غزة/لميس الهمص
في تاريخ ميلاده استشهد ابنها البكر أحمد ، وبعد خمس سنوات وفي يوم ميلاده أيضا لحق به شقيقه الثاني أسامة إلا أن ذلك لم يثن والدتهما "أم أحمد عساف" عن السير في طريقها لحفظ القرآن فأصبحت تردد منذ استشهادهما" يارب عوضي بالدين والإيمان وزيارة الرحمن وحفظ القرآن" فكان لها ما تمنت بحفظ القرآن كاملا .
***استغلال الفراغ
لم يقف تقدم العمر حائلا أمام أم أحمد المرأة الخمسينية التي انضمت إلى حلقات تحفيظ القرآن التابعة لجمعية الشابات المسلمات ، حيث كان الإصرار يطغى عليها وعملت جاهدة من أجل تحقيق أمنيتها بكل ما بوسعها حتى استجاب الله لها.
أم أحمد التي تقطن بلدة جباليا شمال قطاع غزة أخذت على نفسها عهدا بحفظ القرآن الكريم منذ بلوغها نبأ استشهاد نجلها أحمد ومن ثم نجلها الآخر أسامة, إيماناً منها بأن التوجه للقرآن الكريم يخفف من مصابها, فقررت حفظ القرآن الكريم ، والتحقت بمدرسة تحفيظ القرآن بالمسجد العمري بجباليا حتى سنحت لها الفرصة بإكماله صيف هذا العام.
وقالت أم أحمد " للرسالة": " التحقت بمخيمات "غراس الجنة" لحفظ القرآن الكريم التابعة لجمعية الشابات المسلمات إرضاء لله أولاً, وليكون القرآن ذخراً لي في آخرتي, ومن ثم انطلاقاً من إيماني العميق بأنه المثبت والحافظ من كل سوء ".
واعتادت أم أحمد المكوث في غرفتها بعد صلاة الفجر لحفظ القرآن ، ومنذ عدة سنوات تستغل كل أوقات فراغها في حفظه حتى حفظت هذا العام 15 جزءا المتبقية لها من القرآن في شهر واحد.
ولم تخف أم أحمد الأم لسبعة أبناء أن زوجها كان عاملا أساسيا في حثها على حفظ القرآن الكريم ، وتقول: " زوجي وفر لي سبل الراحة لإتمام مشروعي, وكان يشجعني باستمرار ويشد من أزري، لدرجة أنه كان يتصل بي في كل فترة من فترات التسميع في المخيم ليطمئن على سير حفظي للقرآن ".
***ذكرى الشهداء
وتعود أم أحمد للحديث عن أبنائها الشهداء فتقول:"ابني احمد استشهد عام 2003 في عملية استشهادية وقبل استشهاده بيوم دخل علي وأنا أقرأ القرآن فطلب مني أن أدعو له بالشهادة فلم استطع ذلك كونه فلذة كبدي ويصعب علي فراقه فإرضاء له دعوت الله أن يختار منهم شهيدا فكان استشهاده في اليوم التالي في ليلة القدر.
وتتابع أما ولدي أسامة فاستشهد عام 2008 في "أيام الغضب" أثناء تصديه لقوات الاحتلال المتوغلة شمال القطاع، وكان دائما يتمنى الشهادة، ففي أحد الأيام دعا أصدقاؤه للعشاء في منزلنا وطلب مني تسليمهم مظروف كان قد أعطاني إياه فرفضت ذلك حتى اقرأ ما بداخله فوجدت أنه كتب على لساني بأني أقدمه هديه ليستشهد في سبيل الله"
فما كان من أم أحمد إلا أن تقوم بتسليم الرسالة بعد إلحاح ولدها عليها فكان له ما تمنى واستشهد أثناء تصديه لقوات الاحتلال.
***دعوة للحفظ
أم أحمد التي ترتدي النقاب عبرت عن سعادتها وهي تتم حفظ القرآن الكريم في صدرها ، وتوجهت برسالة إلى أمهات الشهداء وكل نساء فلسطين قائلة: " أتوجه بالنصيحة إلى كل إنسان موحد بالله أن يستغل وقته فيما يرضي ربه, وحفظ القرآن الكريم هو خير استغلال للوقت ".
كما وتقدمت أم أحمد بشكرها وامتنانها من محفظتها التي بذلت معها الجهد وأتاحت لها الفرصة ل تحقيق أمنيتها, سائلة المولى عز وجل أن يجزها عنها خير الجزاء.
وذكرت أن حفظ القرآن لم يلهها يوما عن واجباتها المنزلية تجاه زوجها وأبنائها بل كان معينا لها ليبارك الله في وقتها وتستغل كل لحظات يومها دون إضاعتها بما لا يفيد.
وأوضحت أنها بالرغم من كبر سنها إلى أنها لم تجد صعوبة في حفظ القرآن بالرغم من أنها لا تحمل سوى الشهادة الابتدائية مشيرة إلى أنها بدأت في الحفظ من الجزء الثلاثين إلى أنها عادت لتبدأ من الجزء الأول كون الحفظ المتسلسل في الصور الكبيرة يعد أسهل بالنسبة لها .