قائمة الموقع

مقال: أعدوا ولا تخشوا العدو والآخرين من دونه

2015-04-27T04:41:20+03:00
الكاتب مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

المقاومة مستمرة في الضفة الغربية وإن كانت بأدوات فرضها التنسيق والتعاون الأمني القائم بين أجهزة السلطة في الضفة الغربية والاحتلال الصهيوني، والتي تركز بكل ما أوتيت من قوة على ملاحقة إدخال الأسلحة النارية واعتقال كل من يحاول امتلاك هذه الأسلحة لمقاومة الاحتلال، فلجأ المجاهدون والمقاومون بالبحث عن بديل، فكان الدهس أو الطعن أو الهجوم بالأسلحة البيضاء بأنواعها المختلفة: السكين، والساطور، وقضبان الحديد، والسيف، وهذا بحد ذاته إبداع من الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية العاشق لمقاومة الاحتلال، العامل على الانتقام من المحتل على جرائمه المختلفة من قتل وتهويد وتضييق واعتقال ومداهمات وغيرها من الجرائم التي اتسعت في الآونة الأخيرة نتيجة غياب المقاومة.

ما يجري في الضفة يؤكد بوصلة الشعب الفلسطيني في انحيازه للمقاومة رغم ما يجري من مضايقات أو ملاحقات في المستويين الصهيوني والسلطة، وكما يقولون الحاجة أم الاختراع، وإن كان الأمر ليس فيه اختراعا ولكنها وسائل استخدمت في مرحلة من مراحل النضال الفلسطيني عندما لم يجد الفلسطينيون ما يقاومون به المحتل فكانت انتفاضة الحجارة وهي إبداع وكان لها الأثر البالغ في توصيل رسائل الشعب الفلسطيني للعالم الذي اندهش من شعب يواجه أعتى قوة في المنطقة بالحجر والحجر لا غير.

والمتتبع لمرحلة الانتفاضة الأولى وجدها تطورت في مراحل المواجهة وأدواتها فانتقلت المواجهة من الحجر إلى السكين سواء في الضفة أو غزة أو حتى فلسطين المحتلة واستمرت هذه الأداة إلى جانب الحجر ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ووصل في مرحلة ثالثة إلى استخدام الأسلحة الرشاشة والكمائن العسكرية والعبوات الناسفة حتى وصل الأمر إلى صناعة الصواريخ المحلية البدائية والبسيطة ولكن لها الأثر البليغ في إجبار الاحتلال على خلع مستوطناته من غزة بعد أن أصبح ثمن البقاء فيها مكلفا في الأرواح والتكاليف المادية.

اليوم ما يجري في الضفة صورة مكررة لما كان في الانتفاضة الأولى، فالمقاومة الشعبية والتي استمرت أكثر من اللازم كانت مفتاحا لمقاومة من نوع آخر وتخللها عديد من المقاومة المسلحة لمن تمكن من إدخال بعض الأسلحة وتكوين مجموعات عسكرية بسيطة وقليلة طوردت ولوحقت واعتقل بعض أفرادها واستشهد آخرون، وأمام هذه المضايقة وسد منافذ إدخال الأسلحة كان لابد من اللجوء إلى وسائل تعبر عن الرفض وتقدم لمرحلة أكبر وأوسع فكان سلاحا الدهس والطعن الذي بات مقلقا للطرفين الصهيوني وأجهزة السلطة، وأعطى مؤشرا على فشل القبضة الأمنية، وأن الأمر سيخرج في لحظة ما من بين يديها وتصبح المواجهة العسكرية الحتمية هي مجرد وقت، وتنطلق في الضفة الغربية وتصبح ظاهرة لها ما لها من تداعيات، وستجد من يحتضنها من الجماهير الفلسطينية التي تتعرض للذل والمهانة وتنتهك أعراضها ومقدساتها ويقتل ويعتقل أبناؤها وأطفالها ونساؤها أيضا.

ازدياد عمليات الطعن والدهس مؤشر ايجابي يؤدي إلى ظهور تطور لاحق في أساليب المقاومة ضد الاحتلال، سيعيد البوصلة ويحد من جرائم الاحتلال والمستوطنين؛ لأنه بات واضحا أن جزءا كبيرا من ظاهرة التغول الصهيوني في الضفة، مردها غياب المقاومة وبقاء ظاهرة التعاون الأمني من قبل أجهزة السلطة، وعدم قيام السلطة برفع قضايا ضد الاحتلال في المحاكم الدولية، والتي تحول الانضمام إليها شكليا وبلا قيمة، طالما لم تحرك القضايا ضد الاحتلال وقادته، لذلك المرحلة القادمة من المقاومة ستتطور نحو الاشتباك المسلحة وهو تطور طبيعي رغم كل المضايقات وكل الإجراءات ورغم التعاون الأمني بين الجانبين إلا أن إرادة الشعب الفلسطيني ستكون أقوى من كل ذلك.

المنتظر أن يكون هناك بدء بتشكيل المجموعات العسكرية والإعداد والتدريب الميداني للمقاومين على كيفية استخدام الأسلحة بأنواعها المختلفة، وكذلك اللياقة البدنية والمعنوية وتعلم عمليات التصنيع المختلفة، وهي مسألة لن تكون صعبة على شعب مازال ثائرا وسيصل يوما وسيكون قريبا إن شاء الله أن يمتلك كافة أدوات المقاومة وإن لم ولن تكافئ ما لدى المحتل ولكنها ستكون مؤثرة ومؤلمة وهي تطبيق لقوله تعالى " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُون"َ. هذه الآية بكل معانيها قائمة اليوم.

اخبار ذات صلة