على غير العادة، يوشك موسم "السردين" في قطاع غزة على الانتهاء دون الاستفادة منه، مما زاد من سخط وتذمر الصيادين الذين يعانون من مضايقات الاحتلال اليومية.
ومن المفترض أن تعج الأسواق بسمك "السردين" في مثل هذه الأيام كما كل عام، إلا أن الموسم سيفشل بسبب قلة مساحة الصيد التي يسمح بها الاحتلال.
ويبلغ عدد الصيادين في قطاع غزة قرابة 3700 صياد، يملكون نحو 700 مركب، ويعتاش من هذه المهنة ما يقرب من 70 ألف مواطن.
الموسم فاشل!
ومن جهته، قال الصياد مؤمن أبو عميرة إن بحر غزة يفتقد لسمك السردين هذا الموسم، بسبب قلة مساحة الصيد المحكومة بالأميال الستة فقط.
وأضاف أبو عميرة: "كنت انتظر قدوم الموسم منذ شهرين لكني عجزت عن اصطياد السردين بسبب ضيق مساحة الصيد وضآلة السمك فيها".
وأوضح أن المعاناة تتفاقم يوميًا جراء المطاردة (الإسرائيلية) لأرزاق الصيادين في عرض البحر، مبيّنًا أن ثمن الشبكة الواحدة يتعدى ألف شيكل.
في حين تذمر الصياد أبو محمد جربوع من البداية السيئة لموسم السردين، محملًا الاحتلال فشل الموسم بسبب ممارساته العنصرية ضد الصيادين.
وقال جربوع: "بدأ الموسم قبل شهر، وحتى الآن لم ننعم بصيد وفير، وجميع الصيادين يأملون في أن تزداد الكميات خلال الأيام المتبقية من الموسم".
وتتعطش أسواق القطاع إلى الأسماك المحلية التي غابت عنها خلال الأشهر الأخيرة بفعل ملاحقة الاحتلال للصيادين في عرض البحر.
وتجدر الاشارة إليه أن لـ"السردين" موسما آخر في شهر يناير، ويصطاد الصيادون من بحر غزة كميات قليلة من أنواع أخرى من الأسماك كـ"الاسكومبلا، والكرخونا، والغزال".
وبدوره قال المهندس عادل عطا الله مدير الثروة السمكية في وزارة الزراعة إنه من المفترض أن يبدا موسم "السردين" منذ بداية أبريل الماضي، مشيرًا إلى أن الأيام الحالية من المفترض أن تكون ذروة الموسم.
وأكد أن سبب تأخر الموسم الذي أوشك على الضياع هو قلة مساحة الصيد المحددة بستة أميال فقط، مبيّنًا أن الأسماك تتواجد في مساحة أبعد من ذلك.
ويتخوف عطا الله من انتهاء موسم السردين دون الاستفادة منه، مبيّنًا أن عمق الصيد وتيارات المياه وحالة الطقس تتحكم في وجود السردين من عدمه.
ومن المفترض أن يجني قطاع غزة ما بين (1500 – 2000) طن من السردين سنويا في مثل هذا الوقت من العام.
وتخلت سلطات الاحتلال عن تفاهمات اتفاقية أوسلو، فيما يتعلق بمساحة الصيد البالغة 12 ميلًا بحريًا (الميل البحري يساوي 1882 متراً) وقلصتها إلى 6 أميال وأقل من ذلك عقب اندلاع انتفاضة الأقصى نهاية أيلول/ سبتمبر 2000.
وسمح الاحتلال للصيادين بالدخول إلى مسافة 6 أميال، بعد انتهاء العدوان (الإسرائيلي) الأخير على القطاع، صيف عام 2014، على أن تتم زيادة هذه المسافة تدريجياً لتصل 12 ميلاً، وفق ما نص عليه اتفاق التهدئة، إلا أن الاحتلال لم يلتزم بما وقع عليه، بل زاد من وتيرة اعتداءاته بشكل غير مسبوق.
المساحة لا تكفي
ويتفق نزار عياش نقيب الصيادين في قطاع غزة، مع سابقه في أن موسم السردين لم يبدأ هذا العام بسبب قلة مساحة الصيد المحددة بستة أميال فقط، مؤكدًا أن الموسم أوشك على الضياع دون الاستفادة منه.
وذكر عياش أن الكميات التي يصطادها الصيادون ضئيلة جدًا وأوضاعهم مأساوية، ومساحة الصيد المسموح بها صغيرة ولم يتم تفعيل ما نصت عليه اتفاقية القاهرة بعد العدوان الأخير حول توسيع مسافة الصيد إلى 12 ميلًا بحريًا.
وقال عياش إن مضايقات جيش الاحتلال بحق الصيادين تتكرر بشكل يومي سواء بإطلاق النار، أو باعتقال الصيادين ومصادرة قواربهم ومعداتهم، بالإضافة لإغراق بعض القوارب، وتهدد مواسم الصيد المختلفة.
وأوضح أن انتهاكات الاحتلال بحق الصيادين أدت إلى تقليص أعداد العاملين في قطاع الصيد البحري، مشيرًا إلى محاولات الاحتلال إفراغ البحر من الصيادين ومحاربتهم في لقمة عيشهم، وممارسة الضغط الاقتصادي عليهم بشكل كبير.
وأضاف عياش: "الاحتلال يمنع توريد مادة الفايبر غلاس اللازمة لتصنيع مراكب الصيد، كما أنه يمنع إدخال المراكب والمولدات"، لافتًا إلى أن أي مركب أو مولد يتم تدميره لا يتوفر بديل له، وهذا كله يصب في خانة تركيع هذه الشريحة اقتصاديًا.
ونوّه عياش إلى أنّ الاحتلال يحتجز منذ سنوات طويلة، أكثر من 80 مركباً للصيد، بينما دمر 8 مراكب بشكل كلي وأصاب نحو 60 بأضرار جزئية، منذ العدوان الأخير على غزة.
وشنت قوات الاحتلال البحرية 129 اعتداء على الصيادين في عرض البحر المتوسط خلال العام الفائت 2014، ابتداءً من كانون الثاني/ يناير وحتى كانون الأول/ ديسمبر، نجم عنها استشهاد صياد واحد، وإصابة 14 آخرين بصورة مباشرة، واعتقال 47.