قائد الطوفان قائد الطوفان

يشتد مع سقوط الأمطار

"التماس الكهربائي" وحش آخر يرعب أهل الكرفان

صورة (أرشيفية) للكرفانات بغزة
صورة (أرشيفية) للكرفانات بغزة

الرسالة نت-حمزة أبو الطرابيش

لم تستجب السيدة أم محمد نصير لصيحات أطفالها الأربعة الملتفين على تلك المدفئة الفرحين بعودة التيار الكهربائي، مطالبين منها تشغيلها، لكي تبعث لهم الحرارة، وتطرد البرد الذي يقرص أجسادهم الصغيرة، وهم يجلسون في تلك الكرفانة البيضاء الواقعة على مشارف مدينة بيت حانون، التي نزلوا فيها مؤقتًا بعد ما دُمر منزلهم في الحرب الثالثة.

إصرار السيدة على عدم تشغيل المدفئة التي تبرع لها بها أحد رجال الخير مؤخرًا، لم يأتي من فراغ والسبب في ذلك، "التماس الكهربائي" الموجود في الكرفانة التي تقطن بها مع عائلتها المكونة ثمانية أفراد، الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر.

لم يكتفِ البرد بجانب سيول الأمطار بملاحقة وإرهاق أهل الكرفانات في مدينة بيت حانون، ليأتي "التماس الكهربائي" ليزيد همهم والذي يصبح خطرا جدا في المنخفضات الجوية. سكان الكرفانات باتوا مجبرين على الابتعاد عن استعمال الكهرباء، حتى لو أرادوا تدفئة أجسادهم، كحال أطفال السيدة أم محمد.

تأكدت الأربعينية نصير من فصل "آمان الكهرباء" الموضوع في إحدى زوايا الكرفانة، ثم اقتربت من مراسل "الرسالة" وراحت تقول: " أنا وأطفالي نواجه خطرًا كبيرًا، أشد فتكًا من البرد الذي أرهق أجسادنا".

 تستخدم نصير الكهرباء لقضاء حاجاتها الضرورية جدا، مع خوفها من تعرضها لماس كهربائي نتيجة الأمطار، وعند النوم تحمل أطفالها الأربعة إلى وسط الكرفانة، لتضمن ألا تلامس أجسادهم ألواح الزينكو الحديدة، الموصلة للتيار الكهربائي.

"الكرفانات التي قدمتها لنا الهيئة العربية الدولية لإعمار غزة، رديئة جدًا، وتحتاج لصيانة كبيرة و بها فتحات تسمح بتسرب الهواء والماء"، قالت هذا ثم حملت أحد أطفالها الأربعة وراحت تتحسبن.

على مقربة من كرفانة السيدة نصير، كان الحاج يوسف العثامنة، يشعل بعض الحطب في وعاء حديدي وسط كرفانته التي لا تتجاوز المترين ونصف، بعدما شعر أن البرد نال من أحفاده الثلاثة فيما كان أولاده محمد وياسر يصعدون إلى سقف الكرفانة يفردون عليها قطع النايلون، ليمنعوا تسلل الأمطار.

اشتعلت النار في ذلك الوعاء وجلس الحاج يوسف فيما تسارع أحفاده حوله، طلبًا للدفء في هذا المنخفض الجوي، أخذ رشفة من كوب قهوته ثم قال: " أفضل البقاء دون كهرباء حرصاً على حياته وحياة عائلته".

ومنذ سماع الحاج يوسف لنشرة الطقس عبر مذياعه، فصل أمان الكهرباء، خوفًا من حدوث ماس كهربائي بسبب هطول الأمطار.

 ويؤكد الحاج في حديثة لـ ، أن كثيرين من الذين يقطنون في الكرفانات قد تعرضوا لماس كهربائي، وعلى أثره دخلوا في حالات إغماء وجرى نقلهم إلى المشفى.

" ننتظر تحركا سريعا من الحكومة لإنقاذ أطفالنا ونسائنا من هذا الخطر الشديد". ختم الحاج العثامنة قوله، وراح يساعد أولاده في فرد قطع النايلون.

في الأثناء، قال سفيان حمد مدير البلدية ورئيس خطة الطوارئ: " أهالي الكرفان يعيشون أوضاعا صعبة في هذه الأوقات، والسبب يعود لردائه الكرفان التي قدمت من الهيئة العربية الدولية لإعمار غزة".

وأضاف حمد في حديث لـ أن تصميم ألواح "الزينكو" والسقف لم يكن بالشكل المطلوب، حيث أن تلك الكرفانات صممت بشكل عشوائي وسريع، لا تصلح للعيش الأدمي.

وأشار رئيس خطة الطوارئ في المدينة المدمرة، أن شكاوى من يعيشون في الكرفان بدأت تنهال على البلدية، لتكتفي الأخيرة بالمواساة واطمئنانهم أن محنتهم ستُحل قريبًا.

البث المباشر