قائمة الموقع

مقال: متى يدرك العرب حقيقة أمريكا؟

2015-04-09T03:17:37+03:00
الكاتب مصطفى الصواف
بقلم: مصطفى الصواف

 

يستغرب البعض من الموقف الأمريكي لما يجري في المنطقة والذي يشير إلى أن الإدارة الأمريكية تتبع سياسة الصمت وعدم تحديد الموقف سلبا أو إيجابا، وهذا الصمت الايجابي ترى فيه الإدارة الأمريكية أنه أحد أدوات التشكيل للمنطقة وتركها تسير لوحدها وغض الطرف عبر سياسة الصمت والرضا عما يجري وفق المساحة والهامش الذي لن يشكل ضررا على المخططات الأمريكية.

أمريكا تجلس في مكان عالي تراقب تحركات الجميع صمتت عن إيران سواء في احتلال العراق أو دعم بشار الأسد أو في الوقوف خلف الحوثيين في اليمن وتشجيعهم على السيطرة على السلطة وترك الصراع في ليبيا ودعم كل الإطراف كما كان في الصراع الذي حدث على مدى عشر سنوات بين إيران والعراق فيما سمي الحرب العراقية الإيرانية، سمحت للسعودية وتحالف عاصفة الحزم بقيادة السعودية لتضرب الحوثيين في اليمن ولربما تخطط بإطالة أمد هذه الحرب بشكل يسمح باستنزاف الطرفين السعودية وإيران، في ليبيا تركت الساحة لتدخل كل من أراد التدخل مصر فرنسا ايطاليا تركيا الإمارات وغيرهم بل زاد على ذلك أنها تدعم المتصارعين لإبقاء الصراع مفتوح مدة أكبر حتى تنهك المتصارعين ومن ثم يكون هناك تدخل نحو من يكون الأقوى منهم بعد الاستنزاف، أما سوريا فتركت الباب فيها لتدخل غريب متعدد الأطراف مع تعديل وتغيير في المواقف، فبعد أن كان بشار الأسد دكتاتور ومجرم ولا يمكن الحديث معه بات الآن أن هناك إمكانية للحوار والتفاهم معه.

الولايات المتحدة الأمريكية تدرك أن إيران كتيار شيعي في المنطقة العربية ضعيفة وأن حجم السنة دولا وتعدادا أكثر لذلك هي تعمل على إضعاف السنة والتفرق بينهم وإشغالهم بأنفسهم واستنزاف طاقاتهم لأضعافهم حتى تصل إلى نتيجة إضعاف الجميع ثم تفرض حلا أساسه حماية إسرائيل وإعطاء إيران مساحة من السيطرة السياسية على المنطقة بعد أن يتم إنهاك السعودية ودول الخليج وزادة حدة الخلافات بينهم.

الهدف الثاني التي تسعى إليه أمريكا هو منح إيران ثمن اتفاق النووي 5+ 1 والذي يبدو للبعد أنه انتصار لإيران وهو في حقيقة الأمر تجريد إيران من مميزات كثيرة لبرنامجها النووي وفرض الشروط الأمريكية الأوروبية على إيران مقابل مد النفوذ الإيراني في المنطقة العربية ثمنا لهذا الاتفاق ورفع الحصار الاقتصادي وبعض التسهيلات الاقتصادية الداعمة للانتشار السياسي في المنطقة العربية وعلى حساب دولها ومذهبها السني.

المصالح تتبدل وتتغير وحلفاء اليوم قد يكونوا أعداء الغد وأعداء الأمس قد يصبحوا خلفاء اليوم أو غدا طالما أن المبدأ قائم على تحقيق المصلحة فأينما وجدت المصلحة وجد التحالف، فهل هذا التبدل يدركه العرب اليوم؟، وإذا أدركوه هل اعدوا أنفسهم للخطوة القادمة؟، وهل لديهم الإرادة لدفع ثمن خطوتهم المترتبة على فهم الموقف الأمريكي؟.

أسئلة محيرة وإجاباتها صعبة وهي بحاجة إلى قيادة سياسية عربية تعي طبيعة المرحلة وقادرة على التأثير على الإطراف الأخرى والخروج من حالة التبعية واستحضار قانون المصلحة في العلاقات مع الإدارة الأمريكية واستخدامه في تبديل وتغيير التحالفات والاستراتيجيات في المنطقة بما يحقق مصالح المنطقة العربية وشعوبها وقضاياها.

وهذا يدفعنا إلى سؤال مهم وهو هل المملكة العربية السعودية لديها الإرادة لشغل ما تخلت عنه مصر وتريد أن تتولى قيادة المنطقة العربية وإعادة جمع أوراقها بما يحقق مصالح المنطقة ومنها مصالح السعودية وتشكل الرافعة الحقيقية للأمة العربية، أو أن مصر تعود لرشدها وتستدرك ما ارتكبته من أخطاء بتركها قيادة المنطقة العربية أو أن هناك تفكير بقيام قيادة جماعية العربية دون تفرد دولة بعينها؟

نحن بحاجة إلى أمة عربية موحدة وقيادة العربية موحدة قادرة على إدارة معركة الإرادات وقادرة على اتخاذ القرارات المصيرية ولديها الاستعداد لتحمل النتائج مهما كانت واعتقد أن هناك إمكانية ولكنها بحاجة إلى قيادة واعية بالمخاطر قادرة على التحرك وفق حسابات دقيقة، فقد آن الأوان لذلك بعد أن اتضحت الحقيقية.

اخبار ذات صلة