قائد الطوفان قائد الطوفان

برغم حصوله على اعلى مراتب الفشل

"الشاباك".. الحاكم الحقيقي للدولة العبرية

باسم عبد الله أبو عطايا

وضعت المجندة انات كام (23 سنة) رهن الإقامة الجبرية في منزلها ، بتهمة «محاولة إيذاء الأمن القومي» بتسريب معلومات عسكرية سرية حول سياسة اغتيال مقاومين فلسطينيين.

المحكمة إسرائيلية فرضت  تعتيما حول الموضوع، مانعة المسؤولين الإسرائيليين أو وسائل الإعلام من التحدث حوله.

كام متهمة بنسخ ملفات سرية، عندما كانت جندية، وسربتها إلى صحيفة «هآرتس»، التي نشرت تقريرا في تشرين الثاني العام 2008 تتهم فيه الجيش الإسرائيلي بتحدي قرار المحكمة العليا حول اغتيال مقاومين فلسطينيين يمكن أسرهم أحياء.

ونقلت الصحيفة عن ملفات تعود إلى آذار العام 2007 إن القائد الإسرائيلي في الضفة الغربية وقتها الجنرال يائير نافيه، التي خدمت كام في مكتبه، سمح بإطلاق النار على 3 مقاومين فلسطينيين بارزين لم يكونوا يمثلون خطرا. وفي صيف ذلك العام اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي القيادي في الجهاد الإسلامي زياد ملايشة في جنين في الضفة الغربية

الشابات المهمات القذرة

"الشاباك" أصغر الأجهزة الاستخبارية في دولة الاحتلال إلا إنه يعتبر أكثر الأجهزة الأمنية حضوراً وتأثيراً على عملية صنع القرار السياسي والعسكري ، ولا يمكن مقارنة تأثيره الطاغي بتأثير أي جهاز أمني آخر في الدولة العبرية.

  يتكون " الشاباك " من بضعة آلاف من العناصر، ويتخصص في محاربة حركات المقاومة الفلسطينية والسعي لإحباط عملياتها ضد إسرائيل.

ويخضع "الشاباك" لسلطة الحكومة مباشرة ، حيث يتبع رئيس الوزراء مباشرة، وهو صاحب صلاحية تعيين رئيس الجهاز.

 وتتمثل مهامه الأساسية في:

•  إحباط ومنع الأعمال الفدائية ، التي تهدف المس  بأمن الدولة، واستقرار النظام الديمقراطي ومؤسساته المختلفة.

•  تأمين الأشخاص والمعلومات والأماكن التي تحددها الحكومة.

•  تحديد المعلومات السرية الأمنية المتعلقة بالمناصب والوظائف العامة في مختلف الهيئات، وتنفيذ عمليات الفحص الأمني السرية.

•  تحديد إجراءات التأمين للأماكن التي تحددها الحكومة.

•  إجراء أبحاث استخباراتية وإعطاء استشارات وتقديرات للحكومة وللهيئات الأخرى التي تحددها الحكومة.

•  تجميع المعلومات التي من شأنها تنفيذ المهام السابقة الذكر.

" الشاباك " يقود الدولة

لا يختلف اثنان على أن الذي رفع أسهم جهاز "الشاباك" مقابل الجيش والأجهزة الاستخبارية الأخرى هو اندلاع انتفاضة الأقصى، وإدراك الكثير من الإسرائيليين أن هذه الانتفاضة باتت تمثل خطراً وجودياً على الدولة العبرية.

"الشاباك" تولى منذ اندلاع الانتفاضة مهمة إحباط عمليات المقاومة، وجمع المعلومات الاستخبارية التي تم توظيفها في شن عمليات التصفية والاعتقال بحق قادة ونشطاء حركات المقاومة.

قدرة "الشاباك" على التغلغل في المجتمع الفلسطيني التي راكمها عن طريق التجنيد الكثيف للعملاء والجواسيس ساعد على توفير المعلومات الاستخبارية التي قادت إلى إحباط عمليات المقاومة عن طريق اعتقال خلاياها وتفكيكها والزج بعناصرها في غياهب السجون، أو تصفيتهم.

 ويجمع المعلقون العسكريون في الدولة العبرية على أن "الشاباك" هو أكثر الأجهزة الاستخبارية في العالم قدرة على إحباط ما يسمونه "عمليات الإرهاب".

كل وسائل الإعلام الإسرائيلية تجمع على أن الحكومة تضرب بعرض الحائط توصيات بقية الأجهزة الأمنية الأخرى إذا كانت تتعارض مع التوصيات التي يقدمها "الشاباك"، لكن نفوذ "الشاباك" لم يتوقف عند حد رفع سقف القمع ضد الفلسطينيين، بل تعداه أيضا إلى التمتع بحق "الفيتو" ضد أية خطوة سياسية تقدم عليها الحكومة تجاه الفلسطينيين، كما أنه نجح دائما في إقناع الحكومة بالتعامل ببخل شديد في كل ما يتعلق بـ"بوادر حسن النية" تجاه والفلسطينيين .

 قادة متطرفون

الذي يجعل تأثير "الشاباك" خطيرا بشكل خاص هو حقيقة أن قادته وكبار الضباط فيه من الذين يتبنون المواقف اليمينية المتطرفة، ويدل على ذلك توجه هؤلاء القادة بعد تسريحهم من الخدمة لحركات اليمين، فوزير الأمن الداخلي العنصري جدعون عيزرا، كان نائبا لرئيس جهاز "الشاباك"، وانضم لليكود فور تسريحه منه، وحذا حذوه دانى ياتوم الذي كان يشغل قسم العمليات في الجهاز، وهو الآن نائب عن حزب الليكود.

وهناك من كبار قادة الجهاز من انضم لحزب "المفدال" الديني القومي الذي يعتبر الذراع السياسي للمستوطنين، كما أن معظم قادة الأقسام في الجهاز حاليا هم من ذوي التوجهات اليمينية، وعلى رأسهم رئيس الجهاز السابق افي ديختر.

أما رئيس الجهاز الحالي يوفال الذي تولى في الفترة بين العامين 2001 و2003 منصب نائب رئيس "الشاباك" يعتبر "مهندس" عمليات التصفية التي قامت بها الدولة العبرية ضد قادة وكوادر حركات المقاومة.

وديسكين أخذ على عاتقه تنسيق عمليات التصفية، وهو الذي حول المعلومات الاستخبارية المتوفرة لديه عن المقاومين الفلسطينيين إلى قذائف وصواريخ تغتالهم أثناء استقلالهم سياراتهم أو وجودهم في مكاتبهم ومنازلهم، وقد نجح في إقناع المستوى السياسي برفع مستوى عمليات الاغتيالات لتطال في البداية القيادات السياسية لحركات المقاومة، وبعد ذلك طالت القيادات والمرجعيات الروحية.

 أهم الإخفاقات لجهاز الشاباك

هناك سلسلة تقديرات خاطئة ارتكبتها المخابرات الإسرائيلية، كلفت إسرائيل كثيرا على المدى القريب والبعيد أهمها: اندلاع الانتفاضة الأولى والثانية " انتفاضة الأقصى " والفشل في الحيلولة دون وقوع مجزرة باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي عام 1994 التي أدت إلى وقوع العمليات الاستشهادية التي نفذتها حركة حماس في إسرائيل. وعدم قدرة الشاباك الإسرائيلي منع اغتيال إسحاق رابين رئيس الوزراء الأسبق أواخر عام 1995. والخطأ في تقدير فوز حماس بالأغلبية الساحقة في المجلس التشريعي الفلسطيني في شباط (فبراير) من العام. والفشل في توقع نتيجة الحسم العسكري الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة. واخفاق "الشباك" في الكشف عن مكان شاليط  رغم أنهم يعملون 24 ساعة يوميا منذ لحظة الاختطاف.

ورغم أن الكشف عن هذه الإخفاقات قد يمس الصورة التقليدية للمخابرات الإسرائيلية، فإن الكتاب الاسرائيليين يرون مبررا لذلك يتمثل في التقدم نحو تحسين الأداء، وعدم الوقوع فيه مرة اخرى.

البث المباشر