قائمة الموقع

مقال: هل تلعب السعودية دور المستنهض للأمة ؟

2015-03-05T04:28:17+02:00
الكاتب : مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

لازلت السمة البارزة في منطقتنا الإقليمية هي الاضطراب وعدم الاستقرار ففي لحظة اعتقد البعض أن الأمور استقرت للانقلاب في مصر والحوثيين في اليمن و حفتر في ليبيا على وشك السيطرة نتيجة الدعم المصري الإماراتي السعودي (عبد الله سابقا ) وأن حركة المقاومة الإسلامية حماس والمقاومة في قطاع غزة حصارها مطبق والاستسلام قاب قوسين أو أدني وبدا تحضير وتجهيز الأمور لمحمد دحلان سواء قبِل أبو مازن أو رفض، وأن خارطة المنطقة متوافق عليها بين هذه الدول و(إسرائيل) وأمريكا الأمر الذي سيتيح قدر أوسع من الأمن والاستقرار (لإسرائيل) بعد أن تُقر السلطة بما يحقق ما تريده (إسرائيل) والعودة لطاولة المفاوضات لتحقيق التصور الأمريكي الإسرائيلي في كيفية تصفية القضية الفلسطينية لإطالة عمر الاحتلال عشر سنوات أخرى ربما على العمر الافتراضي للاحتلال.

في ظل هذه الأوضاع حدث أمر وهو موت الملك عبد الله بن عبد العزيز وقدوم الملك سليمان بن عبد العزيز ولي العهد هذا التغيير الطارئ والذي لم يكن في حسبان من وضع الخارطة لأنهم خططوا بتغير نظام الأسرة الحاكمة وفشلوا في ما كانوا يخططون له وبقيت الأمور على ما هي دون تغيير وأجرى الملك الجديد عملية تغيير سريعة في المواقع الإدارية والأمنية والداخلية لمحاولة تثبيت أركان الحكم الجديد وفي نفس الوقت ملاحقة من كان يسعى للانقلاب على ما تعارفت عليه المملكة.

هذا الأمر أدخل على المنطقة متغيرا جديدا وهو إعادة المملكة على جادة الطريق بعد أن كادت أن تسقط في الهاوية نتيجة السياسة الداخلية والخارجية للمملكة التي أضرت بمصالحها وكاد يعصف بها في المكانتين الدينية والسياسية وتحويلها إلى كيان هامشي يدار عبر منظومة تخطط لجعل (إسرائيل) هي صاحبة السيطرة السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة بعد أن تنازلت مصر عن مكانتها الإقليمية وتحولها في ظل الانقلاب إلى دولة وظيفية وكذلك كان الهدف هو تحويل السعودية إلى دولة وظيفية تدفع الأموال عند الطلب منها خدمة لسياسة المخططين في المنطقة.

الملك سلمان وفي خطواته الأولى يعمل على صعيدين بدأ بشكل سريع في الصعيد الداخلي وأجرى جملة تغييرات في مؤسسات الحكم ثم انتقل إلى الجبهة الداخلية في محاولة لإعادة الثقة بالنظام الحاكم والأسرة الحاكمة والانفتاح على الشعب السعودي وتقديم بعض الانجازات المتعلقة بالحريات وإجراء نقاش مفتوح مع شرائح المجتمع المختلفة ونعتقد أن هذه الخطوة جنبت السعودية كثيرا من الإشكاليات التي كان يراد لها أن تسقط بها حتى تبقى مرتبطة بهذا التحالف الضار بها وبالإقليم.

هذا التعزيز للمكانة الداخلية يحتاج إلى أن تلعب المملكة دورا سياسيا خارجيا جامعا لا مفرقا عبر أحلاف وصراعات لن تحقق إلا مزيدًا من الفرقة والتشرذم وخدمة مصالح الأعداء مؤجلا الصراع مع الخصوم السياسيين في الداخل والخارج إلى وقتها المناسب، ويبدو أن الملك سلمان يريد أن يشكل تآلف سياسي اقتصادي تلعب فيه السعودية مكانا رائدا في الإقليم بعد أن تخلت مصر عن هذا الدور ولا نعتقد أن هناك من يمكن أن يلعب هذا الدور من البلدان العربية غير السعودية وقد بدأت في ترتيب أوراقها السياسية بجملة من اللقاءات المختلفة مع العديد من رؤساء  الدول العربية والإسلامية.

هذا الحراك من الملك سلمان أوجد حالة من التفاؤل الممزوج بالحذر من إمكانية إحداث تغيير قد يحدث خلطا للأوراق وإرباكا للتحالف القديم ويحيي الأمل في النفوس بالنهوض بالأمة العربية والإسلامية لمواجهة أخطار تصنع على أعين الجميع ويراد من هذه الصناعة تقسيم المقسم وإحكام السيطرة لصالح (إسرائيل) فالحوثيين في اليمن وإيران في العراق وسوريا و(إسرائيل) في مصر وهي غارقة في لعب دور وظيفي من أجل تمكين (إسرائيل) وعليه كان لابد من مستنهض للحالة العربية لوقف سياسة الهدم للأمة.

التغيير في السعودية بات يُنظر إليه بعين التفاؤل ونرجو أن يكون تفاؤلا حقيقيا وأن نجد عودة للأمة العربية والإسلامية من جديد كي تقوم بدورها وتعيد الحياة إليها، حذرين نعم؛ ولكن التفاؤل منهجنا ونأمل أن يكون.

اخبار ذات صلة