سمير المشهراوي كادر فتحاوي متنفذ وقريب جدا من الرجل القوي المثير للجدل محمد دحلان، وقد لا يكون أقل منه في تشعب علاقاته الدولية والعربية وتحركاته السرية والعلنية، وكان له دور بارز في الانقلاب على حكومة هنية "الحكومة العاشرة" ومحاولة عرقلة أعمالها بعيد الانتخابات التشريعية، مما أدى لإحداث مؤسفة أدت لسيطرة الحكومة على قطاع غزة وهروب طواقم التمرد وعناصره وقياداته للضفة الغربية ومصر حيث أديرت عمليات المشاكسة بشكل مركزي من قبل الرئيس محمود عباس.
ففي لقاء إعلامي صريح مع الإعلامي سيف الدين شاهين اعترف السيد المشهراوي أن حركة فتح لم تقبل بنتائج الانتخابات ولم تتعامل بديمقراطية مع افرازاتها ولم تمنح حماس الفرصة، وتقصدت إعاقتها وعرقلة عملها مما اضطر الحركة وقوتها التنفيذية للدفاع عن نفسها ولأخذ حقوقها بالقوة.
كلام المشهراوي حمل نبرة ندم على ما قامت به السلطة ممثلة بالرئيس محمود عباس وما قام به هو شخصيا، ويفتح باب التأويل على مصراعيه لنوايا فتح صفحة جديدة في التعامل مع الواقع الفلسطيني بتعقيداته، كما يحمل حديثه دعوة مباشرة لحركة حماس القوية لتجاوز الفترة العصيبة التي مرت بها القضية وقطاع غزة، مع ترتيب الملفات وفق قواعد مختلفة لا يكون فيها عباس ونهجه وطريقته الإقصائية.
الخطاب الاعلامي للكثير من كوادر فتح في غزة إيجابي وبناء ويمكن استثماره في إصلاح الحالة الفلسطينية وإن كان ما صرح به السيد المشهراوي غير كافٍ ويتطلب المزيد من التوضيح، إلا أنه جيد ويخلق بيئة صحية يمكنها التفاعل في الاتجاه الصحيح، وعني أنصح السيد محمد دحلان أن يقول كلمته بهذه الحقبة وليس عيبا تقديم اعتذار للشعب ولحماس والمطالبة العلنية لفتح صفحة جديدة معها تقوم على أساس وحدة الهم والمصير، وشراكة حقيقية في إدارة المشروع الوطني.
بالتأكيد هناك آراء مؤثرة في حماس لا تقبل اي تقارب وتفاهم مع المشهراوي ودحلان إلا أن فشل المصالحة وسلوك حكومة الوفاق برهنت لهم أن التعامل مع الرئيس عباس لا تصل الا لحائط مسدود، وأنه يحمل مشروعا اقصائيا مريعا وسياساته ما بعد المصالحة تجر القطاع لحالة فوضى وفراغ خطير، كما ان تيارا عريضا من حركة فتح معبأ سلبيا اتجاه حماس بسبب الإلام الكاذب والارتباط الوظيفي بمنظومة الرئيس عباس.
في السياسة لا عداوات وصداقة دائمة، وعلينا التعامل بمسؤولية وفق بناء منظومة تقبل الجميع ولا تضع فيتو على أحد، وتفتح قنوات تواصل فلسطينية داخلية يمكن فيها التخفيف عن واقع غزة المتفجر.
حماس ليست حركة عابرة ولا هي جماعة تائهة لا تجيد العوم في بحر متلاطم من التغيرات بل على العكس من ذلك أثبتت أنها الأمهر في التعامل مع المستحدثات السياسية والامنية ولديها قدرة على اجتياز العواصف بتوازن ومهارة وهي حركة قوية وجريئة في اتخاذ الخطوات.