قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد عودة نتنياهو.. السلطة وعباس أكبر الخاسرين

كاريكاتير مجدي الهسي
كاريكاتير مجدي الهسي

غزة – كارم الغرابلي

على غير المتوقع، فاز حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو في انتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) العشرين على الرغم من جميع استطلاعات الرأي التي كانت تشير الى هزيمته ونهاية حقبته السياسية أمام منافسه اسحاق هرتسوغ في المعسكر الصهيوني.

فوز نتنياهو بـ 30 مقعدا من أصوات المقترعين على منافسيه شكل ضربة قاسية ومؤلمة للسلطة الفلسطينية التي كانت تترقب نتائج الانتخابات وفوز المعسكر الصهيوني على أمل عادة احياء المفاوضات، ووقف الاستيطان، والافراج عن أموال المقاصة، على الرغم من أن مواقف جميع المرشحين (الاسرائيليين) تكاد تكون متشابهة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأبرز ملفاتها العالقة.

قيادات السلطة كانت تدرك جيدا ألا تغيير جوهري يمكن أن تحمله نتائج الانتخابات أيا كان الفائز، كونها تعتبر من "المقدسات الصهيونية"، فيما يتعلق بملف الاستيطان والاحتلال والتهويد والاعتقالات والقدس واللاجئين والمفاوضات.

وعلى الرغم من كل ذلك كانت تعقد آمالا على فوز هرتسوغ، وتم تعطيل بحث ملفات سياسية فلسطينية مفصلية، ولم تعقد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعاً لوضع آليات لتنفيذ قرارات المجلس المركزي التي أعادت النظر في العلاقة مع الاحتلال.

انقلاب التصريحات

كما انقلبت تصريحات المسؤولين الفلسطينيين فيما يتعلق بإفراج (إسرائيل) عن أموال الضرائب الفلسطينية، مثل وزير الخارجية رياض المالكي، والمتحدث باسم الحكومة إيهاب بسيسو، من المطالبة بهذه الأموال التي تسببت في أزمة مالية للسلطة التي لا تستطيع الإيفاء بالتزاماتها نحو موظفيها، إلى تصريحات تنتظر نتائج الانتخابات الإسرائيلية على أمل الحصول على الأموال، حسب وعود أوروبية للفلسطينيين.

والأغرب من ذلك محاولة شخصيات سياسية فلسطينية -دون علم الرئيس محمود عباس- الضغط على القائمة العربية المشتركة لتوقيع اتفاق فائض أصوات مع حركة ميرتس لتعزيز فرص ما يسمى باليسار الإسرائيلي في الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد حسبما كشفت مصادر اسرائيلية.

تداعيات سياسية عديدة ستترتب بعد فوز نتنياهو وتشكيلة الحكومة الجديدة ولعل أبرزها كما يتوقع المراقبون استمرار سياسات الاستيطان وتهويد القدس، وتجميد اموال السلطة، كما أن خيار السلام سيصبح مستحيلا وبعيدا لرفض قيام الدولة الفلسطينية وهي رسائل بعث بها نتنياهو اكثر من مرة خلال دعايته الانتخابية للسلطة الفلسطينية، واكد على "حزمة لاءاته" بألا تغيير في سياسته ويرفض الانسحاب من الضفة الغربية ولن يسمح بإقامة دولة فلسطينية وتقسيم القدس.

ومن الواضح أن مواصلة اليمين برئاسة نتنياهو الاحتفاظ بالحكم سيفضي إلى تقليص هامش المناورة أمام قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله، وسيدفعها إلى اتخاذ خطوات أكثر جدية في المؤسسات الدولية ضد (إسرائيل)، وهو ما بدا واضحا في رد كبير المفاوضين صائب عريقات على فوز نتنياهو قائلا: "سنكثف جهودنا الدبلوماسية في محكمة لاهاي الدولية من أجل محاكمة قادة (اسرائيل).

وأضاف عريقات لصحيفة يديعوت احرونوت العبرية: "من الواضح أن نتنياهو سيشكل الحكومة المقبلة لذلك سنتوجه لمحكمة لاهاي والانضمام لكل المنظمات الدولية لترسيخ الاسس القانونية الدولية لدولة فلسطين المحتلة”.

انهاء الاحتلال

وبحسب عريقات فان "ما هدد به نتانياهو من قتل خيار الدولتين يدخل في خانة جرائم الحرب".

وفشلت مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين في نيسان/ ابريل 2014.

ويسعى الفلسطينيون مذاك الى تقديم مشروع قانون لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي في الامم المتحدة فيما أعلنت القيادة الفلسطينية انها ستقدم اول لائحة اتهام ضد (اسرائيل) الى المحكمة الجنائية الدولية في الاول من نيسان/ ابريل المقبل.

وعلى صعيد قطاع غزة، ربما سيسعى نتنياهو هذه المرة كما يرى المراقبون للتخلص من "صداع غزة"، وتجنب خوض أي حرب جديدة معها، وقد يقود من وراء الكواليس، مبادرة بدعم دولي لتثبيت هدنة طويلة الأمد مع حركة حماس، حسبما أشارت صحيفة هآرتس.

من جانبه، قال مسؤول العلاقات في حركة حماس أسامة حمدان إنه من المبكر الحديث عن عدوان (إسرائيلي) محتمل عقب الانتهاء من الانتخابات (الإسرائيلية)، معتقدًا أن تصريحات ليبرمان التي هدد فيها بشن حرب على غزة، هي من قبيل المزايدات الانتخابية.

وأضاف: "المقاومة تعيش في حالة مواجهة مع الاحتلال ولكن الحديث عن عدوان مسلح شامل مستبعد، وقد لا يتفق قادة الاحتلال مع تهديدات ليبرمان، خاصة بعد الحرب الأخيرة والتي تفرض على الاحتلال احتياجات كبيرة لإعادة ترميم صفوف قواتها، فضلًا عن حاجتهم لمناخ يبرر لهم مثل هكذا عدوان.

وعلى مدار العقود الماضية يفهم الفلسطينيون شيئاً واحداً وأساسياً من تشكيل الحكومات الإسرائيلية الجديدة، هو أنها جميعا تعد "أوجه لعملة واحدة" كونها تحمل ذات الأهداف الرامية إلى تهجير الفلسطينيين وتهويد الأراضي الفلسطينية والاستيلاء على القدس المحتلة، وتذويب حقوق اللاجئين وهو ما اجمعت عليه الفصائل الفلسطينية بأن المرحلة المقبلة لن تحمل جديدا وستشهد مزيدا من الضغط الاسرائيلي على السلطة ومزيدا من العنف بكل اشكاله.

حركة حماس قالت في تعقيبها على نتائج الانتخابات: "لا فرق بين يمين ويسار لدى الاحتلال، والكل يتسابق لتحقيق مزيد من تهويد القدس والاستيطان واستمرار الاحتلال، واكدت حماس انها لا تراهن على نتنياهو أو غيره وتعمل من أجل تحرير الأرض والمقدسات والأسرى ضمن برنامج متكامل للمقاومة.

القيادي في حركة "فتح"، فيصل أبو شهلا رأى أنَه لا فرق بين الأحزاب الإسرائيلية فيما يخص القضية الفلسطينية والقدس.

أما القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، أحمد المدلل، فرأى أنَ الأحزاب الإسرائيلية وجهان لعملة واحدة.

وأضاف المدلل أنَه في ظل "الليكود" واجهنا الإجرام الصهيوني والحروب، وفي ظل "العمل" كان الاستيطان والقتل والحصار.

 ورأى أنَ الفائز بالانتخابات لن يخدم إلا يهودية الدولة، لأنَ هرتسوغ ونتنياهو يتفقان على أنَ (إسرائيل) يجب أنَ تكون على كل الارض الفلسطينية ولا يؤمنون بعملية السلام.

عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية ذو الفقار سويرجو، أوضح من جانبه أن المجتمع الإسرائيلي بكافة أحزابه السياسية من اليمين المتمثل بحزب الليكود واليمن المتطرف يتجه صوب مزيد من التطرف والعنف ضد الشعب الفلسطيني، إلى جانب سعيه المستمر نحو استئصال جميع حقوق الفلسطينيين والتمترس تحت غطاء الدولة الاسرائيلية.

وبعد الاعلان عن فوز نتنياهو تبقى العديد من الأسئلة قائمة ومفتوحة، هل ستواصل السلطة التنسيق الأمني من جديد وكأن شيئاً لم يكن؟! وماهو مصير المفاوضات؟ وهل ستواصل السلطة مساعيها لتقديم مشروع الدولة الفلسطينية ولائحة اتهام ضد (اسرائيل) الى المحكمة الجنائية ابريل القادم؟

البث المباشر