بخّر فوز حزب الليكود بالانتخابات التي جرت أول أمس تطلع الصوت العربي في الداخل المحتل الى دور محوري في الحياة البرلمانية.
ولا يمكن للتمثيل العربي داخل الكنيست في دورته العشرين التأثير على التحالفات المرتقبة لتشكيل الحكومة (الإسرائيلية)، رغم أنه أكبر تمثيل للنواب العرب في تاريخ الكنيست المكون من 120 نائبا.
ويشير مراقبون الى ان توحد الفلسطينيين في الداخل بقائمة انتخابية، ونيتهم تشكيل قوة مانعة في معادلة إيقاف اليمين الإسرائيلي عن السيطرة على الحكومة، دفع نتنياهو لاستغلال ذلك لحشد جمهوره اليهودي اليميني، وترهيبهم من التبعات في حال عدم فوزه بالانتخابات.
وعلقت شيمريت مئير المحررة المسؤولة في موقع "المصدر" على نتائج الانتخابات الإسرائيلية بالقول "حققت القائمة العربية المشتركة إنجازًا أخلاقيًا، لكنها بعيدة عن إحداث ثورة: صحيح أن هنالك زيادة في التمثيل العربي في الكنيست، لكن ليست هناك انطلاقة من شأنها أن تتيح للعرب التأثير من الداخل على سياسات إسرائيل".
مراوحة الأصوات العربية مكانها رغم توحدها هذه المرة يفتح الباب للحديث عن تاريخ مشاركة الفلسطينيين المقيمين في الأراضي التي احتلت عام 48 في الانتخابات الإسرائيلية.
فقد بلغ عدد السكان الفلسطينيين الذين لم يغادروا وطنهم عام 1948 حوالي 154 ألف فلسطيني، في حين يقدر عددهم هذه الأيام مليون و300 ألف فلسطيني منهم 850 الف يحق لهم الاقتراع.
وينقسم فلسطيني 48 الى تيارين أساسيين فيما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات الإسرائيلية، الأول يرى ضرورة المشاركة في العملية السياسية برمتها وفى القلب منها العملية الانتخابية على أساس أنه الضمانة الأساسية للدفاع عن حقوق فلسطيني 48 بالآليات التي يتيحها ويتفهمها النظام الإسرائيلي والرأي العام اليهودي.
أما التيار الثاني بحسب دراسة لمركز الزيتونة حول الأحزاب العربية في إسرائيل يرى أنه لا فائدة من المشاركة في العملية السياسية وتحديدا في الانتخابات، ويعتقد أن الاندماج في ظل أيديولوجية الدولة وممارستها المستندة إلى المثل الصهيونية أمر مستحيل.
ويلقى تيار المقاطعة الدعم الأساسي من الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح، الذي يقول إن العمل البرلماني لا يمكن أن يحقق طموحات الجماهير العربية، بل إن مشاركة عرب الداخل فيه يمكن أن يخلق انطباعا وكأن في إسرائيل ديموقراطية حقيقية، ما يفيدها عالميا فيما الحقيقة عكس ذلك.
وتراوحت مشاركة الفلسطينيين في الداخل بالانتخابات الإسرائيلية، ما بين الارتفاع والهبوط منذ اول انتخابات للكنيست عام 1949 حيث بلغت حينها نسبة المشاركة ما يقرب من 80 %، بينما تقلصت في الانتخابات الأخيرة قبل يومين الى قرابة 50% فقط.
ويعد المجتمع الفلسطيني في الداخل فتيا، يحاول تشكيل قوة اجتماعية واقتصادية وسياسية، والوقوف في وجه تنامي مظاهر العنصرية والتمييز في إسرائيل، الا أن المحاولات على المستوى الرسمي لم تتمكن من النجاح بنسبة كبيرة.
ويشكل نمو الفلسطينيين في الداخل حتى لو بشكل بطيء، هاجسا لدى الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول تحجيم دورهم على جميع الأصعدة.
آخر تلك المحاولات السياسية كانت بقرار الحكومة الإسرائيلية العام الماضي رفع نسبة الحسم في الانتخابات الإسرائيلية من 2% الى 3.25% في محاولة منها لأبعاد الأحزاب العربية عن المشهد السياسي، الا أنها توحدت تحت "القائمة المشتركة" وتمكنت من حصد 14 مقعدا.
فيما اتخذ قادة الاحتلال اليمينيين الهجوم على الفلسطينيين في الداخل، مرتكزا لدعاياتهم الانتخابية ورفع رصيدهم لدى أحزابهم، حيث وصفهم أفيغدور ليبرمان خلال حملته الانتخابية قبل أيام بأنهم "طابور خامس" يتوجب التخلص منهم بأسرع وقت.
أما نتنياهو وعد مؤخرا بدفع مشروع تهويد منطقة الجليل ذات الأغلبية العربية (شمال فلسطين المحتلة) قدما.
وأمام تقارير المؤسسات العاملة داخل الخط الأخضر التي تقول إن العرب الذين يشكلون 20% من السكان في إسرائيل يواجهون ارتفاعا ملحوظا في أشكال التمييز في جميع مجالات حياتهم العامة، يبقى الباب مفتوحا أمام الفلسطينيين هناك لاعتماد جميع الإجراءات الميدانية والسياسية، للمحافظة على هويتهم الفلسطينية التي يتربص بها الاحتلال الإسرائيلي.