سيناريو التحريض المصري ضد حماس مكتوب بأيد فلسطينية

عباس اتخذ قراراً بتشكيل ماكينة إعلامية ضخمة لتشويه صورة حماس
عباس اتخذ قراراً بتشكيل ماكينة إعلامية ضخمة لتشويه صورة حماس

الرسالة نت-شيماء مرزوق

انفلت عقال الدولة المصرية، ولم يعد الهذيان توصيفا ينطبق على الاعلام المصري وحده، فقد بدأ ينسحب على كل مؤسسات الدولة وبات جنون الاعلام يطبق على أرض الواقع.

"حماس حركة إرهابية" قرار أصدرته محكمة الامور المستعجلة في مصر بعد شهر تقريباً على اعتبار كتائب القسام منظمة إرهابية وبعد أقل من 36 يوما على رفض ذات المحكمة النظر في الدعوى لأنه ليس من اختصاصها.

من الصعب على أي عاقل ان يدرك ماهية التغيير الذي جرى خلال شهر لتعود المحكمة وتقبل النظر في الدعوى واصدار القرار، غير ان المتابع للإعلام المصري خلال الأسابيع الماضية من السهل عليه التنبؤ بأن أمراً ما يدبر لقطاع غزة وحماس، التي خصصت لها بعض الفضائيات المصرية ساعات من البث وألصقت بها شتى أنواع التهم.

لكن اللافت أن سيناريو فيلم التحريض على حماس الذي يذيعه الاعلام المصري يومياً، مكتوب بأيد فلسطينية تساوقت معه، وحاولت أن تعطي أقرب الروايات التي يمكن تصديقها بعد أن أصبح الاعلام المصري مدعاة للسخرية بسبب اتهامه شهداء وأسرى أكثر من مرة.

في الفترة الأولى من الحملة الاعلامية على حماس تضمن خطاب الإعلام المصري الكثير من الثغرات والسقطات في روايات التحريض والاتهامات مثل وضع أسماء شهداء وأسرى في سجون الاحتلال ضمن المسؤولين عن تنفيذ عمليات داخل مصر، لكن فيما بعد بدأت محاولات لتعديله وتضمينه معلومات كي يبدو قريبا من الواقع وهو ما يشير إلى تعاون جهات فلسطينية في مد الأجهزة الأمنية المصرية المسئولة عن الحملة بمعلومات وأسماء شخصيات من حماس.

وهذا ما أكده الكاتب والمحلل السياسي اياد القرا حين ذكر أن رئيس السلطة محمود عباس اتخذ قراراً بتشكيل ماكينة إعلامية ضخمة تمولها السلطة لتشويه صورة حماس، وتبرير حصارها، ودفع ملايين الدولارات لبعض وسائل الإعلام العربية، بناء على تسريبات نشرها الاعلام الصهيوني تتحدث عن وجود خطة لدى السلطة للقضاء على المقاومة بغزة.

وأوضح في مقال له أن ذلك ظهر بشكل جلي من خلال الحملة الإعلامية من بعض وسائل الإعلام المصرية ضد حماس، ويتم فيها مهاجمة الحركة بشكل ممنهج ومبرمج، ينضم إليها علناً عدد من قيادات حركة فتح والناطقين باسمها، بينهم جبريل الرجوب وأسامة القواسمي، وأحمد عساف.

صمت حركة فتح والسلطة الفلسطينية حيال القرار بخلاف مجمل الفصائل الفلسطينية التي رفضت القرار وطالبت مصر بالتراجع عنه يعكس مستوى كبيرا من الرضى لدى السلطة اتجاه القرار؛ خاصة أنه يأتي كنتيجة للتحريض المزدوج من الطرفين على حماس دون أدنى مراعاة لمصالح الشعب الفلسطيني الذي يدفع ثمناً باهظاً لهذا التحريض.

وقد احتل قياديون من حركة فتح شاشات التلفزة المصرية خلال الفترة الماضية للتحريض على حماس واظهار صورتها على انها حركة غير وطنية وتعمل مع (إسرائيل) واطراف دولية اخرى لضرب استقرار مصر وامنها القومي، رغم علمهم ان هذا التحريض يعني المزيد من التضييق والمعاناة لأهالي غزة.

وفي الوقت الذي توجه فتح لحماس اتهامات بأنها تتدخل في الشأن المصري لا تنفك قيادات من فتح مهاجمة أطراف مصرية منها الاخوان المسلمين وغيرهم، وتنتشر الفيديوهات التي ترصد شخصيات فتحاوية تحضر مؤتمرات وندوات في مصر وتطالب بالقتال مع الجيش في سيناء وليبيا.

ومن الممكن تصنيف الاعلام المصري إلى ثلاث فئات، الأول: وهو الفج الذي يتصدره الاعلاميون المقربون من الأجهزة الامنية للهجوم وبطريقة تحريضية ومبتذلة ولغة بعيدة عن المنطق أمثال "توفيق عكاشة وأحمد موسى"، والثاني يعتمد في قنوات أخرى على العديد من جنرالات الجيش المتقاعدين في برامج (التوك شو)، في حين يغيب التلفزيون الرسمي عن المشهد باعتباره ناطقا باسم السلطات من جانب وجمهوره محدود مقارنة مع القنوات الخاصة.

وبلغ التصعيد الإعلامي ذروته بدعوات بعض الإعلاميين لقصف قطاع غزة على غرار قصف مدينة درنة الليبية، وهذا ما يفسر ردة الفعل القوية من حماس التي ترى في القرار تماديا كبيرا، حيث اتهمت النظام المصري بالتحالف مع (إسرائيل).

ولا يمكن إنكار حقيقة أن الاعلام المصري نجح في توجيه رأي عام مصري واقناع المواطن البسيط أن حماس هي عدوه الأول، لكنه في المقابل فشل بالكامل في تكوين رأي عام عربي ودولي اتجاه حماس، حيث بات الجميع يدرك حقيقة هذا الاعلام الذي يتلقى أوامره من جنرالات الجيش والمخابرات.

البث المباشر