استغلت السيدة أم أحمد وهدان القاطنة في مخيم جباليا شمال مدينة غزة وصول التيار الكهربائي، الذي يأتي في أوقات نادرة، لطهي الطعام، بعد نفاد أسطوانة الغاز من منزلها منذ قرابة أسبوع، دون التمكن من تعبئتها لدى الموزع في منطقة سكنها.
ولكن الانقطاع المفاجئ للتيار حرم أم أحمد (35عامًا) من استكمال عملية الطهي، ما اضطرها إلى إرسال حلة الطعام "النصف مطهو" إلى جارتها التي ما تزال تحتفظ بمخزون قليل من الغاز، ليتم إعداده هناك، ويتسنى لها إطعام أطفالها الخمسة وسط موجة برد قارس.
ومنذ تخصيص الاحتلال الإسرائيلي معبر "كرم أبو سالم" كممر تجاري وحيد للقطاع مطلع يناير 2012، والقطاع يعاني نقصًا كبيرًا في كميات غاز الطهي الموردة إليه والمخصصة للمنازل ؛ كونها لا تكفي لتغطية احتياجات السكان.
أم أحمد وجاراتها في ذلك المخيم، يحاولن السيطرة على تلك الأزمات من خلال الصلة الاجتماعية، واحدة تكمل طهي طعامها عند الأخرى، والثانية تكمل غسيل ملابس أطفالها عن الجارة الثالثة.
تقول السيدة وهدان لـ"الرسالة": "لو لم نفعل ذلك لأصبحنا ضحايا أزمات غزة، لذلك نتشارك فيما بيننا".
وتشير أم أحمد إلى أنه عند ذهابها لتعبئة الأسطوانة في إحدى المحطات الواقعة غرب مدينة غزة، تفاجأت من اصطفاف عدد كبير من سائقي الأجرة التي تعمل مركباتهم على الغاز.
تتابع، فيما كانت علامات الغضب بدأت ظاهرة على وجهها، " طلب مني أحد العمال في المحطة أن اتي الأسبوع المقبل، ولكن تفاجأت أنه كان يعبئ لزبائنه من السائقين".
وقبل أن تختم السيدة حديثها لـ "الرسالة"، طالبت من الجهات الرسمية الوقوف على حلول لظاهرة تشغيل السيارات على الغاز التي تعكس سلبًا على المواطنين.
ومثل السيدة وهدان يبدي غالبية سكان غزة، امتعاضًا شديدًا إزاء تشغيل السيارات باستخدام الغاز، وهم يطالبون الجهات المسئولة بالرقابة على عمليات توزيع الغاز لإنهاء الظاهرة التي تترك منازلهم دون غاز.
وحسب الموزعين فإن اسطوانة الغاز زنة (12 كيلو) تكفي أسرة مكونة من 5 أفراد مدة 45 يوما، بينما لا تكفي نفس الكمية لتشغيل سيارة الأجرة سوى ليوم واحد فقط.
ويقول مسئولون إن تفاقم الأزمة جاء منذ توجه الكثير من سائقي السيارات التي تعمل على البنزين لتشغيلها باستخدام الغاز وذلك بعد إغلاق الجيش المصري الأنفاق بين قطاع غزة ومصر صيف العام 2013.
في الأثناء سمير حمادة مسئول لجنة الغاز في جمعية شركات محطات البترول في القطاع، يحمل الموزعين مسئولية تأخر تسليم اسطوانات للمواطنين.
ويضيف حمادة في حديث صحفي سابق، " لا تخرج أي كمية من المحطة إلا بوجود مراقب من الهيئة العامة للبترول، حيث يسلم الموزع كشفا بأسماء المستفيدين من حمولته".
ويوضح في هذا الصدد أن القطاع يحتاج يوميا إلى 300 طن من الغاز فيما يتراوح ما يتم إدخاله يوميا بين 200 و240 طن خلال خمسة أيام فقط من الأسبوع وهي الأيام التي يعمل بها معبر كرم أبو سالم.
في المقابل تصل نسبة العجز بكمية الغاز شهريا ما بين 40 إلى 50% من احتياجات قطاع غزة وهو ما يجعل مخزون محطات التعبئة صفر بحسب حمادة.
بدوره تحدث مدير الهيئة العامة للبترول في غزة أحمد الشنطي في تصريحات صحفية عن عدة عوائق أولها: عدم بسط حكومة التوافق سيطرتها على غزة، وصرف رواتب الموظفين، وتخفيض المصاريف التشغيلية بشكل كبير.
وأشار إلى أنه بإمكان شرطة المرور منع السيارات من العمل على الغاز خلال 48 ساعة "لكن هذا سيؤدي لأزمة لدى السائقين الذين يحصلون على رزقهم من هذا العمل".
وتبقى أزمةُ الغاز التي يعاني منها قطاع غزة، تُراوح مكانها وتبحث عن حلول عاجلة، دون أي تحرك من قريب ولا بعيد.