على غير العادة، تصر السلطة الفلسطينية على إجراء تعديل وزاري ولكن شرط موافقة خصمها السياسي حماس هذه المرة.
ورغم ان الحديث عن التعديل الوزاري ليس جديدا بل مستمر منذ أشهر، خصوصا بعد استقالة وزير الاقتصاد وتولي أكثر من وزير عدة حقائب وزارية، إلا أن مراقبين رأوا في تصريحات قيادات فتحاوية بضرورة موافقة حماس على التعديل مناورة سياسية يهدف رئيس السلطة محمود عباس من ورائها كسب رضا المجتمع الدولي الذي بات يضيق الخناق عليه بسبب غزة.
أبو مازن الذي كان قد استخدم التعديل الوزاري خلال الفترة الماضية كورقة ضغط وابتزاز سياسي ضد حماس، بات الوضع الإقليمي يتحرك عكس مصالحه بعد أن وصلت الحكومة الفلسطينية رسالة من الاتحاد الاوروبي بأنه سيتوقف عن دفع اموال للموظفين الجالسين في بيوتهم في حال استمر وضعهم على حاله.
ويرى مراقبون أن العقبة الأساسية ليست في شكل الحكومة ولكن في سياساتها التي تحتاج لتعديل، لذا فإن ذلك التعديل يدلل على المناورة وحجم التناقض لكونها غير موجودة على أرض الواقع في غزة بل ساهمت في تغذية الانقسام بتواجدها في الضفة وتجاهلها للقطاع.
من غير المستبعد أن تشهد غزة زيارة قريبة لرئيس الوزراء رامي الحمد لله ووزراه في ظل الحديث عن تهدئة وتقارب حمساوي سعودي في محاولة لكسب مزيد من الوقت بفرض شروط جديدة في قضية الموظفين والمعابر.
وفي ذات السياق أشارت مصادر مختلفة أن الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية اتفقوا على ان يقوم مسؤول ملف المصالحة عزام الاحمد بالتواصل مع حركة حماس فيما يخص التعديل الوزاري المرتقب.
واشارت مصادر قيادية مختلفة إلى انّ الجهود الدولية تنصّب في المرحلة الحالية نحو اعادة دمج المؤسسات الفلسطينية في غزة والضفة مع الاخذ بعين الاعتبار ضرورة ابرام اتفاق تهدئة طويل الامد مع الفصائل في غزة.
كما أن التهدئة التي تتضمن قرارا بتسهيل الإعمار عن طريق مكاتب تمثل بعض الدول لتشرف على تنفيذ العديد من المشاريع كقطر، تخشى السلطة أن تفوت عليها فرصة السمسرة المالية من تلك المشاريع والتي تعد بمثابة البقرة الحلوب التي ستدر عليها أرباحا طائلة في حال لم تكن جزءا من الاتفاق.
المحلل السياسي الدكتور عثمان عثمان رأى أن الحديث عن التعديل الوزاري ليس جديدا، مشيرا إلى أن حماس ارتكبت خطأً قاتلًا حينما وافقت على الحكومة بشكلها الحالي وهو ما نتج عنه تقصيرها اتجاه غزة.
وبين أن رئس السلطة معني بموافقة حماس على الحكومة التي ستأتمر بأمره وتنفذ سياساته ليظهر للعالم أن ما يقدم عليه هو بالتوافق، داعيا حركة حماس إلى اختيار شخصيات وزارية فاعلة وقادرة على اتخاذ القرار والحديث عن الأخطاء رغم صعوبة ذلك.
ويعتقد عثمان أن حماس ستوافق على التعديل الحالي والتي لن تغير من سياسات الحكومة، وبناء عليه ستتمكن السلطة من الحديث عن موافقة حماس على أيا من قرارات الحكومة.
وبحسب عثمان فإن رئيس السلطة معني بإشراك الحكومة في أي انجاز لحماس خاصة على صعيد اتفاق التهدئة أو صفقة التبادل.
ويشار إلى أن الحكومة ستسعى ليكون من مهامها إدارة أي اتفاق مع الاحتلال، كقضية الإشراف على الممر البحري بصفتها الجهة التي تحكم القطاع فعليا أمام العالم.
ونصح عثمان بإيجاد توازن في القوة بين الطرفين في أي حكومة قادمة بحيث لا يستطيع أي طرف حسم الأمور لصالحة وحده دون الآخر، مبينا أنه في حال عطل أحد الأطراف مصالح جزء من الوطن يتمكن الطرف الأخر تعطيل الجزء الثاني من خلال حصته في الوزارة وبذلك يمكن القضاء على الانقسام.