قائمة الموقع

نيران الهمّ تلتهم جسد الطفل "عز الدين"

2015-02-16T22:25:58+02:00
الفصل المحترق الذي تواجدت به العائلة
الرسالة نت-عبدالرحمن الخالدي

تجمّعوا مع حلول الظلام؛ ليختبئوا بين جدران أحد الفصول التي تحولت إلى "مأوى" عِوضًا عن التعليم بعد الحرب "الإسرائيلية" الأخيرة. مكانٌ لا يضع للبرد ساترًا.

الشعور بالبرد أرسل إشاراتٍ لزوجة "جاد الكفارنة" لتحضر إبريق شايٍ، -بعد إغلاق النوافذ التي يتسلل البرد منها-، علّه يلقي الدفء في روح من يتكورون حول أجسادهم من شدة البرد.

وفي غمرة " الدفء بالعين" على ابريق الشاي والقرص الكهربائي، سمعت أصواتَ صراخٍ يملأ المكان، ونداءات استغاثة من الجميع..!

حريقٌ شبَّ في الفصل الذي تتواجد به عائلة الكفارنة، وأصواتٌ سابقت لهيبه محاولة طلب المساعدة. الجيران –في الفصول الأخرى بمدرسة الشوا شمال قطاع غزة- هرعوا إلى مصدر الصوت، وبدأوا بمحاولاتِ المساعدة والإنقاذ.

النيران بدأت تتمدد، والجميع يلقي بغضبه وصراخه وكلماته الحادة على النيران ومن تسبب بها، حتى وصلوا إلى طريق النهاية للهيب النار التي التهمت في طريقها جسد الطفل (عز الدين الكفارنة)، الذي لم يتمكن والداه واخوته من انتشاله إلا بعد فوات الأوان.

تماسٌ كهربائي، كان سببًا في إضرام النار بجسد عز الدين –أصغر أفراد العائلة-، الذي لم يكمل التسعة أشهرٍ من عمره في كنف مدارس الإيواء شمال غزة.

جاء أم عز الدين المخاض قبل بدء العدوان "الإسرائيلي" الأخير على غزة بأيامٍ قليلة، فوضعت ولدها في سريرٍ وسط بيته في بلدة بيت حانون شمال القطاع، وما أن أعلنت الصواريخ "الإسرائيلية" الانتقام من الجنسية الفلسطينية، حتى هرعت الأم وعائلتها إلى مكانٍ يأويهم، ووقع الخيار على أحد فصول مدرسة الشوا التابعة لوكالة الغوث في البلدة، والتي سمعت فيه نبأ استهداف الطائرات الحربية لمنزلها.

العائلة أوضحت لـ"" أنها أبلغت إدارة مركز الإيواء ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بحصول تماسٍ كهربائي شبيه قبل أيامٍ من وقوع الحادثة، فكان الرد بمجيء بعض المختصين وتقديم حلٍ سريعٍ، عبر إتلاف أمّان الكهرباء الخاص بالفصل الذي تواجدت به العائلة، واستبداله بـربطٍ بدائي وتشبيك للأسلاك الكهربائية –وفق أحد أفراد العائلة-.

يقول شقيق الطفل عز الدين، محمد الكفارنة (17 عام): "رغم إبلاغنا وكالة الغوث بالمشكلة، وتظاهرهم بحلها، إلا أننا تفاجأنا اليوم باشتعال أحد مفاتيح الكهرباء في الفصل، وتمدد النار لتصل إلى الفراش، وقِطَع الخشب الموجودة في الفصل.. بدأنا بالصراخ، ثم هربنا من الفصل"

يُضيف محمد لـ "": "معظم أفراد العائلة أصيبوا بالاختناق جراء الدخان الكثيف الناجم عن الحريق بعد محاولتهم اطفائه، إلى أن وصلت طواقم الدفاع المدني إلى المدرسة وبدأت بإخماده".

محمد ووالده وشقيقه الآخر، استيقظوا بعد فترة من الحادثة ليجدوا أنفسهم ملقون على أسرة مستشفى بلدة بيت حانون، فيما نُقل جثمان الطفل (عز الدين) المتفحّم لثلاجات الموتى في مستشفى كمال عدوان شمال القطاع.

"" حاولت الحديث مع والد الطفل "المحروق"، إلّا أن نظرة الوداع الأخيرة التي ألقاها بعد استيقاظه من الغيبوبة على جسد طفله "المشوّه"، كانت كفيلة بانهيار أعصابه وقواه؛ فلم ينبس ببنت شفة لأحد.

مُصيبة العائلة بفقد طفلها لم تكن الأولى، فعددٌ من أفرادها تعرضوا للإصابة بشظايا إحدى صواريخ الاحتلال بعد قصف طائراته لأرضٍ زراعية مجاورة لهم، أثناء تواجدهم على بوابة منزلهم قبل تدميره.

ويُحمّل أفراد العائلة المسؤولية الكاملة عمّا ألمّ بهم "لوكالة الغوث"، مؤكدين أن العائلات المتواجدة في مراكز الإيواء كافة تعاني الأمرّين جراء إهمال الوكالة ومنع إدخال مواد البناء وتأخير إعادة الإعمار. وفق حديثهم لـ"".

كارثة عائلة "الكفارنة" ستمر كغيرها من مآسي عوائل كثيرة بغزة فقدوا أعزةً بفعل استمرار التضييق والحصار وضنك الحياة. ويبقى السؤال المُحير: "هل سيكون الطفل عز الدين آخر ضحايا استمرار الأوضاع المأساوية التي يعيشها أهالي القطاع، وإلى متى سيبقى النازحون يتلقون تصريحات الإعمار بلا إعمار ؟!".

اخبار ذات صلة