قائد الطوفان قائد الطوفان

في قرار السلطة المقدم لمجلس الأمن

"الدولة المنشودة" منتهكة الثوابت وتؤيد يهودية الدولة

عباس يوقع على اتفاقيات المعاهدات الدولية
عباس يوقع على اتفاقيات المعاهدات الدولية

الرسالة - محمود هنية

تصرّ السلطة الفلسطينية على العودة إلى مجلس الأمن مجددًا، وسط صخب إعلامي تحاول الخروج من خلاله بمشهد المنتصر، متجاهلة ما ينطوي على القرار من مخاطر بما يحمله من نصوص تخلّت السلطة بموجبها عن ثوابت الشعب الفلسطيني واعترفت ضمنيًا بما تسمى "يهودية دولة (إسرائيل)".

وقد تقدمت السلطة الفلسطينية بهذا القانون دونما الرجوع إلى الأطر القيادية للشعب الفلسطيني، ولم تقبل السلطة اجراء تعديلات عليه بزعم انتهاء الوقت، ولم تقدم بعد ذلك على اجراء التعديلات التي قدمتها الفصائل برغم اخفاقها في الجولة الأولى بتصويت مجلس الامن.

حالة الجدل القائمة دعت للكشف عن خطورة المشروع وما يحمله من ثغرات قانونية تتخلى السلطة بموجبها عن الثوابت الفلسطينية، لتصنع دولة مبهمة السيادة والحدود والأمن، بحسب دراسة قانونية لعدد من الاختصاصيين في القانون الدولي.

يتجاهل الثوابت

الخبير والاختصاصي القانوني عبد الله عفيفي، قال إن هذا المشروع لم يراع الوقائع السياسية والميدانية التي خلفها الاحتلال على الأرض، فضلًا عن تجاهله لثوابت الشعب التي أقرها القانون الدولي، والمتمثلة بحق العودة والقدس ومقاومة كافة أشكال التمييز العنصري (الإسرائيلي) والقتل والاعتقال.

وأكدّ عفيفي لـ، من روما، أن القرار لم يندد بشكل صريح وقاطع بيهودية الدولة، الأمر الذي قد يؤسس لترحيل وتهجير الفلسطينيين من "دولة (إسرائيل) اليهودية".

وعرجّ عفيفي على بعض النصوص الخطيرة التي انطوى عليها المشروع، من بينها "ضرورة حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أساس القانون الدولي والقرارات ذات الصلة، بما فيها القرار 194، كما هو منصوص عليه في مبادرة السلام العربية".

وأوضح أن المبادرة سياسية وليست قانونية، واعتماد السلطة على القراءة السياسية لهذه المبادرة قد يجعلها محل أخذ ورد، في حين أن الاعتماد على النصوص الدولية كان أولى لأنها ثابتة لا يمكن تأويلها، وكثير منها يقرّ حق الشعب في العودة ومثال ذلك نص المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان.

مقاومة الاحتلال

وفيما يتعلق بحق المقاومة، فإنّ نص المشروع يجرم المقاومة ويدينها ويعتبرها عنفا وإرهابا، ويؤكد فقط عمّا يسمى بالوسائل السلمية"، ويدين ما وصفه "الأعمال العدائية الموجهة ضد المدنيين وجميع أعمال الإرهاب".

وأكدّ عفيفي أن القرار يخلط بشكل خطير بين الإرهاب والنضال الفلسطيني، مستشهدًا بإحدى فقرات القرار "ومديناً جميع أعمال العنف والأعمال العدائية الموجهة ضد المدنيين وجميع أعمال الإرهاب، ومذكراً جميع الدول بالتزاماتها بموجب القرار 1373 (2001)".

واعتبر أن هذا الخلط المتعمد بمنزلة نسف لتاريخ المقاومة الفلسطينية، وهو خلاف لما نص عليه القرار 1373 الصادر عن الأمم المتحدة، "بالتأكيد على الحق الراسخ للفرد أو الجماعة في الدفاع عن النفس".

تبادل الأراضي

وحول تبادل الأراضي تقول إحدى الفقرات: "الحدود على أساس خطوط 4 حزيران 1967 مع تبادل متفق عليه، محدود، ومتساو للأراضي".

وعقب الاخصائي عفيفي بالقول "إن مبدأ التبادل بين الدول أمر ممكن في الظروف الطبيعية، حيث أن كل دولة تمتلك السيادة التامة على أراضيها، وبعد عملية تفاوض ندية بين تلك الدول يحصل تبادل، أما قضية التبادل في ظل الاحتلال فإن المنطق القانوني السليم يقتضي بأن تنسحب سلطات الاحتلال من الأراضي وليس أن يتم تبادل أراض معها.

ولفت إلى خطورة النص بما يحتويه من ابهام بشأن تبادل الأراضي، فيما إن كان يقصد فيه ايضًا تبادل السكان، بحيث تتخلص دولة الاحتلال من الفلسطينيين العرب.

انتهاك القدس

أمّا القضية الأخطر فتلك المتعلقة بالقدس، حيث تنص إحدى فقرات المشروع على أن: "القدس عاصمة مشتركة للدولتين والتي تلبي التطلعات المشروعة للطرفين وتحمي حرية العبادة".

ويرى القانوني عفيفي أن هذا القرار يعطي الاحتلال الإسرائيلي حقاً فلسطينياً تاريخياً وراسخاً في القانون الدولي العام، خلافًا لما تنص عليه أحكام القانون الدولي والصادرة عن مجلس الأمن، وفي مقدمتها القرار رقم 250 لعام 1968، والقرار رقم 253 لعام 1968 والتي عدّت جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية التي قامت بها (إسرائيل) - بما في ذلك من مصادرة الأراضي والأملاك - التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع القانوني للقدس، إجراءات باطلة ولا يمكنها تغيير الوضع فيها.

والقرار 267 لعام 1969 الذي أكد فيه المجلس، بأوضح العبارات أن جميع الأعمال الإدارية والتشريعية التي قامت بها دولة الاحتلال لتغيير وضع مدينة القدس، ملغاة تماماً، ولا يمكن أن تغير ذلك الوضع، ودعا في قرارات أخرى لإزالة المستوطنات القائمة بالأراضي المحتلة.

أما فيما يتعلق بالشطر الشرقي من مدينة القدس، فقد أقرت الأمم المتحدة عدم مشروعية الإجراءات التي اتخذتها السلطة المحتلة لتغيير الوضع القانوني للمدينة، ودعت إلى وقف هذه الإجراءات وإلغائها.

التبعية الأمنية

أمنيًا تصر قيادة السلطة على بقاء التنسيق الأمني، ضمن ما تطلق عليه بالترتيبات الأمنية، حيث تقول ضمن فقرات القرار "الترتيبات الأمنية، من خلال وجود طرف ثالث، يضمن ويحترم سيادة دولة فلسطين".

وأكدّ عفيفي أنّ وصف جيش الاحتلال الذي يمارس أبشع الجرائم بحق المدنيين العزل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنه "قوات أمن" هو وصف لا يتطابق مع سلوك هذا الجيش على الأرض، وهو بهذا الوصف لا يعتبر جيش احتلال بل مؤسسة أمنية وطنية تحمي المواطنين وتسهر على سلامتهم، طبقًا لتعبيره.

ولا تقتصر مخاطر المشروع على هذه النصوص فحسب، بل تدعو السلطة صراحة لحق دولة الاحتلال العيش في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها دوليًا، وتشجيع جهود متزامنة لتحقيق سلام شامل في المنطقة، والتي من شأنها فتح الإمكانات الكاملة لعلاقات الجوار في الشرق الأوسط ويؤكد في هذا الصدد أهمية التنفيذ الكامل لمبادرة السلام العربية.

القوى الفلسطينية بمجملها رفضت هذا المشروع، بينما أكد جمال محيسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إن حركته لم تطلع عليه وقد رفضه مروان البرغوثي من داخل زنزانته، بالإضافة لذلك اعتبرته حماس خيانة، داعية رئيس السلطة محمود عباس للكف عن العبث بالقضية الفلسطينية.

البث المباشر