جنين – لمراسلتنا
لهم أطفال وزوجات ومنهم من بنى الآمال والأحلام.. خمسة أعوام مضت على أولئك الذين تزاحمت بهم أمواج السياسة لتقذفهم إلى البطالة والأوضاع المعيشية الصعبة, وأمسوا اليوم رهينة وعودات تحولت إلى سراب فيما بعد.
وأولئك هم الذين صدر قرار بتفريغهم للعمل في الأجهزة الأمنية عام 2005, ليس حبا فيهم ولكن تنغيصا على حركة حماس قبيل فوزها في انتخابات المجلس التشريعي مطلع كانون الثاني من عام 2006.
خمسة عشر ألف مواطن هم الذين تم تفريغهم للعمل في الأجهزة الأمنية، وبعد أن استخدمتهم حكومة رام الله ورقة سياسية وابتزازاً إضافياً على حماس تناست قضيتهم ولم تكترث لما حل بهم وبحالتهم النفسية وما آلت إليه معيشتهم التي استمرت خمسة أعوام على الأمل، وفي بعض الأحيان كانت تفرز لهم مكافآت لا تكاد تكفي لإسكات بكاء أطفالهم.
ومنذ ذلك الحين إلى الآن والوعودات تنهال عليهم من قادة فتح ووزراء حكومة رام الله, حتى وصل الحد بالضغط على بعضهم للقيام بأعمال إجرامية تخل بأمن المواطن في غزة مقابل اعتمادهم المالي في خطوة مقيتة من ألاعيب حكومةٍ تتخذ الاحتلال قدوة وقائداً.
أزمة متعمدة
ويقول أحد المفرغين للأجهزة إن حياته تزداد سوءا يوما بعد يوم، خاصة أن له سبعة أطفال، فيرسل أربعة للعمل باعة متجولين، في حين يعمل هو على عربة تبيع الحمص كي يؤمن مصاريف المنزل.. أما إحباطه من حركة فتح التي انتمى لها يوماً فلا يكاد يوصف لأن الأزمة اعتبرها متعمدة من قبل رام الله لإحراج حماس، ويتساءل:"أوصل الحال بنا أن نجوع الأطفال لأمور السياسة؟".
أما الهدف الأساسي من هذه الخطوة فهو إرباك الموازنة العامة وإدخال حماس في حرج اجتماعي في حال فصلت المفرغين، وآخر مالي بتوفير ما يزيد عن 20 مليون شكل شهرياً، وإلصاق خللٍ وظيفي في الهرم الإداري التابع لها.
قطع الأرزاق ثني للأعناق
ويرى المحللون والمراقبون أن سياسة حكومة رام الله في عدم التعاطي مع ملف تفريغات 2005 يعود لبرنامج ضغط متواصل على حكومة غزة لثني عنقها والعودة للمصالحة بشروط فتحاوية، معتبرين هذه السياسة استكمالا لحصار البنوك والتحويلات المالية وقطع الرواتب المساهمة في حصار غزة وحربها من أجل حلم لا لراحة شعب مكلوم وإنما لعودة حكم مزعوم.
وشكلت القضية نقطة تحول خطيرة في علاقة فتح بعناصرها في السلطة، لا سيما بعد الرابع عشر من حزيران عام 2007، إذ رفض رئيس حكومة رام الله سلام فياض الاعتراف بشرعية هذه التعيينات واعتبرها "غير قانونية".
ومن جهتهم حاول العديد من ضحايا الابتزاز السياسي الاتصال برام الله وقيادات فتح الفارة من غزة لسماع أخبار مطمئنة حول الراتب الشهري والمستحقات أو الترقية في الرتب العسكرية كباقي أفراد الأجهزة ووجود تأمين صحي شخصي له ولعائلته.. وكانت الإجابة تأتي على الفور بأن قيادتكم لن تنساكم وان الموضوع في طريقه للحل, فتمكن البعض من الحصول على راتب شهري بقيمة ألف شيكل دون المستحقات والتأمين والدرجات, وأغلبهم لم يحصل على شيء.ولإمعان الظلم اتبعت حكومة رام الله آلية إقصاء وظيفي من القائمة تحت إطار جلب ورقة حسن السير والسلوك، وهو الأمر الذي يعطيها الفرصة في إبقاء الملف عالقا واستخدام الانقسام حجة أمام عناصر فتح الذين تشملهم التفريغات في محاولة لإطالة عمر المشكلة دون إثارة غضب المفرغين عليها.
وفي هذا اتهمت حكومة رام الله أفراد كتيبة بتسليم الموقع العسكري الذي يعملون فيه طوعاً لحركة حماس في حزيران من عام 2007 ولهذا تتم معاقبتهم حسب قاموسها الظالم.
القضاء ومماطلاته
وفي محاولة لحل الأزمة أصدرت اللجنة الوطنية لموظفي الأجهزة الأمنية – تعيينات 2005- بيانا في 9/3/2010 أكدت فيه أنها ستلجأ لرفع دعوة قضائية ضد حكومة رام الله برئاسة سلام فياض وتقديمها للمساءلة القانونية إذا لم يتم حل كامل وشامل لملفهم.
واعتبرت اللجنة أن أي حل لا يستند إلى نصوص القانون الفلسطيني يُعد تجاوزا وليس له أي شرعية، مضيفة: "حقوقنا واضحة وضوح الشمس بما يكفلها القانون الفلسطيني, والفيصل بيننا وبين الحكومة هو القانون الأساسي الذي سنه المجلس التشريعي ".
كما دعت اللجنة جميع موظفي الأجهزة الأمنية تعيينات 2005/2006/2007 إلى الالتزام الكامل بالاعتصام الأسبوعي كل خميس في ساحة الجندي المجهول بغزة
حلول بالأفق
ولإسكات المظلومين عن المطالبة بحقهم ادعى عضو فتح محمد دحلان عبر برنامج "عالمكشوف" في تلفزيون فلسطين الجمعة الماضية أن القضية في طريقها للحل ضمن الأطر القانونية والتسلسل المالي والإداري في ديوان الموظفين, كما أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح صخر بسيسو، أنه سيتم صرف 1550 شيكل لعناصر تفريغات 2005 اعتبارا من ابريل الجاري، إضافة إلى تأمين صحي للعنصر وأسرته.
ولفت بسيسو إلى أن المشكلة جرى حلها بحيث يتم تثبيتهم بموقع أو رتبة أو راتب جندي مع ضمان التأمين الصحي الشخصي،موضحاً أن لجنة تم تشكيلها برئاسة سلام فياض لحل المشكلات المالية ومناقشة كافة الموظفين في السلطة ممن أوقفت رواتبهم أو تأخرت أو المعلمين الجدد وكافة القضايا العالقة.
وكانت محكمة العدل العليا أحبطت المعلمين المفصولين من التربية والتعليم والسلطة على خلفية الانتماء السياسي, وذلك برد دعوتهم وعدم النظر فيها.
وبين توقعات بحل الأزمة وآمال المفرغين تبقى قضية التفريغات في سجال إلى أن تظهر الوعودات التي ما انقطعت طوال خمسة أعوام, وحسب الاتفاق الذي يتحدث عنه قادة فتح والسلطة فإن شهر نيسان هو الفيصل.. إما بتطويق القضية وإما بتصعيد الاحتجاجات من قبل اللجنة التي تدافع عن عائلات بأكملها تُركت بلا لقمة عيش، وإن أُطعِمت فالابتزاز وقودها.