رُغم شهر العسل الذي تشهده العلاقات الإسرائيليّة-المصريّة، وعلى الرغم من أنّ التعاون والتنسيق الأمنيّ بين تل أبيب والقاهرة وصل إلى ذروته، وبات الرئيس المُشير عبد الفتّاح السيسي يُعتبر بنظر الإسرائيليين الرجل الحديديّ، لأنّ أعلن الحرب على ما أسمته المصادر في تل أبيب بالإسلام الراديكاليّ، وفي مقدّمته حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس).
صفقة الصواريخ الروسيّة المصريّة باتت تقُضّ مضاجع أقطاب الدولة الإسرائيليّة، خصوصًا وأن الحديث يجري عن صواريخ متقدّمة من طراز S300 ذلك أنّ هذا الصاروخ الروسيّ المُضاد للطائرات وللصواريخ الباليستيّة يُعتبر كاسرًا للتوازن، بمعنى أنّه يكسر التفوّق الإسرائيليّ في هذا المجال، وهي التي تعمل جهارًا نهارًا على إحباط تزوّد أيّ دولة بصواريخ من هذا القبيل، لأنّها تعتبر ذلك خطرًا شديدًا على أمنها القوميّ، كما قالت المصادر السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب لصحيفة (يديعوت أحرونوت) "الإسرائيليّة".
وتناول مُحلل الشؤون العسكريّة في الصحيفة، أليكس فيشمان، هذه القضية، لافتًا إلى أنّه من غير الواضح ما هو موقف "إسرائيل" الرسميّ من صفقة بيع صواريخ S300 الروسية لمصر.
وشدّدّ فيشمان، صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنيّة "الإسرائيليّة"، شدّدّ في معرض تقريره على أنّ ما من شك بأنّ دخول هذا الصاروخ إلى منطقة الشرق الأوسط يُشكّل عقبة كبيرة أمام سلاح الجو "الإسرائيليّ"، لأنّ الحديث، بحسب المصادر التي اعتمد عليها، يجري عن منظومة متطورّة قادرةٌ على تغطية مساحات شاسعة من الشرق الأوسط بشكل غير مسبوق، على حدّ وصفه.
وزاد فيشمان قائلاً، نقلاً عن المصادر عينها، إن تل أبيب وواشنطن مارستا الضغوطات الجمّة على صنّاع القرار في موسكو، وكُللت ضغوطهما بالنجاح في منع تزويد سوريّة وإيران بهذا الطراز من الصواريخ، بعد أنْ كانت دمشق وطهران قد وقعّتا اتفاقًا مع روسيا لشراء هذا النوع من الصواريخ.
واعتبرت المصادر "الإسرائيليّة" أنّ موسكو اقتنعت بوجهة نظر الولايات المتحدّة الأمريكيّة و"إسرائيل" لأنّ الحديث يدور عن صاروخ كاسر للتوازن العسكريّ القائم والذي يؤدّي إلى تقويض معادلة التفوق الجوي "الإسرائيليّ" في الشرق الأوسط، حسب ما ذكرت المصادر "الإسرائيليّة".
وأشار فيشمان أيضًا إلى أنّ وسائل إعلام مصريّة مختلفة أكّدت وصول صواريخ من طراز S300 إلى منطقة الشرق الأوسط، كما أنّ وسائل الإعلام المصريّة لفتت إلى أنّ الجيش المصريّ باشر بنصب منظومة الصواريخ على الأراضي المصريّة.
وأضاف أنّ الحديث يجري عن صاروخ متطور بمدى 200 كم، وهي المرة الأولى التي تنتشر في الشرق الأوسط.
وذكّر المُحلل "الإسرائيليّ" في سياق تقريره أنّ تقارير أمريكيّة رسميّة كشفت النقاب في نهاية العام المُنصرم توقيع القاهرة اتفاقًا مع موسكو لتزويدها بصواريخ S300 المتطورة والمُتقدّمة.
وكانت برقيات سرية نشرها موقع ويكيليكس أظهرت أنّ روسيا تستخدم صواريخ S300 التي تقول إنّها ملتزمة بتسليمها للنظام السوري، أداة دبلوماسية وورقة مساومة في صراعها على النفوذ مع الغرب، في وقت تسعى فيه القوى العالمية لإنهاء الأزمة السورية سلميًا.
وتقول روسيا إنّها ملتزمة ببيع صواريخ S300 مضادة للطائرات بموجب عقد أبرم عام 2010 مع الرئيس السوري بشار الأسد، معتبرة ذلك أنّه يُشكّل رادعًا لأيّ تدخل عسكريّ خارجيّ، ترى به القوى الغربيّة التي تحاول مع روسيا تنظيم مؤتمر دولي أن تسليم الأسلحة لسوريّة سيحمل نتائج عكسية هائلة، بحسب الوثائق.
ونقلت برقية صادرة في أيلول (سبتمبر) من العام 2008 عن فيكتور سيماكوف، مستشار الشؤون "الإسرائيلية" والفلسطينية بوزارة الخارجية الروسية قوله إنّ روسيا تعلم جيدًا الأثر السلبي لتسليم أسلحة مثل S300 على الاستقرار في الشرق الأوسط.
وتقول البرقيّة أيضًا: أكّد (سيماكوف) أنّ روسيا تُدرك جيدًا بواعث قلق "إسرائيل" من حصول سوريا أو إيران على أنظمة الصواريخ إسكندر أو S300.
ورغم أنّ روسيا وقعت عقدًا مع سوريّة عام 2010 فإنّ الصفقة لم تتم وذلك لأن تعهد "إسرائيل" بعدم بيع أسلحة لجورجيا خلال حربها مع روسيا في آب (أغسطس) من ذلك العام ربما تفوق على العرض السوري.
وتكرر ذلك مع إيران حين قالت موسكو أواخر عام 2008 إنها تعتزم تنفيذ عقد أبرمته عام 2005 لتزويد إيران بصواريخ S300، لكنّ برقية دبلوماسية مسربة ذكرت أن مسؤولين من روسيا أكدوا للقائم بالأعمال الأمريكي في موسكو أن التسليم لن يتم إلا بعد تنفيذ إيران لالتزاماتها النووية.
وبعد تجميد العقد لأسباب سياسية، نقلت برقية بتاريخ 30 تموز (يوليو) من العام 2009 عن المسؤول "الإسرائيلي" عاموس جلعاد، الذي كان يشغل منصب رئيس المكتب السياسي العسكري بوزارة الأمن "الإسرائيلية"، قوله إنّ الروس سيعيدون تقييم حساباتهم السياسية، إذا واصلت الولايات المتحدة خططها لنشر دفاعات صاروخية في بولندا وجمهورية التشيك.
وفي نهاية المطاف ألغت روسيا العقد في 2010، وفيما قد يكون تعويضًا عن ذلك وافق "الإسرائيليون" على بيع طائرات استطلاع دون طيار لروسيا.