قائد الطوفان قائد الطوفان

الشهيد "الغزاوي".. بفقدانه انتهى نسل الأسرة

الشهيد القسامي (أحمد نمر رجب الغزاوي)
الشهيد القسامي (أحمد نمر رجب الغزاوي)

الرسالة نت- معاذ مقداد

كالمعتاد.. تتشبث العائلات بنجلها الأول ويحظى بدلالٍ فائق فهو ولي العهد، لكنّ غزة تحمل في جعبتها قصص لعائلاتٍ فلسطينية قدّمت أغلى ما تملك، وضحّت بانتهاء نسل العائلة في سبيل المقاومة والشهادة.

الشاب القسامي (أحمد نمر رجب الغزاوي)، لم يبق من هذا الاسم سوى العائلة فقط، فقد انتهى نسل الأسرة من الجدّ، حيث توفي أعمامه ووالده دون أبناء من الذكور، وارتقى أحمد شهيدًا خلال الاعداد والتدريب في ميدان المقاومة.

وفاضت روح أحمد إلى بارئها أثناء الإعداد والتدريب مع كتائب القسام قبل أيام في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ولينتهي بارتقائه نسل العائلة -من الجدّ (رجب)-، "وستمضي الأم الليالي تحرس فلذة كبدها بالدعاء، أملًا بالظفر بصحبته في الجنان".

ولي العهد الوحيد

والدة أحمد رزقت به بعد عناء امتد سنوات، وبعد 45 عامًا بات هو "ولي العهد" وحامل نسل العائلة، لكنّ عزمه وحبه للشهادة سبق حلم والدته بتزويجه ورؤية أحفادها.

أبو احمد زوج شقيقة الشهيد يقول لـ"" إن أحمد -وهو طالب جامعي-  التحق بكتائب القسام منذ بضع سنوات وأصبح يتيمًا قبل ثلاث، وعن بداية التحاقه في كتائب القسام، يقول إن والدته رفضت ذلك قطعًا كونه الابن الوحيد للعائلة بأكملها.

ولا تسمح كتائب القسام للشبان الوحيدين لذويهم بالانضمام لصفوفها خوفًا على حياتهم ومصير عائلاتهم، لكنّ إصرار أحمد دفعه لإقناع شقيقته بالموافقة وبعد ذلك ظفر برضى والده بالعمل لدى الكتائب، وقد نال ما تمنى.

ونظرًا لسوء الوضع الاقتصادي للعائلة، ومنذ نعومة اظافره اضطر أحمد للعمل ليعيل العائلة والوالد الطاعن في السن، فحين ولِد كان يبلغ والده ستة عقود ونصف، ما زاد من المسئولية الملقاة على عاتق القسامي المظفّر.

بطل النخبة

أحد رفاق دربه قال لـ"" إنه اشتهر بإصراره على العمل في ميدان المقاومة والانضمام لنخبة الكتائب للرباط في الخطوط الاولى لمجابهة الاحتلال، حتى نال مراده، وبات واحدًا من أبطال وحدة النخبة القسامية، ويضيف أن أحمد كان يقضي الليالي الطوال للتدريب لوحده خارج إطار العمل الجهادي ليزيد من خبرته وحيويته.

الشاب العشريني امتشق سلاحه وخاض حرب الخمسين يومًا-العصف المأكول-، يجاهد ويشارك في عمليات المقاومة، ومع كل صوت انفجارٍ واعلان شهداء تنصت العائلة بحذر خوفًا على مصير مجاهدهم.

ولعلم الغزاوي مدى خوف والدته عليه، عمل على التواصل معها بشكل متقطّع خلال فترة الحرب وطمأنتها على نفسه، مع طلب الدعاء بالتمكين والانتصار، وتقول الوالدة إنها قضت فترة الحرب تنتظر نجلها خلف "الشباك".

ماذا بقيّ بعد أحمد!

وفي يوم إصابة الغزاوي فجر الخميس، عاد أبو أحمد بقوله إن الإصابة كانت مستقرة ومن المفترض أن تزوره أمه مساءً، إلى أن توقف قلبه وفشل محاولات الاطباء المتكررة بإنعاشه، حتى أعلِن استشهاده.

الأم المكلومة بفلذة كبدها لم تصدق في بادئ الأمر خبر استشهاد نجلها، ولم تسعفها الكلمات على وصف حبها لوحيدها الغالي أحمد، "روحي متعلقة بأحمد، هو ابني وأخي وأبي، هو كل الدنيا عندي"، تقول الأم وقد رحل عنها من كان يضيء عليها الدنيا ويؤنس وحشتها.

وتحتار العبارات أمام صبر الوالدة التي فقدت فلذة كبدها "الوحيد" والذي ملأ عليها الدنيا فرحًا كونه الرجل الأخير للعائلة المكلومة.

أما شقيقة أحمد فتذرف الدموع ألمًا وحزنًا، لكنّ كلمات الصبر والثبات لم تفارقها للحظة، وتقسم أنه لو كان لديها اخوة فستدفع بهم للالتحاق بصفوف كتائب القسام للمقاومة والدفاع عن أرض فلسطين، وهو لسان حال العائلة كما سمعنا منهم.

واختصر أحد أقارب العائلة الوضع الصعب للأم بقوله: "لا يمكن لأحد أن يسد الفراغ الكبير الذي أحدثه استشهاد أحمد"، رغم مكوثهم بجوار الأم ومواساتهم لها لساعات متواصلة.

بذلك مثّلت العائلات الفلسطينية في غزة نموذجًا للتضحية والفداء، وقدّمت عشرات العائلات جميع أبنائها في الحروب الثلاث التي خاضتها غزة خلال الاعوام الست الماضية.

البث المباشر