قائمة الموقع

منطقة غزة القديمة.. المال يطغى على التاريخ

2015-05-06T08:11:35+03:00
IMG_6040
الرسالة نت - محمود هنية

هي غزة الغريقة، على ربا أرضها ترعرعت قيم الحضارات المختلفة، حتى باتت شاهدًا لحقب التاريخ المتعاقبة على هذه المعمورة، تختصر مسافات الزمن، بعدما غدت موطئًا لجيوش الفاتحين وبوابة للقيادات التاريخية على مر الزمان، وكانت معقلًا حاميًا للعقائد والأديان حيث يجاور الهلال الصليب!.

هنا جنوب حي الزيتون وما يطلق عليها بـ"غزة القديمة" تحديدًا، قصة وحكاية لها بداية مشرقة ونهاية تبعثرت فيها الطرق فعادت محرقة، وشواهدها شديدة المرارة على نفس كل فلسطيني يعتز بأرضه وتربه وتاريخه.

عدسة "الرسالة" تجولت في أزقة وشوارع الحي القديم، لتسلط الضوء على تاريخ بات يفقد بريقه، ويأذن بغياب فجر جميل، فهي بيوت شامية قديمة ضاربة في جذور التاريخ لم يعد لها أثر على الخارطة، هنا كانت بيوت الصالحين وموطن قدم الفاتحين قبل أن تتحول لمحال تجارية بفعل حسابات الثروة والمال.

نبيل صلاح المزيني (54 عام)، واحد من هؤلاء الذين ورثوا عن آبائهم بيوت الأجداد، وقد مر على تأسيسها قرون عدة، حيث يقطن في شارع بـ"رأس الطالع"، وبيته أشبه بالبيوت الشامية التي كانت تعرض في المسلسل السوري الشهير "باب الحارة".

يقول المزيني لـ"الرسالة" ورثت كنزًا تاريخيًا من آبائي لا يمكن أن أتنازل عنه، وكل جدار في البيت قصة عشتها معه، ولا يمكن التفريط فيه مهما كان الثمن".

منزل المزيني هو البيت الوحيد الذي بقي محتفظًا بالعبق التاريخي، فهو محاط ببيوت أثرية تحولت جدرانها إلى ركام، وباتت موطنًا لقمامة الحي ومسكنًا للجرذان والقذارة.

يقول المزيني، إن أصحاب هذه البيوت أغلبهم هجرها قبل عقود عدة، ولم يعد يأتي إليها أبدًا، فيما تركت رهنًا لعوامل الزمن التي كفلت بهدمها وتدميرها.

وأشار المزيني، إلا أن عددًا آخر من أهل المنطقة فضل الثروة والمال على حساب التاريخ، فشرع بهدم منزله وحوله لمجمع تجاري في منطقة تعد منطقة اقتصادية مهمة.

ويشارك الحاج "أبو محمد" أحد سكان المنطقة المزيني شهادته، فيقول إن عددًا من سكان المنطقة ترك بيته منذ عقود، وباتت جدران بيته ركام بعضه على بعض، إضافة إلى لجوء بعض العوائل إلى هدم منزلها بغية تحويله الى مركز تجاري للاستفادة منه.

وشكا الرجلان من عدم اهتمام الجهات المختصة توفير الرعاية والترميم لبيوتهم الأثرية، فيما أوضح المزيني أن ثمة صعوبات جمة يواجهها في عملية الحفاظ على ترميم بيته الذي يتعرض لعمليات نحت كبيرة بفعل تقادم عوامل الزمن.

أمّا الجهات المختصة المتمثلة بوزارة السياحة والآثار فعزت عدم اهتمامها إلى قلة الموارد المالية، مشيرة إلى استحالة شراء هذه المنازل للحفاظ عليها لما تحتاجه من أموال باهظة.

وقال الدكتور محمد خلة وكيل الوزارة إن القانون يحتم على عدم التفريط بتلك المناطق الأثرية ووجوب حمايتها، غير أن المشكلة تكمن في عدم القدرة على شراء تلك البيوت أو تعويض أصحابها.

وأوضح أن غزة تحتوي مناطق أثرية عدة تكتشف يومًا بعد يوم، داعيًا المؤسسات الدولية ذات العلاقة بالمساعدة في حماية الممتلكات الأثرية.

فرص للاستثمار

من جهته قال مهند النونو مدير مؤسسة فسحة للسياحة إن هذه المنطقة التاريخية فرصة كي تزورها وفود مسيحية وإسلامية للتعرف على الآثار الموجودة بها، لا سيما وأنها بالمقربة من مسجد العمري الكبير ومسجد كاتب ولاية التاريخين، إضافة لكنائس الروم والأرثوذكس القانطتين بالمنطقة نفسها.

وأكدّ النونو عدم مقدرة الجهات والمؤسسات السياحية تفعيل الجانب السياحي بهذه المنطقة، نظرًا لعدم توفر النظافة فيها، معتقدًا أن استثمار المنازل برؤية اقتصادية يمكن أن توفر عاملًا مهمًا ورافدًا اقتصاديًا قويًا، أمام ما يتم تدميره بدعوى توفير روافد اقتصادية أخرى.

من جانبه، قال يعقوب الغندور رئيس دائرة الفتوى والتشريع بالحكومة الفلسطينية بغزة، إنّ الدائرة رفعت قانونًا للمجلس التشريعي حول حماية الآثار الفلسطينية، موضحًا أن القوانيين المعمول بها في قطاع غزة هي ما زالت من القوانين البريطانية التي وفرت غطاء لتدمير المناطق الأثرية.

وأكد أن الاحتلال كان حريصًا أشد الحرص على تدمير وهدم المناطق والبيوت الأثرية، من أجل نزع أي صفة تاريخية عن هذا الشعب.

اخبار ذات صلة