قائمة الموقع

مقال: خيار وفقوس

2015-03-12T05:18:53+02:00
الكاتب الصحفي وسام عفيفة
بقلم: أ. وسام عفيفة

في جولة للبحث عن أصل المثل: "ناس خيار وناس فقوس" جاءت النتائج متشابهة وتشير إلى التمايز الطبقي، واختلاف حالة التعامل المزاجي الانتقائي، بين فئة وأخرى من التابعين أو المرؤوسين في عملهم على اختلاف المواقع الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي كافة مناحي الحياة.

وفي السياق قد يرى البعض في سلوك إداري أو مالي في دوائر الحكم والسلطة سلوكا مشينا وآثما، يشجع التمييز المقرون بـ"الخيار والفقوس"، بينما يبرره آخرون باعتباره إجراء قانونيا سليما، خاليا من التجاوزات، وتجنبا للتوغل في الشبهات والأحكام، يلفت الانتباه في تفسير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حول تعريف "الإثم" أنه: "ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس"، والشاهد هنا عند غياب الشفافية وتمرير المعاملات بسرية و"تسلبد"، هنا تثار الشبهات وينتشر القيل والقال.

ومقارنة بالوضع الذي نمر به اليوم في ظل قلة المال، وضيق الحال، يفترض أن يكون الجميع سواسية بالتضحية خصوصا ممن يكررون عبارة "نحن أصحاب مشروع".

هنا يكون أصحاب الرتب والمواقع المتقدمة أكثر إيثارا وتضحية لأنهم من يقودون "المشروع".

وحتى لا نبالغ في تقديم أمثلة من تاريخنا الإسلامي، وكي لا يجادل البعض بصعوبة مقارنة نماذج من سيرة الصحابة مع أهل الدنيا اليوم، سنحتج بزعيم من خارج الدائرة.

 فقد ترك "خوسيه موخيكا" الرئيس الأفقر في العالم" كرسيه وسلّم الحكم لرئيس الأوروغواي الجديد "تاباريه فاسكيز"، على الرغم من أن شعبيته لم تخفت إطلاقا.

وانطلاقا من مبدأ: "من يعشق المال لا مكان له في السياسة"، رفض "موخيكا" التمتع بالقصور الرئاسية والسيارات الفارهة، في حين أن شعبه الفقير غير قادر على الوصول إلى هذه الرفاهية، بينما حرص "موخيكا"، على عدم الاستفادة من أموال السلطة، فتمسّك بسيارته الـ"فولكس فاغن" القديمة وبمنزله الذي شارف على الانهيار، مكتفيا بحب الشعب.

أعلم أن هناك من سيصرخ في وجهي ويقول: "أين نصرف حب الشعب"، لكن التضحية التي قدمتموها حتى الآن تستحق المحافظة على الصفحة ناصعة البياض، وعلى رأي الشاعر إبراهيم ناجي في "الأطلال":

"واثق الخطوة يمشي ملكاً   ... ظالم الحسن شهي الكبرياء".

اخبار ذات صلة
مكتوب: خيار وفقوس
2018-10-11T06:07:20+03:00