انتظر الغزيون طويلا خبر فتح معبر رفح ولو لأيام معدودة، فصلوا تضرعا لله أمام بوابة المعبر للتخفيف من معاناة أكثر من 25 ألف مواطن من بينهم مرضى وطلاب يحتاجون السفر، فيما نظم العشرات صباح الخميس الماضي وقفة احتجاجية في ميناء غزة البحري، للمطالبة بفتح ممر مائي كبديل عن معبر رفح البري.
معبر رفح الذي ارتبط اسمه خلال الفترة الماضية بالأحداث في سيناء والتي أدت لتعطيل عمله لأيام طويلة أعلنت السلطات المصرية فتحه لثلاثة أيام ابتداء من الغد كحالة استثنائية لا تكفي لسد احتياجات آلاف العالقين في طوابير الانتظار.
فتح المعبر جاء بعد لقاء جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان قبل عدة أيام، ورغم التكتيم المصري إلا أن "سفيان أبو زايدة" القيادي المفصول من "فتح" والمقرب من دحلان، قال على صفحته على فيس بوك إن لقاء مطولا جمع دحلان مع السيسي في القاهرة".
اللقاء بين الرجلين لم يكن الأول من نوعه بل سبقته لقاءات واتصالات أخرى تمخض عنها في كل مرة فتح استثنائي للمعبر.
واستبق دحلان حديث الجهات المصرية عن فتح المعبر بالإعلان على صفحته أن مصر ستفتح معبر رفح قريبا، كخطوة أولى في سلسلة إجراءات وتسهيلات لصالح قطاع غزة.
وقد يكون فتحه حاليا نتيجة للجهود السابقة، وخوفا من انفجار وشيك في القطاع بعد تزايد الضغوط على السكان الأمر الذي دفع نائب رئيس الشؤون السياسية للأمم المتحدة بمجلس الأمن، "جينس أندرس تويبرج" لمطالبة مصر بإعادة فتح المعبر، مشيرًا إلى ضرورة مراعاة الاعتبارات الأمنية بالدرجة الأولى.
وأضاف خلال جلسة لمجلس الأمن، أن المشاكل الإنسانية متفاقمة، فالمرضى كثيرون وهناك الآلاف من العالقين.
وفي إجراء روتيني وصل الخميس الماضي وفد بعثة المراقبين الدوليين الى معبر رفح البري جنوب قطاع غزة لإجراء جولة تفقدية داخل مقرها في المعبر.
وأكدت مصادر محلية أن الزيارة ليست الأولى للوفد الذي وصل المعبر للاطلاع على ما دمره الاحتلال إلا أنها تحمل دلالات عدة.
ورغم الموقف السياسي المصري من غزة وحركة حماس والتي أدت الى تضييق الخناق على القطاع الا انه من الصعب تجاهل الوضع الامني في سيناء والذي يعد عائقا حقيقا أمام فتح المعبر كما تؤكد السلطات المصرية، لكن ذلك لا يعفي الشقيقة المصرية من مسؤوليتها الأمنية والإنسانية تجاه القطاع والتي تخلت عنها خلال الأشهر الماضية الأمر الذي ضاعف معاناة الآلاف وعطل مصالحهم، خاصة وأن الأمن في غزة يبذل جهودا مضاعفة للإبقاء على حالة الهدوء على الحدود وهو ما يعترف به الأمن المصري.
ومن الواضح أن الحالة الأمنية على الحدود بين غزة ومصر هي الأفضل ما بين حدودها مع كل من السودان وليبيا والتي تشهد عمليات مستمرة، ما يؤكد أن مصلحة حماس تقتضي وجود حالة من الهدوء على الحدود وينفي علاقتها بأي من العمليات في سيناء كما تحاول بعض الجهات الترويج لها.
سلوك مصر دفع النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة للقول بأن جمهورية مصر العربية تخلت عن رعاية الملفات الفلسطينية الداخلية والخارجية الهامة، بعد إهمالها لتلك الملفات خلال الشهور الماضية".
وأكد خريشة، في حديث خاص لـ"للرسالة"، أن مصر حتى اللحظة لم تُفعل دورها كوسيط في ملف المصالحة بين حركتي "فتح وحماس" ومتابعة ما يجري على الساحة الداخلية من تبادل للاتهامات وتعطيل لبنود الاتفاق الذي جرى برعايتها في القاهرة.
ورأى خريشة أن تجميد تلك الملفات المرتبطة بمصر كوسيط يعطي إشارة بأنها لم تعد تهتم بالقضايا الفلسطينية، بسبب الأوضاع الداخلية الصعبة التي تعاني منها.
هذا الواقع الصعب وتخلي مصر عن دورها قد يدفع غزة للبحث عن بدائل على صعيد رعاية الملفات السياسية بالإضافة لمنافذ أخرى كممر مائي.
مراقبون رأوا في تركيا بديلا ممكنا لمصر خاصة انها باتت ذات ثقل دولي لا يستهان به ، كما أن لقاء رئيسها رجب طيب أردوغان خلال الأسبوع الماضي رئيس السلطة محمود عباس، وقبله رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل قد يصب في هذا الاتجاه.
المحلل السياسي حسن عبدو قال إن عزل غزة عن العالم يشكل ضغطا على المواطنين، معتبرا أن الفعاليات التي تنظم في غزة هي محاولة لإيصال الصوت لرفع الحصار المطبق على القطاع.
لكنه قلل من إمكانية تلقي الأطراف المعنية وخاصة الدولية والمصرية لتلك الرسائل وبالتالي تغيير مواقفها الحالية.
وبحسب عبدو فهناك ثلاثة مستحيلات مرتبطة بغزة أولها إلقاء مسؤولية القطاع على مصر وهو ما تعمل عليه دولة الاحتلال منذ فترة، والثاني قبول مصر بتحمل مسؤوليات القطاع لذا تعمل على ابطال مخططات الاحتلال، أما الثالث فهو القبول بمنافذ بحرية وجوية مقابل نزع سلاح المقاومة وهو الأمر الذي يستحيل أن تقبله الفصائل الفلسطينية.
واستعبد عبدو أن تعيد مصر علاقاتها بالقطاع بشكل يسمح بالتبادل التجاري والتنقل بحرية حتى لو تدخل دحلان أو أي شخص آخر، مشيرا إلا أن الأمر سيقتصر على فتح المعبر استثنائيا، قائلا: "غزة مقبلة على مرحلة انتقالية بمستقبل غير واضح".
وأغلقت السلطات المصرية معبر رفح البري، عقب الهجوم الذي تعرض له الجيش المصري بمحافظة شمال سيناء يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأسفر عن سقوط 31 قتيلا و30 مصاباً، وفق حصيلة رسمية.
وكانت مصر فتحت المعبر ثلاثة أيام في كلا الاتجاهين أواخر ديسمبر الماضي للعالقين وتمكن 2352 مسافراً من التنقل من وإلى غزة عبر معبر رفح.