قائمة الموقع

مقال: معادلة القوة والمستقبل في الساحة الفلسطينية

2015-05-21T04:54:03+03:00
الكاتب إبراهيم المدهون
بقلم: إبراهيم المدهون

لا يخلو يوم من الأيام دون أن يطلق أحد قيادات السلطة تصريحا يحمل في طياته الكثير من التهديد والوعيد ضد حركة حماس في حال استمرت بموقفها، فقيادات فتح حتى اللحظة يعيشون على تراث الماضي حينما تفردت الحركة واحتكرت القرار الفلسطيني، وكان بيدها سطوة معاقبة أي طرف فلسطيني يحاول منازعتها الأمر، الان المعادلة الداخلية الفلسطينية تغيرت، لهذا لا يؤخذ تصريح السيد عزام الأحمد على محمل الجد حينما يقول لن نسمح باستمرار الوضع كما هو، وسوف نتخذ القرارات اللازمة بعد تلقي الردود الواضحة من حماس".

فلم يعد التعامل بهذه النفسية المتعالية والاقصائية؛ غير المُقدرة لطبيعة القوى ودورها في الساحة الفلسطينية مجديا، ففي مقولته ومقولة عشرات القادة والمتحدثين نَفَس بعيد عن الشراكة والعمل الوحدوي المثمر، كما أنه متجاهلا للمعادلة الجديدة.

أعتقد أن سلطة الرئيس عباس لا تملك خيارات وأوراق قوة يمكن استخدامها ضد حماس اليوم، وهي في العادة ومنذ الانقسام الفلسطيني تعتمد دوما على غيرها في الضغط على الحركة، فتقوم بتحريض النظام العربي الرسمي عليها ليتخذوا خطوات ضد حماس وهذا ما فعلته مع النظام المصري، وتستغل علاقتها وتنسيقها مع الاحتلال بتضييق المسام وأي انفراج على السكان المحاصرين في غزة، كما أن الرئيس عباس استخدم كل ما يمكن استخدامه لإبعاد وإزاحة حركة حماس عن المشهد الفلسطيني، ومع ذلك اخفق في اقصائها وبقيت حماس عنصرا فاعلا ومؤثرا ومركزيا في رسم أي المعادلة الفلسطينية.

كما أن النظام العربي الرسمي والذي اعتمد عليه الرئيس عباس في مرحلة ما بدأ يتغير، فهناك ترتيبات مستجدة عنوانها التقارب مع حماس وتفهمها وقبولها في خارطة الترتيبات الجديدة، لهذا الرئيس عباس قلق من فقدان هذه الورقة، وحماس من جهتها تسعى بجدية لترتيب علاقتها مع النظام العربي الرسمي وخصوصا السعودية ومصر رغم تعقيدات ذلك.

كما أن حماس اليوم خرجت من مواجهات عسكرية متتالية أقوى وأشد من ذي قبل، فقد فشل الاحتلال بإلحاق الهزيمة العسكرية لحركة حماس وأضحى يتعامل مع واقع جديد فيه قوة متنامية سياسيا وعسكريا، واليوم هناك فكر جديد حتى داخل أروقة الاحتلال للتعامل مع حماس بطريقة أخرى مع تجنب مواجهتها عسكريا، كما أن عقولا أوروبية مهمة أضحت مقتنعة أن احتواء الحركة والتعامل معها اقل تكلفة من معاداتها وحصارها.

بالإضافة أن حركة حماس وصلت لمرحلة من النضج السياسي والتجارب المتراكمة والقوة التنظيمية والعسكرية والتمدد الجماهيري الواسع ما يؤهلها لإطلاق مبادرات وازنة، ولعب أدوار مركزية في أي سياسات مقبلة.

المطلوب الآن من الرئيس محمود عباس ومنظمة التحرير التفكير جديا بتغيير النظرة وطرق التعامل مع حماس، وفتح أبواب المنظمة لهذه الحركة القوية والتي تسعى للعب دور وطني كبير في المراحل المقبلة، وأجدها مؤهلة وقادرة على ذلك.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00