يسمى "الشرعية الدولية"، رغم أن الفلسطينيين نقلوا مطالبهم إلى مجلس الأمن وقد شلحوا كل حقوقهم التاريخية ولم يبقوا إلا على جلودهم العارية، إلا أن ذلك لم يشفع لهم ولم يفتح لهم بابا للقبول من لدن العم سام الذي يبدو أنه لا يرى لا الفلسطينيين ولا العرب كلهم.

التحالف الأمريكي العربي "مسخرة" وكوميديا سوداء تراجيدية، لأنه يجمع بين تناقضات لا يمكن أن تستوي أو تجتمع معا، فالأنظمة العربية تضع 99% من أوراق اللعبة في اليد الأمريكية، وأمريكا تعطي 100% من الأوراق لإسرائيل، مما يعني أن الأنظمة العربية تضع كل الأوراق بيد إسرائيل بطريقة غير مباشرة.

لكن الأدهى والأمر من ذلك، أن الأنظمة العربية بما فيها نظام محمود عباس، يحرصون على الرضا الأمريكي ومنح إدارة أوباما كل ما تريده، على أمل أن يتكرم السيد ويمنحها شيئا في المقابل، ولكن للأسف فإن سيد البيت الأبيض لا يمنحهم أي شيء مهما كان صغيرا وضئيلا .. فهل هناك ما هو أغرب من هكذا تحالف وهكذا حلفاء؟ بالطبع لا .. لكن إذا كان المقابل هو حماية هذه الأنظمة من السقوط، ومنحها "مطاعيم ضد الديمقراطية" بدون التسبب بآثار جانبية، فإن هذا الثمن يبدو كافيا حتى للتنازل على فلسطين كلها من النهر إلى البحر.

للأسف الشعب الفلسطيني يخوض حربه وحيدا، يقاتل وحيدا، ويصمد وحيدا، وفي بعض الأحيان ينتصر وحيدا، ويبكي وحيدا، وينزف دمه وحيدا، ويحاصر وحيدا، بل ويساهم "الأشقاء الأشقياء" بخنقه وحصاره وذبحه، ولعل غزة هي شاهد حي على المجزرة.

أمريكا لا ترى في المنطقة إلا إسرائيل والأمن الإسرائيلي والمصالح الاسرائيلية، فهي الحليف الاستراتيجي الوحيد الموثوق به، أما الآخرون فهم ليسوا أكثر من اتباع عليهم أن يقبلوا ما يرمى إليهم من فتات المصالح والقرارات.

القرار الذي قدمته سلطة عباس، يعكس الحالة العربية المزرية، فقد جاء فارغا من كل المطالب الفلسطينية في حدها الأدنى، التي نصت عليها القرارات الدولية، وهو ما أثار حفيظة اليسار الفلسطيني من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطينية إلى الجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي والمبادرة الفلسطينية، إضافة إلى رفض الحركات الإسلامية، حماس والجهاد الإسلامي، فمشروع القرار كان "معتدلا" حسب تعبيرات عباس والأنظمة العربية، وجاء ملبيا لكل المطالب الإسرائيلية باستثناء إنهاء الاحتلال الإسرائيلي على بعض الأرض في الضفة الغربية، ومع ذلك رفضه الكيان الإسرائيلية ورفضته الإدارة الأمريكية، ومعها استراليا، وبريطانيا التي ترفض بصمت، وإلى جانبها نيجيريا ورواندا بفعل اللوبي اليهودي والإسرائيلي والأمريكي.

والسؤال الموجه إلى الأنظمة العربية الحليفة لأمريكا.. ماذا بعد؟ وكيف ستتصرفون بعد أن أعلنت أمريكا الراعية والحامية لإسرائيل أنها ضد إنهاء الاحتلال؟ وماذا ستفعلون بعد هذا الفيتو الكبير ضد منح الفلسطينيين بعضا من أرضهم رغم تنازل سلطة عباس عن الجو والبحر والأرض والأثير والأمن؟

الحقيقة أن الأنظمة العربية لن تطالب "الحليف الأمريكي" شيئا، وعلى الشعب الفلسطيني أن يصمد في المخيمات 100 عام أخرى، أو أن يقاتل وحيدا كما قاتل في غزة، فإذا مات الشعب الفلسطيني ارتاح العرب منهم، وإذا انتصروا ارتاحوا من القضية.

ولكن حتى يحدث هذا، هل تتجرأ الأنظمة العربية وتطلب من "حليفها الأمريكي" بعض الاحترام، حتى ولو كان احتراما زائفا تسوقه أمام شعوبها؟

اخبار ذات صلة