قائمة الموقع

مقال: لا تفتح فمك للشيطان

2015-02-19T00:19:43+02:00
الكاتب وسام عفيفة رئيس تحرير صحيفة الرسالة
بقلم: وسام عفيفة

لا تزال آثار الارتباط لعقود مع "الاحتلال" حاضرة في أكثر من زاوية... يمكنك أن تسمع كثيرا من الكلمات العبرية دارجة على لسان من عملوا في (إسرائيل) لسنوات طويلة، وليس سرا أن بعضهم يحن لتلك الأيام الخوالي، عندما كانوا في رغد من العيش وحرية الحركة، مقارنة مع الواقع الذي نعيشه اليوم في قطاع غزة بفعل الحرب والحصار والتنكر العربي.

أبو خالد ميكانيكي نموذج من الماضي، وهو اليوم على أعتاب الستين من عمره لكنه تربى في الداخل المحتل، يلخص حياته كالتالي: دخلت (إسرائيل) للعمل في الرابعة عشر، عملت فيها مدة 30 عاما، لم أعد للبيت إلا في أوقات متقطعة، وأعمل منذ أربعة عشر عاما في غزة، ثم يستعرض ذكرياته وكيف أنه يحفظ شوارع ومناطق في (تل أبيب) أكثر من غزة، ويختم حديثه بالتعبير عن الألم الذي يعيشه اليوم بعدما فقد أربعة من أبنائه أحدهم شهيد.

لكن جيل الانتفاضات والحروب تربى على رصاص الاحتلال ومدافعه وصواريخه، لهذا لا يمكن إعادة العجلة للوراء، بينما تسعى (إسرائيل) بالتعاون مع الأشقاء العرب إغلاق كل المنافذ وإبقاء باب الاحتلال مفتوحا أمامنا، للسفر، والعلاج، والتجارة، وحتى للحلول السياسية.

زيارة توني بلير ممثل اللجنة الرباعية لغزة مطلع الأسبوع جاءت للتذكير أن الحل المطروح اليوم هو فقط من جهة (إسرائيل)، لهذا أعاد طرح شروط الرباعية، ولكن هذه المرة ليس للاعتراف بنتائج الانتخابات الفلسطينية عام 2006 التي فازت فيها حماس وشكلت الحكومة، هذه المرة المساومة مقابل تحسين ظروف الحياة في غزة من إعمار ومنافذ ورواتب.

رسائل بلير لا تستهدف شريحة أبو خالد الميكانيكي، الذي فقد الإحساس بالمستقبل، بل تستهدف المحاصرين من الجيل الجديد، الذين ذاقوا من الحياة مرها، والصفقة التي يقدمها مقابل الموافقة على الشروط، خروج آمن للجميع: الغزيون وحماس، وتخليص (إسرائيل) وأبو مازن وأطراف عربية، من خطر الانفجار.

رغم أن الخيارات صعبة إلا أننا ما زلنا أقرب للانفجار من صفقة سياسية، لهذا يردد أبو خالد المثل الذي يحفظه بالعبرية: "لا تفتح فمك للشيطان".

اخبار ذات صلة